لكنّ هذا العام يختلف يا "سانتا"

لكنّ هذا العام يختلف يا "سانتا"

23 ديسمبر 2019
+ الخط -
كما كلّ عام، ينتظِر الأطفال "سانتا" صاحبَ اللحية البيضاء، وعربة الهدايا والفرح، وكغيرهم اعتادَ أطفالُ فلسطين الانتظار، لكنّ هذا العام سيكون مختلفًا؛ إذ لن ينتظر أطفال فلسطين هداياه، بل سيلبسونَ زيّه الشّهير ويأخذون دوره علّ العالم يسمعهم أو يلتفت إلى حقوقهم.

في هذا العام الذي يحتفلُ كل منزلٍ فلسطينيّ فيه بتزيين شجرة عيد الميلاد، ليجعلها رسالةً لشعوب العالم أجمع أنّنا شعب يريد السلام، والعيش كباقي شعوب العالم الحر، سيزين أطفالنا هذا الشّجر ببقايا القنابل السامّة والرصاص بمختلف أنواعه، الذي أطلقته آلة الاحتلال عليهم أثناء ذهابهم وعودتهم من مدارسهم وتجمعاتهم البريئة..


سيزين أطفال فلسطين شجرة عيد الميلاد بصور الأسرى البواسل الذين دافعوا عن كرامة وطنهم وعائلاتهم، وربّما يزيّن طفلٌ الآن شجرته بصورة والده الذي لم يعانقه، فقد خرج إلى الحياة ووالده يقبع في سجون الاحتلال، وسوف يكبر أيضًا ويدرس، ويشكل أسرةً، وينجب أطفالًا آخرين لم يعانقوا جدّهم.

في هذا العام أيضًا، ثمّة أطفالٌ أسرى في سجون الاحتلال يتجاوز عددهم المئات، جميعهم سيحفظونُ ما قاله محمود درويش عن ظهرِ قلب: "نُحبّ الحياة"، وننشُدُ العيشَ الكريمَ والحُر، سيطالبونَ بأصواتهم الغضّة المجتمع الدّوليّ بإنهاء الاحتلال، الذي يحولُ بينَ طفلٍ ولعبته، بين طفلٍ وأمّه وأبيه.

هذا العام، ستحملُ المرأة الفلسطينية - الخنساء أمنيتها بأن يحيا طفلُها الوليد ويكبر أمامَ عينها، وأمنيتها بمستقبلٍ لم تشوّهه الطائِرات، ولم يتخرّقه الرّصاص.

السّيد "سانتا" العزيز، سوف يدعوك أطفال فلسطين لتشاركهم احتفالاتهم ضيفًا عزيزًا؛ لذا لا تغضب إن أوقفتك آليّة الاحتلال وأنتَ في طريقك لنشر السعادة والسلام، لا تغضب إن استنشقتَ الغاز المسيل للدموع أو داهمتك رصاصة في الطّريق إلى بيت لحم، ولا تغضب إن أوقفك حاجز احتلالي لساعات طويلة، أنتَ ورجل مُسن، وامرأة، وطفل، ورجل دين، وطلبوا منكم الرّجوع من حيثُ أتيتم؛ لأنّ مزاجهم اليوم يشوبه البطش والقلق، ستهرعُ يا "سانتا" إلى القدس عندها، ولن تجد إلّا صورتها المعلّقة فوق الجدار هي والمآذن وأجراس الكنائس وصلبانها، فمن سيفهم أنّك تنشرُ المحبّة والسّلام في أرض الله؟

لكن عندئذٍ لا تقلق؛ لأنك ستجد أطفال فلسطين قد أحاطوك من كل جانب، وأعلوكَ لتتجاوز بعربتك هذا الجدار، واستنشقوا الغاز عنك، ولتلتقط مع كلّ طفل صورةً واحدة، وإن عدت في العام القادم ولم تجد أحدهم في الزّقاق، فصلّ ليعم السّلام هذه البلاد، ولترتاح روحه، وليتحرّر إخوانه في الطّفولة والمحبة.