لبنان: عاملون بمستشفى الجامعة الأميركية يحتجون ضد قرار طردهم

عاملون في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت يتحدثون عن كابوس طردهم

20 يوليو 2020
مطالبات للجامعة بالتراجع عن قرارها (Getty)
+ الخط -

نفذ مئات الموظفين والعمّال المصروفين من الجامعة الأميركية في بيروت وقفة احتجاجية، اليوم الاثنين، في المركز الطبي بمواكبة أمنية مشددة اعتراضاً على الطرد الجماعي الذي طاول أكثر من 700 شخص والذي من شأنه أن يهدد حياة عائلات كانت تعتبر هذه الوظيفة بمثابة طوق الخلاص الوحيد في ظلّ تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والنقدية في البلاد.

أمام المركز الطبي، وقف موظفون بوجوهٍ شاحبةٍ وخيبة أمل من إدارةٍ يرون أنها تخلّت عنهم في أصعب الظروف، هم الذين عملوا فيها لسنين طويلة وساهموا في بنائها وتطوّرها وتألقّها ونجاحاتها، وردّدوا هتافات تطالب بالتراجع عن قرار الطرد التعسفي وإعادتهم إلى العمل فلا ملجأ آخر لهم على الرغم من التعويض المالي الذي سيقدّم لهم.

يقول أحد العاملين في قسم العيادات الخاصة من المطرودين لـ"العربي الجديد"، إنه عمل في المستشفى لحوالي 13 سنة ونتيجة اصابته في الظهر والرقبة نقلَ من قسم العناية الفائقة إلى العيادات وتم إشعاره بقرار صرفه من العمل بواسطة ظرف تلقّاه لدى وصوله من دون أن يكون على علمٍ بهذا الإجراء.

ويشدد على أنّ المركز الطبي هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يعمل فيه اليوم باعتبار أنّ حالته الصحية تصعّب عليه إيجاد فرص عمل ولا سيما في ظلّ ارتفاع معدل البطالة وانعدام السوق التوظيفي، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر عليه كثيراً وهو المعيل الوحيد لأهله.

الصورة
عمال مطرودون (حسين بيضون)
تم التخلي عنهم (حسين بيضون)

وماكاد هذا العامل ينهي كلامه، حتى أتى زميله والدمع في عينيه ليقول لـ"العربي الجديد" إنّه طردَ من مكان عاش فيه أكثر من ثلاثين عاماً. أعوامٌ مكّللة بالتعب والاجتهاد والتضحية والمثابرة لم يبقَ منها سوى القليل قبل أن يصدر قرار الصرف الذي استبق سنّ تقاعده وحوّله تعسفياً إلى المنزل مكسوراً لا يقوى على مساعدة عائلته الصغيرة. ويضيف، "هناك وعود بمنحنا تعويضا لسنتين يصل إلى خمسين مليون ليرة، لكن هذا المبلغ لا يساوي شيئاً مقابل الأموال التي ندفعها على المواد الغذائية والأدوية والمصاريف اليومية خصوصاً أنّ الدولة لا تقدم الرعاية الصحية اللازمة، لذلك نريد العودة إلى عملنا وتراجع الإدارة عن قرارها".

الصورة
حرموا من وظائفهم في هذه الظرفية (حسين بيضون)
حرموا من وظائفهم في هذه الظرفية (حسين بيضون)

بدورها، تقول إحدى الممرضات التي صرفت أيضاً من عملها بعد عشر سنين، إنّ مطلبها اليوم البقاء في العمل وتراجع إدارة الجامعة الأميركية عن قرارها الذي يعد بمثابة طرد تعسفي من شأنه أن يحوّل حياة المئات إلى كابوسٍ من الصعب الاستفاقة منه. وتضيف، "حتى أن التعويض الذي وعدنا به معرّض للزوال في حال تم وضعه في حساباتنا المصرفية لأن البنك في هذه الحالة سيأخذ منه القسم المتوجب علينا من قروض، من هنا نريد أن نحصل على حقوقنا المادية مباشرة أي كاش كي لا يضع المصرف يده عليه".

الصورة
تسريح عمال لبنان (حسين بيضون)
القرار حوّل حياة المئات إلى كابوس (حسين بيضون)

وتلفت إلى أنّ الظالم في الموضوع، أنّ إدارة الجامعة قرّرت أن تطرق باب الفقير وتترك الميسورين وأصحاب الرواتب الخيالية في وظائفهم، وهذه الخطوة قاسية جداً وغير عادلة بحق أشخاص لا يملكون أي مدخول إضافي ولدى كلّ منهم ألف قصةٍ ومأساة، فهناك من يعيل والدته المريضة، وآخر يريد تأمين عيش كريم لزوجته وأولاده، وغيره من هو على أبواب زواج وتحطّمت كلّ أحلامه ومخططاته.

الصورة
تسريح عمال لبنان (حسين بيضون)
طالبوا الإدارة بالرجوع عن قرارها (حسين بيضون)

من جهته، أشار المحامي أشرف الموسوي من جانب المطرودين، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ التفاوض قائم ونحن نمد يدنا إلى الإدارة على الرغم من الطرد التعسفي، والمطلوب منها أن تتراجع عن قرارها أو تظهر لنا بوضوح وبشكل قانوني أنها متعثّرة مالياً، لأن من تخلّت عنهم لا يتقاضون شيئاً مقابل من أبقت على مراكزهم والذين تتخطى راتب أحدهم آلاف الدولارات. مشدداً على أن مطلبنا الأساسي اليوم هو تراجع إدارة الجامعة الأميركية عن قرارها.

الصورة
تسريح عمال لبنان (حسين بيضون)
طالبوا الإدارة بالتراجع عن قرار صرف العمال (حسين بيضون)

وفي السياق، شهد محيط الجامعة الأميركية في بيروت، الصرح الأكاديمي، وقفة احتجاجية لطلاب وأساتذة طالبوا الإدارة بالرجوع عن قرارها ودعوا إلى استقالة رئيس الجامعة فضلو خوري الذي على حدّ قولهم يتقاضى أجراً يغطّي لوحده رواتب المئات الذين صرفهم. وشدد المحتجون على أن الجامعة الأميركية لطالما كانت المكان الذي ينادي بحقوق العمال والمواطنين. من هنا الدعوة إلى سقوط سلطة رأس المال.

أما رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري فتوجّه برسالة صادرة عن مكتبه إلى أسرة الجامعة قال فيها، "لا يمكننا أن ننكر أن الأسبوع المنصرم كان صعباً علينا بشكل استثنائي حيث أجبرنا على خسارة 850 شخصاً من أفراد أسرتنا من خلال تسريح 650 موظفاً وعدم تجديد عقود 200 آخرين أو إحالتهم على التقاعد من دون استبدالهم".

وأوضح أنه "نظراً لعوامل وأسباب عدة، جاءت معظم حالات التسريح من مركزنا الطبي، وذلك من جميع المناصب، بمن في ذلك فريق الإدارة العليا السابق. لم يعمل المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت خلال العقد الماضي على زيادة الاحتياطيات اللازمة إلى أقصى حد ولم يكن التعامل بموضوع المصاريف كما يجب عند بدء الأزمة المالية اللبنانية في التصاعد خلال العام 2019. ومن أهداف المركز الطبي التطور لتزويد لبنان وشعوب المنطقة بعناية طبية عالمية للمرضى وبأحدث مستوى وفائق التطور، وهي مهمة سنستأنفها بحذر بمجرد استقرار الوضع الاقتصادي في لبنان والمنطقة. وفي ظل هذا الاقتصاد المتضائل إلى حد كبير، أصبح المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت يعاني من مشكلة كبيرة في التوظيف الزائد في العديد من الأقسام والوحدات، وهو أمر لا يمكن الاستمرار به ويجب معالجته على وجه السرعة".

الصورة
تسريح عمال لبنان (حسين بيضون)
تم الاستغناء عن خدماتهم (حسين بيضون)

وأشار خوري إلى أنه "قبل الوصول إلى هذا القرار، قمنا باستكشاف ودراسة جميع الطرق لخفض التكاليف وزيادة الفاعلية في الحرم الجامعي والمركز الطبي، بما في ذلك إغلاق الوحدات الجامعية ضعيفة الأداء. وقمنا بتقديم طلب تمويل إضافي من الحكومتين الأميركية واللبنانية والمؤسسات الخاصة والأفراد"، موضحاً أن "عدداً من الذين يشغلون مناصب قيادية عالية وبعض أعضاء هيئة التعليم والموظفين ذوي الأجور المرتفعة يساهمون في 10-20 في المائة من رواتبهم إلى الجامعة منذ أشهر عديدة. وأنا شخصياً أعيد 25 في المائة من راتبي منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. ولقد تم إلغاء أو تأخير مشاريع البناء الأساسية وتأجيل الصيانة وإلغاء السفر على نفقة الجامعة وتجميد التوظيف".

 

المساهمون