لا خبز يكفي أهالي السويداء في جنوب سورية

لا خبز يكفي أهالي السويداء في جنوب سورية

30 يونيو 2020
يعتمد الأهالي على الأفران في تأمين الخبز (Getty)
+ الخط -

تفاجأت السورية أمّ عبيدة جمال بقرار إغلاق فرن الصحة في قلب مدينة السويداء أبوابه على غير عادته، تاركا إياها والأهالي يتساءلون عن السبب وراء إقفاله، خاصة أنهم كانوا يعتمدون عليه في تأمين مادة الخبز الضرورية.

أم عبيدة، التي ارتسمت ملامح الصدمة على وجهها وهي تقف على أبواب الفرن، سألت أحد العاملين فيه "هل الفرن معطل؟"، ليجيبها "ألم تسمعي بالقرار الجديد، لم يعد مسموحا لنا ببيع الخبز للمواطنين، عليك شراؤه من أحد المعتمدين".

يعيش نحو 750 ألف شخص في محافظة السويداء بينهم أكثر من 200 ألف نازح من مختلف المحافظات السورية

 

وفي مقابل الفرن يقع محلان فيهما معتمدان لبيع الخبز، يتجمهر حولهما عدة أشخاص، تسأل أم عبيدة الأول فيجيبها باقتضاب "لا يوجد خبز"، تسرع باتجاه المعتمد الثاني تسأله عن ربطة خبز، فيجيبها "والله لا أدري ما أقول، يا جماعة أعطونا اليوم 50 ربطة خبز فقط، وفي هذا الشارع الصغير يوجد أكثر من 80 أسرة، وراح يدلها على معتمد خبز في الشارع المجاور يبعد بضع عشرات من الأمتار، اتجهت نحوه تحث خطاها لكنها وجدت ما لديه قد نفذ، فنصحها أن تأتي في اليوم التالي قبل الساعة الخامسة صباحا علها تستطيع الحصول على ربطة خبز.

لم يبق لدى أم عبيدة أمل إلا بالتوجه إلى الفرن الآلي، فهو أكبر الأفران في السويداء، لكنه لم يكن بأفضل حال، فأبوابه قد أغلقت، قائلة لـ"العربي الجديد": "في الأيام العادية كنت أشاهد في هذه الطرقات العديد من بائعي الخبز، لا أدري أين ذهبوا اليوم؟" وتتابع "ماذا أطعم أطفالي اليوم؟ الخبز هو المادة الرئيسية التي نملأ بها بطوننا".

وفي مكان آخر بالقرب من الفرن الآلي، كانت مجموعة من النساء والرجال تلتف حول أحد باعة الخبز، الذي صنع لدراجته الهوائية سلة كبيرة كدس فيها عددا لا بأس به من ربطات الخبز، إضافة إلى سلة صغيرة بالكاد تتسع لعشر ربطات، ورغم أنه أخذ ثمن الربطة 250 ليرة سورية، (0.49 دولار أميركي)، وهو أضعاف سعرها الرسمي البالغ 50 ليرة (0.10 دولار)، فإن الناس قد اشتروا من عنده.

لم تستطع أم فؤاد الحلبي أن تحصل على ربطة خبز، فحاولت إقناع إحدى النسوة، التي حصلت على ربطتين، أن تعطيها واحدة وتحتفظ بالأخرى، إلا أنها لم تنجح بذلك، قائلة لـ"العربي الجديد"، "لا نعرف كيف نأكل إن لم يكن لدينا خبز، بل الخبز هو الوجبة الرئيسية اليوم، فتجدنا نقول للأطفال كبروا قطعة الخبز وأدموا بالغماس أي قللوا ما تضعون بداخله".

وأضافت "لا أدري من أين أحصل على الخبز اليوم، والبدائل أسعارها خيالية، فثمن ربطة الخبز السياحي 700 ليرة (1.36 دولار)، والخبز العربي بـ750 ليرة (1.46 دولار) وبداخلها فقط خمسة أرغفة، أما كيلو الصمون بألف ليرة وبه نحو 13 صمونة، فإن استطعت شراء إحداها اليوم ففي الغد لن أتمكن من ذلك بكل تأكيد، وخاصة أن راتب زوجي بالكاد يبلغ 75 ألفا، ولولا مساعدة شقيقه اللاجئ لنا لما استطعنا أن نجد ما نأكله".

ولفتت إلى أنه "خلال الأيام الماضية ازداد الازدحام بشكل كبير أمام الأفران، حتى أصبحت بحاجة للوقوف في الطابور لساعتين من الزمن أو أكثر لأحصل على الخبز، طبعا في طابور الرجال يحتاجون لوقت أطول بسبب عددهم الكبير، والصدمة أن هناك أشخاص ينتظرون ذلك الوقت ولكن عندما يصلون إلى بائع الخبز يقول لهم لقد نفدت الكمية".

مصدر من الفرن الآلي في السويداء، طلب عدم ذكر اسمه في حديث مع "العربي الجديد"، قال "وصلنا في وقت سابق من الشهر الجاري قرار بخفض مخصصات الطحين من 28 طنا يوميا إلى 18 طنا يوميا، وشمل جميع الأفران العامة والخاصة في المحافظة، الأمر الذي تسبب بحدوث ازدحام شديد أمام الأفران، كما كانت تقع مشادات كلامية بين المواطنين والعاملين على منفذ البيع".

وتابع "يبدو أن قرار وقف البيع بشكل مباشر من الأفران ليس بسبب فيروس كورونا، بل جاء لإخفاء مظاهر الازدحام أمام الأفران، وخاصة أن هناك عشرات المواطنين لا يحصلون على الخبز في النهاية، ومع عملية جعل البيع عبر معتمدي الخبز، تصبح مشكلة المواطن مع المعتمد في عدم توفر الخبز، لكن في الحقيقة مخصصات الطحين الحالية في الأفران العامة والخاصة لا تكفي لإنتاج احتياجات أهالي السويداء من الخبز".


يشار إلى أن مدير مخبز السويداء الآلي الأول مروان الحجلي قال في تصريح صحافي نشر في صحيفة الثورة قبل أيام، وهي تابعة للنظام، إن مخصصات المخبز البالغة 18 طناً لا تكفي لتأمين احتياجات المواطنين من المادة، مطالباً بزيادة المخصصات من مادة الطحين.

ويعيش نحو 750 ألف شخص في محافظة السويداء بينهم أكثر من 200 ألف نازح من مختلف المحافظات السورية، بحسب مصادر محلية، في ظل واقع معيشي سيئ جراء قلة فرص العمل والغلاء الفاحش.  

المساهمون