لا مياه في العطارة

لا مياه في العطارة

15 نوفمبر 2017
قرية العطارة (شادي أبو دياك)
+ الخط -
يضطرّ المواطن الفلسطيني خليل عبد الهادي، وهو من سكان قرية العطَّارة جنوب غرب جنين شمال الضفة الغربية، إلى الحجز مسبقاً لشراء خزان مياه وإيصاله إلى منزله وإفراغه في بئر في منزله، وقد اعتاد أهالي القرية حفر آبار في منازلهم وتعبئتها بالمياه لعدم وجود شبكة مياه خاصة في القرية منذ وقت طويل.

وتعدّ كلفة شراء المياه مرتفعة، بالمقارنة مع المياه التي يحصل عليها المواطن من خلال شبكات مياه البنى التحتية. وسعر الخزان مرتفع، خصوصاً أن عبد الهادي يقطن في منطقة جبلية. وفي بعض الأحيان، قد يضطر إلى شراء مياه معدنية للشرب في حال تأخر وصول المياه إلى المنزل.

وتقول آلاء ناصر (أم خليل) إنّها تخشى أن تؤدي المياه إلى إصابة مستخدميها بالأمراض، خصوصاً تلك التي تجلب من الآبار المحفورة في المنازل، والتي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن الحفر المخصصة لمياه الصرف الصحي. من جهة أخرى، تتكبّد العائلات عبئاً مالياً. تشير أم خليل لـ "العربي الجديد" إلى أنّها تحرص على الحدّ من استخدامها للمياه. على سبيل المثال، تغسل الملابس مرة أسبوعياً، وتنظّف البيت مرتين أسبوعياً خشية نفاد المياه، وعدم القدرة على تدبير الأمور الأساسية.

ورغم أنّ أراضي قرية العطّارة زراعية، إلا أن أهلها لا يستطيعون زراعتها بسبب ارتفاع كلفة المياه. ويعاني من يعمل في الزراعة أو تربية الحيوانات بسبب قلة المياه. وتقول أمينة أبو حجة (أم فخري)، لـ "العربي الجديد": "حاولت بدء مشروعي الزراعي وإنشاء دفيئات زراعية بعد حصولي على قرض مالي، لكنني لم أنجح بسبب ارتفاع أسعار المياه وقلة توفرها بشكل يومي".



تقع قرية العطارة إلى الجنوب الغربي من محافظة جنين على مشارف محافظتي طولكرم ونابلس، ويعني اسمها إكليلاً. في العهد الروماني كانت تعرف باسم "أتاروس"، وتبلغ مساحتها 3844 دونماً، ويسكنها حالياً نحو 1800 نسمة، بحسب الباحثة في التاريخ الفلسطيني آمنة حطب. وتشير إلى أن العطّارة تحتوي على آثار تاريخية تضم كهوفاً ونفقاً للقطار العثماني في عام 1908، حين بنت الحكومة العثمانية سكة حديد مرج ابن عامر، لتضمها إلى سكة الحجاز.

منذ كانت قرية العطارة، لم تحتو على شبكة مياه، وحاول الأهالي والمجالس المتعاقبة للقرية بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في عام 1967، وكذلك منذ مجيء السلطة الفلسطينية، التواصل مع الجهات المعنية بهدف إنشاء شبكة مياه، من دون جدوى. يعزو رئيس مجلس قروي العطارة، محمود أبو علبة، السبب، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى عدم وجود تمويل لمشروع إنشاء الشبكة، أو عدم وجود مصادر مياه لربط الشبكة بها.

معاناة العطارة لا تنحصر في غياب شبكة المياه فقط، بل أيضاً في تأخر وصول الخدمات والبنى التحتية، وقد أنشأت شبكتا الكهرباء والاتصالات فيها منذ 15 عاماً فقط. وتعاني القرية حالياً بسبب عدم وجود شبكتي مياه وصرف صحي. وفي الوقت الحالي، يشتري أهالي العطارة المياه من بلدة سيلة الظهر المجاورة، كون كلفتها أقل من شرائها من آبار خاصة، علماً أن نقطة المياه هذه لا تكفي الأهالي، وفي النتيجة، تشكّل عبئاً على الأسر. وتبلغ كلفة إنشاء شبكة مياه في العطارة، بحسب رئيس المجلس القروي فيها، نحو مليون و250 ألف دولار.

يقول الشاب بهاء أبو حجة لـ "العربي الجديد": "نحن الآن في القرن 21، وما من بلد من دون شبكة مياه. قبل شهرين، حاولت سحب المياه من بئر المنزل إلى الخزان، إلا أنها كانت قد نفدت. اضطررت إلى حجز دور في اليوم التالي، وبقيت من دون مياه لمدة 24 ساعة. كانت معاناة، إذ لم نكن قادرين على غسل أيدينا حتى".

من جهته، يقول مدير جمعية "الهيدرولوجيين الفلسطينيين" (مؤسسة أهلية غير حكومية وغير ربحية مهتمة بتطوير مصادر المياه والبيئة)، عبد الرحمن التميمي، لـ "العربي الجديد": "هناك سوء تخطيط في توزيع المساعدات الموجودة بالضفة الغربية لأغراض المياه، علاوة على تذرع سلطات الاحتلال بعدم وجود مصدر لتزويد التجمعات السكانية بالمياه، وهو أمر غير صحيح".
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على 85 في المائة من المياه في الأراضي الفلسطينية. ويقول التميمي إن قرية العطارة هي أحد الأمثلة على مشكلة المياه في الضفة الغربية. ونحو 35 في المائة من القرى الفلسطينية، حتى تلك التي تضم شبكة مياه، لا تصلها المياه أكثر من أربع ساعات أسبوعياً.