لحية ماركس يشع منها النور

لحية ماركس يشع منها النور

22 يوليو 2018
+ الخط -
كان أعمامنا الأكارم الجالسون في فيء جامع الساحة يتحدثون عن سوء حظهم الذي جعل أبناءهم ينحرفون وتصبح سمعتهم مثل الزفت والقطران. العم "أبو فيصل" بقي ساكتاً طيلة الوقت، لا يتدخل بأي حديث له علاقة بسوء تربية الأبناء، أو بقلة تربيتهم وناموسهم..

ولكن الأصحاب لم يتركوه بحاله، وطلبوا منه أن يحدثهم عن ابنه الوحيد فيصل، وعن سلوكياته في البيت وخارجه.. فقال:
- أنتم أبناءُ بلدتي الصغيرة، ومع ذاك لا تعرفون عن ابني فيصل شيئاً، وهذا دليل على أنه إنسان عاقل ومربى وابن حلال.
قال أبو مراد: نعم سيدي، نعم، والإنكليز عندهم متل يقول (إذا كان ما في خبر، فهذا خبر جيد).


قال أبو فيصل: صدقت يا أبو مراد. والحقيقة أن ابني فيصل صار عمره خمس وعشرين سنة، ولم يطرق بابي أحد ليشكوه إلي، أو ليخبرني بكلمة سيئة واحدة عنه. ولكن الذي حصل معي مؤخراً هو شيء يضع العقل في الكف!

فبينما أنا عائد إلى البيت، بعد صلاة العصر، إذ استوقفني واحد من المحبين، شرواكم، وقال لي:
- يا أبو فيصل، دير بالك، ترى ابنك صاير (شوعي)!
قلت له: ما فهمت. أيش يعني شوعي خيو؟
قال: يعني كافر، من جماعة كارل ماركس، اللهم عافنا! وهادا كارل ماركس ما حد حط إيده في إيده إلا وخرب بيته.

يا جماعة، أنا، لما سمعت هالحكي، كان في رأسي عقل ولكنه (طَقّ). وعلى الرغم من الربو ووجع المفاصل، وجدت نفسي أركض إلى البيت مثل المهابيل، ودخلت على ابني فيصل غرفته من دون أن أنقر الباب عليه، و(طحشت) عليه على مبدأ (يا هالك.. يا مالك.. يا قباض الأرواح).

كان يحمل في يده كتاباً عليه صورة رجل له لحية يشع منها النور. قلت له:
- مين هالإنسان المحترم اللي راسمين صورته على هالكتاب؟
قال لي: يا بابا، هاي صورة كارل ماركس!

وقتها استغفرت ربي، وطبطبتُ على كتفه وقلت له:
- بسم الله الرحمن الرحيم، إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. ما شا الله على هاللحية! اللهم صل على أشرف الخلق.. كل هاللحية ويقولون عن كارل ماركس إنه كافر؟.. يخرب بيت الناس، إش ذمتهم واسعة!

دلالات

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...