لبنانيون يخشون الألزهايمر

لبنانيون يخشون الألزهايمر

25 اغسطس 2020
زاد قلقه على طفلته (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

"أعتقد أنّني مصابة بالألزهايمر"، تقول ندى (42 عاماً). والألزهايمر هو أحد أنواع الخرف وأكثرها شيوعاً، يصيب الكبار عادة ويؤثر على الدماغ ويؤدي إلى تراجع قدرة الشخص على ممارسة نشاطاته اليومية. ما تقوله ندى ليس مُزاحاً بالنسبة إليها، فحين تردّ عليها صديقتها واصفة حالتها بالتوتر والقلق، تُصرّ على موقفها. لا تشكّ في أنها مريضة، وبالنسبة لها من غير المقبول أن يكون التوتّر مسؤولاً عن إلغاء أحداث كانت هي جزءاً منها، ثمّ تجد نفسها مضطرة إلى التبرير. قبل أيام من حدوث الانفجار في مرفأ بيروت، كانت تسأل زوجها عن تفصيل خاص بترميم المنزل، ليصدمها جوابه: "هذه المرّة الخامسة التي تطرحين عليّ السؤال نفسه". ومثل ندى كثيرون. لا يقتنعون أن التوتّر والقلق قد يُرهقان الدماغ إلى هذه الدرجة. كما أنّ العيش في بلد لا يؤمّن لمواطنيه الحدّ الأدنى من الأمان النفسي والاجتماعي، يجعل الراحة، ولو لبعض الوقت، شبه مستحيلة. والراحة هنا هي البعد عن مسبّبات التوتّر حصراً.
يعاني نديم (35 عاماً) من عوارض مشابهة، لذلك قرّر استشارة طبيبه النفسي. كان على قناعة أن للأمر ارتباطاً بالتوتّر والخوف الذي يعانيه منذ مدة، حتى قبل الانفجار في مرفأ بيروت. لكن المشكلة التي بدأت تزعجه هي عدم قدرته على التركيز. ظنّ أنه قادر على السيطرة على الأمر من خلال عدم الاستسلام وممارسة النشاطات التي يحبّها. لكن كل ذلك لم يحمِ دماغه من النسيان وانعدام التركيز. اعتاد منذ سنتين على تناول الحبوب المضادة للاكتئاب. أخبر طبيبه أن حالته تزداد سوءاً، وأنه شديد الحزن على الرغم من التزامه بالدواء والسعي إلى الإيجابية. سأله الطبيب إذا ما كان يفكر في الانتحار، وإذا ما كان قادراً على التركيز. لا يفكر نديم بالانتحار، بحسب ما يقول، لكنه فاقد للتركيز تماماً، إلى درجة أنه نسي توقيعه، الذي اختلف من ورقة إلى أخرى. لم يفكّر يوماً في أن التوتر قد يؤثّر على التركيز إلى هذه الدرجة.

في الوقت الحالي، يجد نفسه عالقاً. كيف يُقنع الآخرين أن كل أخطائه في العمل ناجمة عن عدم قدرته على التركيز التي تحولت إلى مشكلة في الدماغ؟
أما غنوة (54 عاماً)، فذهبت إلى السوق بعد الانفجار لشراء بنطال. دخلت إلى المحلّ وهمّت بالخروج منه وهي ترتدي البنطال الذي أعجبها في المحل. استغربت صديقتها الأمر: "إلى أين أنت ذاهبة؟". فأجابتها: "أليس هذا باب الخروج؟". لم تنتبه للأمر إلى أن أخبرتها أنها لا ترتدي بنطالها الذي جاءت به وأنها لم تدفع ثمن ذلك الذي اختارته. "يبدو أن أعراض الخرف قد بدأت. سأستشير طبيباً متخصصاً"، قالت غنوة.

المساهمون