ماذا سيفعل لبنان وسط الدول المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"؟ كيف ستكون مشاركته التي أكّدها وزير الخارجية جبران باسيل، الموقّع على البيان الختامي لاجتماع جدّة، والذي تعهّد الموقعون عليه بالمشاركة "وفق الإمكانات" بمحاربة التنظيم؟ ماذا عن مصير المصطلح المضحك الذي اخترعته بيروت في التعاطي مع الثورة السورية، أي سياسة النأي بالنفس؟ هل يسعى لبنان، من خلال التوقيع على مانيفستو الحرب، إلى إدخال سورية في التحالف المزعوم، ومشاركتها المعلومات الاستخبارية التي قد يحصل عليها من خلال مشاركته الغامضة؟
مَن يعرف زواريب السياسة اللبنانية، لا يستبعد أن يكون وزيرٌ كباسيل، المعروف أنه من الذين تولوا فتح أبواب دمشق أمام عمّه، ميشال عون، في صدد التذاكي والتحايل على واشنطن وحلفائها، لإدخال النظام السوري إلى صفوف التحالف الدولي من الشباك بعدما أخرجوه من الباب، وكأن استخبارات واشنطن ومعلوماتها عاجزة عن التقاط التصاق وزير الخارجية اللبناني بحكام دمشق، وكأن العالم بأسره لا يعرف أنه حتى بعد خروج الاحتلال السوري من لبنان في عام 2006، ظلّت العلاقات الأمنية اللبنانية ــ السورية بأحلى حلّتها، وهو ما حوّل، ولا يزال، لبنان إلى جحيم بالنسبة للمعارضين السوريين الهاربين إليه، وذلك قبل ولادة "داعش" و"جبهة النصرة" طبعاً.
لا شكّ أن باسيل، وهو جالس بين نظرائه في جدّة، يستمع إلى شرح جون كيري لخطط باراك أوباما، خطرت على باله مجموعة من الفانتازيات المحبّبة لديه: قد يدخل اسمي في خانة الشخصيات التي تجيد التقرب من الأميركيين بقدر الالتصاق بالسوريين والإيرانيين... وهل حكام بغداد أفضل مني؟ قد نقنع القائمين على التحالف بتوسيع أهداف الحملة للتخلص من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. قد يكون التحالف الدولي خطوتي الأولى في رحلة الألف ميل للوصول إلى رئاسة الجمهورية... لكن ماذا عن حزب الله وسط كل ذلك؟ هو بلا شكّ يأمل أن تنقذه الغارات المنتظرة من مستنقع "داعش" في جرود القلمون خصوصاً. لكن ربما يعرف أن التحالف سيبدأ بـ"داعش" لينتهي بحكام دمشق؟