أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ميروسلاف لايتشاك، اليوم الأربعاء، أن الإطارات التي تم وضعها لمعالجة قضايا فض النزاعات في الماضي لم تعد نافعة في القرن الواحد والعشرين، وأن العالم خسر 14.3 مليار دولار بسبب العنف والنزاعات المسلحة خلال العام 2016، لافتاً إلى "أن الأمم المتحدة لا تمتلك نظاما حقيقيا لتفادي النزاعات، وأن الكثير من الخسائر كان يمكن تفاديها".
وكشف المسؤول الأممي، في محاضرة له اليوم بمعهد الدوحة للدراسات، في العاصمة القطرية الدوحة، على هامش مشاركته في اجتماع "المشاورات الإقليمية حول استدامة السلام"، الذي تستضيفه الدوحة يومي 18-19 يناير/ كانون الثاني الجاري، عن وجود اجتماع سيعقد يومي 24 و25 إبريل/ نيسان المقبل على أعلى مستوى بنيويورك للحديث مع قادة العالم حول كيفية تفادي النزاعات، داعياً إلى "تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات المالية ومنظمات المجتمع المدني، لأننا نريد السلام ونخسر من دون السلام".
وتستضيف الدوحة اجتماع "المشاورات الإقليمية حول استدامة السلام"، الذي يفتتحه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ورئيس الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ميروسلاف لايتشاك.
وتهدف المشاورات إلى الوصول لفهم مشترك وإجماع سياسي بين الدول والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، بشأن العلاقة بين التنمية المستدامة ومنع النزاعات والوساطة وحفظ السلام وحقوق الإنسان.
وعن دور الأمم المتحدة في التوصل لحل للأزمة الخليجية، قال لايتشاك إن دول الخليج قادرة على حل الأزمة الحالية بنفسها، والأمم المتحدة مستعدة للمساهمة في حل الأزمة لو طلب منها ذلك، لكنها لم تتلق أي طلب رسمي من الدول الخليجية في هذا الخصوص".
وعبر لايتشاك عن أسفه "لرؤية الوضع الحالي في المنطقة، ودول التعاون كانت دولا قوية وصلبة وصوتها يصدح، والآن تخوض مخاضا عسيرا، والمنطقة لديها قدرات داخلية لتقلع شوكها بيدها، وتحل مشاكل بنفسها. ونحن نثمن الدور البناء الذي تلعبه الكويت بهذا الصدد".
وحول الصراعات التي تغرق فيها المنطقة، قال "طبعا، الأمر صعب، لأننا نخوض مخاضا عسيرا، وثمة مشاكل تتكشف، وقد انتهت حقبة يمكن وصفها بفترة ما بعد الحرب الباردة، ولا ندري ما هي قواعد اللعبة الآن. ويتعين علينا أن نعزز من منظومة متعدد الأطراف، ومنظومة قوانين تحترمها كافة الدول، ونحتاج لتضافر الجهود، فنحن نواجه تحديات عابرة للحدود، مثل الإرهاب، وتغير المناخ، والهجرة".
وعن مدى قدرة الأمم المتحدة على تلافي الآثار في حال قررت الولايات المتحدة سحب دعمها المالي الذي يمثل 22 بالمائة من ميزانية الأمم المتحدة، واستعملت المال لفرض ضغوط على المنظمة، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة "لا بد أن نعرف الأوقات الرابحة. وطبعا الولايات المتحدة تضمن جزءا هاما من الميزانية، وإن انسحبت دولة من العقد، فسيلقي ذلك بظلال سلبية على كافة الدول، فلا بد أن نعرف توقعاتنا من شركائنا، وواشنطن هي المساهم الأكبر في المنظمة بميزانية قيمتها 580 مليون دولار سنويا، وهذا مال وفير، يمثل 22 في المائة من ميزانية الأمم المتحدة، وهو مبلغ يساوي 7 ساعات يمكن أن تصرف على منظومة عسكرية".
وأضاف "أعتقد أن هناك نهجا حازما يتبع من خلال الميزانية، ولكن ينبغي توخي الحذر، وألا يحول دون اتخاذ الإجراءات، لأن الأمم المتحدة توفر الكثير من الخدمات الإنسانية للعالم، من قبيل توفير لقاحات لملايين البشر".
وبشأن مصير الإصلاحات التي وعد بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قال إنه "لا بد أن نتغير مع تغير العالم، فميثاق الأمم المتحدة أجريت عليه إصلاحات عام 1965، والعالم كان يبدو مختلفا تماما، ومجلس الأمن لا يعكس القرن 21، والذين يعارضون الإصلاحات هم يعارضون الأمم المتحدة".
كما شدد على أنه "لا بد أن تتم التعديلات والإصلاحات، لنصل إلى أمم متحدة عصرية، فالأمم المتحدة يملكها أعضاؤها، ويمكن أن تجري إصلاحات بالسرعة الكافية، وهناك إجراءان ماضيان على قدم وساق؛ هما إصلاح مجلس الأمن، وهو شائك ومعقد، ولا نرى نتائج كثيرة له لأنه إجراء حساس جدا، وهناك إصلاح يسمى بتجديد الجمعية العامة، وهو مرتبط بتعزيز موقعها، لأن الجمعية العامة بحد ذاتها هي العضو الأساسي الذي يحتوي 193 عضوا".
وأوضح لايتشاك أن "هناك إصلاحات قدمها غوتيريس، إحداها متصلة ببنية السلام والأمن، وأخرى مرتبطة بمنظومة التنمية، وأخرى بمنظومة الإدارة، وهناك سعي لتطبيق هذه الإصلاحات، ومبدئيا تم قبول مقترحه المتعلق بمنظومة بنية السلام والأمن، والإصلاحات لا يمكن أن تبصر النور، الا بالتزام الأعضاء".