رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يتبنى إلى جانب مواقفه الأيديولوجية المتطرفة الرافضة وفق منظومة اليمين الإسرائيلي لحل الدولتين، استراتيجية واضحة وثابتة، تشكل استمراراً لاستراتيجية سلفه، إسحاق شمير، الذي ذهب إلى مؤتمر مدريد مضطراً تحت ضغوط إدارة جورج بوش الأب، وهو يعلن أن القبول بالمفاوضات ومبدئها لا يجب أن يفضي بالضرورة إلى نتيجة. "سنقول ما عندنا ونسمع ما عندهم"، قال يومها شمير، ولو أن الفلسطينيين اتجهوا إلى مسار أوسلو المنفرد، لربما طالت مفاوضات مدريد وأفضت هي الأخرى إلى طريق مسدود.
إفشال مؤتمر البحرين، وهو ما يبدو اليوم ممكناً، فلسطينياً، هو الخطوة الأولى نحو وقف هذا الانشغال بخطة أميركية لم يرها أحد بعد (ربما باستثناء دولة الاحتلال) ولم يعلن أحد قبولها، بمن فيهم إسرائيل.
لقد بات واضحاً حتى للطرف الإسرائيلي، وفق تقديرات لجيش الاحتلال، أن مؤتمر البحرين لن يفضي إلى شيء بفعل رفض السلطة الفلسطينية المشاركة فيه، وهو ما يؤكد مجدداً أن ثبات الفلسطينيين، في نهاية المطاف وعند ساعة الامتحان على رفض استبدال الحرية والوطن بالمال وتحسين ظروف المعيشة، يكفي في المرحلة الأولى لإفشال مخططات تصفية القضية الفلسطينية مهما تبدلت مسمياتها، ومهما تغيرت هوية الأطراف الضالعين فيها.
لن يجني مؤتمر البحرين، حتى لو تم عقده، الثمار المأمولة منه. هذا لا يعني الاكتفاء، فلسطينياً بموقف المقاطعة والرفض، بل الانتقال لمرحلة الفعل الفلسطيني الداخلي أولاً وتثبيت موقف فلسطيني موحد، شعبي ورسمي رافض للمشروع الأميركي الجديد، والاستعداد لمواجهة تبعات إفشال هذا المؤتمر، من إجراءات وضغوط أميركية وإسرائيلية وعربية، يبدو أنها قد تستهدف الأردن أيضاً.