لقاء اليافطة ..الشارع هو البداية ولا نهاية لتلك القصيدة

لقاء اليافطة ..الشارع هو البداية ولا نهاية لتلك القصيدة

20 فبراير 2015
تحضيرات اليافطة (العربي الجديد)
+ الخط -
اجتمع أعضاء "لقاء اليافطة" على أنّ الثورة لا تبدأ إلّا من خلال الثقافة، الأدب والفن. فالثورة التي يراها ويرويها هؤلاء، "لن تكون متلفزة.. لكنها ستكتب بكل الأقلام، وبكل اللغات".

هذا ما قاله لـ "العربي الجديد" أحد الشباب الذين حضروا إلى النشاط الأخير الذي نظّمه اللقاء مؤخراً على شكل أمسية، ضمّت 11 من المؤدين لمقاطع من كتاباتهم، ترافقت أحياناً وقطعاً موسيقية.

هذا إلى جانب استضافة مؤلف ومؤدي الراب مازن السيد (الراس) في هذه الأمسية بالذات، والذي أضاف بدوره صخباً مختلفاً ومزيداً من التنوّع، أضف إلى حضور كُتّاب ومؤدين من اللغتين العربية والإنكليزية.

أما عن بدايات اللقاء، فيحدّث إحسان العظمة "العربي الجديد"، وهو من مؤسسي اللقاء بالقول: "ربما لم يكن ليخطر ببال أحد أنّ اللقاء الذي بدأ بالصدفة في أحد زواريب الحمرا، قد يتوسّع ويأخذ بالانتشار ويذيع صيته بين أواسط الشباب والمهتمين منهم بالنشاطات الأدبية بالذات. لكن الاجتماع الذي عُقد في وقتٍ سابق سرعان ما انتقل بعامل الحماسة التي رافقت المؤدين إلى شارع الحمرا الرئيسي، وكما نيتنا الاستمتاع قليلا ندعو به بعض الأصدقاء ممن يهمهم أن يسمعوا ويلقوا كلاماً، انتقلت لاحقاً إلى تنظيم سلسلة من الأمسيات التي ضمّت في كثير من الأحيان فرقاً موسيقية وفنانين تشكليين شباباً".

الحدث الذي بدى عفوياً أولاً سرعان ما تحوّل إلى حُلم، وأخذ يتبلور تنظيماً في رأس عقل اليافطة المدبّر (كما يحلو للبعض وصفه) محمد حديب، الذي لطالما استوحى كلماته من مدينة بيروت ببساطتها وتعقيدها في آن معاً. كان قد اختار الشوارع عنواناً لمدوّنته المطبوعة باللغة المحكيّة. أما اليوم، وعلى الرغم من غيابه في نيويورك لإتمام دراسته، فهو يتابع عن بُعد حلماً له يتحقق، فيما لا يكاد يخلو حديث أحد من أعضاء اللقاء أو متابعيه عن حلم اسمه اليافطة إلّا والمرور بفضله في تأسيس هذا اللقاء.
"جاءت حادثة تجمعنا للإلقاء في الشارع بعد أن كُنت قد دعيت محمد حديب ضيفاً إلى إحدى الأمسيات التي نظّمتها بالتعاون مع جريدة حبر آنذاك، وأصبح منذ ذاك الحين أخاً وصديقاً. حملت علاقتنا الكثير من التجارب والرمزيات. هذا إلى جانب رغبتي، وكما كل أصدقائه، أن يعيشوا معه حلمه يتحقق وأن يشرف عن قرب على تحقيقه"، ينهي العظمة كلامه.

"عن التحضيرات واللقاءات التي كانت تُعقد وراء الكواليس، فقد كانت مستمرة بشكل، حتى أخذت طابعاً شبه أسبوعي في إحدى المراحل. ورش العمل كانت تقتصر في حضورها على فريق اللقاء غالباً، بوجود بعض الضيوف أحياناً بهدف الاستفادة من خبرتهم ونقدهم. فبعد القراءة، تبدأ ملاحظات الموجودين كل حسب رؤيته، سواء على المحتوى وأسلوب الكتابة، والقراءة، ولغة الجسد والتقديم".

هذا ما قالته فرح عريضي لـ "العربي الجديد"، موضحة أنّ تجربتها الأولى في اعتلاء المسرح، كانت من خلال لقاء اليافطة. وهي التي كانت خجولة على المسرح حد التلعثم، بدت ممتلكةً المسرح في الأمسية الأخيرة بعدة نصوص باللغة الإنكليزية. تُعتبر فرح أحد أعمدة هذا اللقاء، فهي إلى جانب كونها عضواً مؤسساً في اللقاء، فهي المحرّرة الرئيسية للغة الإنكليزية.

أما عاصم بزيّ، فقد كان شاهداً على مراحل تطوّر اليافطة، وهو تلميذ في الأدب الإنكليزي. أمّا ما دفعه بالدرجة الأولى للانضمام إلى اللقاء، فهو انجذابه للحماسة التي يؤدي به محمد حديب نصوصه على المسرح باللغة العربية المحكيّة. وفي ذلك يقول: "التقيت به عن طريق الصدفة، وأحسست أن له (كاريكتر) خاصاً وشعبية كبيرة في الوسط الشبابي الذي ننتمي إليه كلانا. وبعد أن قرأنا بعضاً من كتاباتنا، أخذ يُحدثّني عن مشروعه لإحداث ما سماه حركة قلميّة، قوامها مجموعة من الكتّاب الشباب الذين يحاولون شقّ طريقهم بالكتابة والتعبير الأدبي. يومها، كان الحُلم أن يصبح لكل منهم مسرح وجمهور يسمعه وينتقده ويُصفّق له".

إن كان في ما سبق من اختلاف اللغة دلالة على شيء، فهي أولاً في أن الجامع الأكبر والأبرز بين المؤدين أنّهم ومهما اختلفت خلفياتهم الثقافية، فإنّها لا تقف في وجه تحقيق حلمهم المشترك، والذي هو بصيغة أو أخرى نضالُ الأدب والفن من أجل التغيير على أنواعه.

ويزداد عدد متتبعي اللقاء طرداً مع عدد المشاركين أو المؤدين فيه والداعمين له، والذين بدورهم يزدادون إيماناً به كمشروع لهم في التعبير عن أنفسهم، وقضاياهم اليومية التي يعيشون، ناقلين بذلك من خلال الكلمة خصوصاً وأنواع الفنون عموماً، تجاربهم ووجهات نظرهم في القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية على حدٍ سواء.

أمّا وفيما يدخل اللقاء عامه الرابع، فقد لاقى اللقاء الأخير رواجاً وصيتاً واسعاً، وتحقيق نجاح كبير. ولا يُخفي أيٌ من أعضائه والحاضرين أنّ الفضل بذلك، يعود لجهود الشباب المتحمّس، والذين كان بزيّ في طليعتهم.

يبدو أنّ أجمل ما في هذا الجمع، التفضيل الدائم عند كل فردٍ منهم للغير وجهوده. "هل يمكن للشخص أن يكتب، إن كان لا يقرأ؟ لقاء اليافطة هو مجموعة وليس حركةٌ فردية، بنيناها معاً. هذا هو لقاء اليافطة بالنسبة لي، لا أكثر ولا أقل، هو تجربة"، ختم بزّي.

"كُنت سعيداً جداً عندما اجتمعت بأشخاص يشبهوني في المجال الفني، بدءاً من ورش العمل التي تضيف نكهة إلى نتاج هذه المجموعة سأسميها (تنمية شعرية)، وليس انتهاءً باللقاءات الرسمية التي أتعرّف من خلالها كل مرة على أناسٍ جدد بطبائع فنيّة مختلفة"، هذا ما قاله مجد شدياق، عضو في اللقاء.

أما محمد حلواني، فقد اعتلى المسرح المتواضع الذي صنعه المشاركون، في أمسية نُظِّمت في قهوة يونس - شارع الحمرا، وهي القهوة نفسها التي كان قد تعرّف أثناء جلوسه المتكرّر فيها إلى معظم أعضاء اليافطة. أما وفي هذه الأمسيّة بالذات، فقد قرّر أن يقرأ للمرة الأولى بعضاً مما كان قد كتبه بغير نيّة مشاركته مع أحد.

دلالات

المساهمون