لقمة القاضي وأصابع زينب

لقمة القاضي وأصابع زينب

03 يناير 2019
حلويات تنتشر في فصل الشتاء (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يصطف الزبائن أمام أكوام "العوامة" و"أصابع زينب"، وهما من الحلويات "الشتوية" الشهية ذات اللون الذهبي الداكن، الغارقة في القَطر (السُّكّر السائل)، والمنتشرة في محال بيع الحلويات في مختلف مناطق قطاع غزة.
الإقبال على هذا الصنف من الحلويات ذات الأسعار الشعبية الزهيدة يزداد مع دخول المنخفضات الجوية، ودخول فصل الشتاء، إذ يستعيض الأهالي بسعراتها الحرارية المرتفعة، لمدهم بالطاقة والحيوية اللازمتَين لمواجهة البرد وانخفاض درجات الحرارة.
وعلى الرغم من التأثير السلبي للأوضاع الاقتصادية على الحركة التجارية عموماً في قطاع غزة المُحاصر منذ 12 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن ذلك لا يؤثر على شعبية تلك الحلويات الشهيرة، والتي يلجأ إليها الصغير قبل الكبير في القطاع.
وتُعتبر أصابع زينب، والعوامة أو "لقمة القاضي" أو "اللقيمات" والتي انتشرت في القرن الثالث عشر الميلادي في عدد من الدول العربية، حلوى سهلة التحضير، تقدم على هيئة كرات ذهبية هشة تذوب في الفم.
"فش أكلة بتستحي من أوانها"، بهذه الكلمات وصف الحلواني الفلسطيني محمود الحطاب من حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، بدء موسم الحلويات الشتوية، وازدياد إقبال الزبائن على طلبها مع انخفاض درجات الحرارة.
ويضيف الحلواني الحطاب لـ"العربي الجديد": "بدأ والدي بالعمل قبل خمسة عقود في صناعة مختلف أنواع الحلويات، ونقل هذه الحرفة إليّ أنا وإخوتي (..) هي مصدر رزقنا الوحيد".
أما في ما يتعلق بأصناف الحلويات التي يتم صنعها، فيقول: "نصنع جميع أصناف الحلويات الشرقية الشهيرة، مثل الكنافة العربية، الكنافة النابلسية، الكنافة الإسطنبولية، الكُلاج، النمورة، الأساور، البقلاوة، عش البلبل، العوامة، أصابع زينب، القطايف، الغريبة، والنمورة وغيرها".
وعن مكونات صنع حلويات العوامة، يوضح: "تتكون من الطحين الأبيض، النشا، السكر، الخميرة"، أما طريقة عجنها، فتبين أن المكونات تعجن بماء دافئ لتخمير العجين، ومن ثم تركها مدة عشر دقائق"، أما "أصابع زينب" وهي أكبر حجماً، فيقول أنها تتكون من "الطحين الأبيض، السميد الخشن، الزيت النباتي، السكر، الخميرة، ويتم كذلك عجنها بماء دافئ وتركها مدة ربع ساعة، وتقطيعها بعد التخمير".
ويبين الحلواني الحطاب أن بداية عجن وصناعة العوامة وأصابع زينب – المشهورة في حلب – تبدأ من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، حتى بداية شهر إبريل/ نيسان من كل عام، مبيناً أن الأوضاع الاقتصادية تتحكم في حركة السوق، إذ يزيد الإقبال مع نزول رواتب الموظفين، وفي المناسبات، والمنخفضات.
أما شقيقه الأكبر، إياد الحطاب (46 عاماً) وهو خريج بكالوريوس إدارة مالية وأب لعشرة أبناء وبنات، فيقول إنه بدأ العمل في الحلويات منذ عام 1985م، في المحل الذي قام والده بافتتاحه برفقة عمّه قبل 60 عاماً، مضيفاً: "كنت مأخوذاً بعمل والدي، وهذه المهنة التي أعتبرها من أجمل المهن التراثية القديمة – الجديدة".
ويوضح لـ "العربي الجديد" أن المصنع في البداية كان يدوياً، إلى أن تحول بعد فترة للعمل على الماكينات الآلية، إذ كان العمل بها أسهل من العمل اليدوي، إلى جانب مساهمة الماكينات في زيادة العملية الإنتاجية.
ويعدد الحلواني أبو رزق الحلويات التي يزيد الإقبال عليها في الشتاء قائلاً: "أكثرها العوامة، أصابع زينب،، الغريبة، النمورة"، نظراً لسعراتها الحرارية المرتفعة، والطاقة التي تمد الجسد بها، مبيناً أن الإقبال على هذا الصنف من الحلويات يكون أكثر من الإقبال على الفواكه التي تصبح باردة مع دخول البرد، واشتداد الأمطار.
أما في ما يتعلق بالسر وراء إقبال المواطنين على هذا الصنف من الحلويات، فيوضح أنه "إلى جانب أنها حلويات لذيذة، كذلك فهي ذات أسعار متواضعة وفي متناول يد الجميع، إذ يتراوح سعر الكيلوغرام منها بين 8 – 12 شيقلا (الدولار 3.72 شواقل)، ما يدفع مختلف الطبقات إلى شرائها والاستئناس والاحتماء بها من البرد.

والعمل في صناعة الحلويات بمختلف أصنافها يمثل "شريان الحياة" بالنسبة للحطاب ولعائلته، وهو الذي يوضح أنه "ورث حب هذه المهنة التراثية والتي باتت مصدر رزقه الوحيد عن والده وأعمامه، وأورثها لأبنائه".
ويقول ابنه رزق لـ "العربي الجديد" إنه أحب مهنة الحلواني، وبدأ بمرافقة والده منذ الصغر، مضيفاً: "الإقبال يصبح لافتاً على عدد من أصناف الحلويات مع انخفاض درجات الحرارة، ما يدفعنا إلى زيادة الطاقة الإنتاجية، وبذل المزيد من الجهد".

دلالات

المساهمون