لاكازيتي.. هانيبال الكرة الفرنسية

21 يناير 2015
+ الخط -

"لا يمكنك وضع رقم خاص لانتقاله، ما اسم ذلك الويلزي الذي يلعب في ريال مدريد؟ أقول لك بكل ثقة إن ألكسندر يلعب أفضل منه ويؤدي بنجاعة أقوى، لكننا لا نضع سعرا له، ولن نفرط فيه مهما كانت قيمة العروض"، كانت هذه إجابة جان ميشيل أولاس، رئيس نادي ليون وصانع أمجاده الحقيقية في تاريخ الكرة الفرنسية، بعد سؤاله حول فرص بيع هداف الفريق ألكسندر لاكازيتي إلى فريق ليفربول الذي يهتم به كثيراً ويراقبه منذ الصيف الماضي.

ويستمر أولاس في ذكر الجوانب الإيجابية التي تخص لاكازيتي، حيث شخصيته القوية داخل الملاعب، وأرقامه المبشّرة في البطولة المحلية، ونضجه الفني، واصفاً إياه باللاعب الذكي، الذي يملك كل مقومات النجاح في كبرى الأندية الأوروبية. ورد المهاجم الشاب هذا الموسم بقوة داخل المستطيل الأخضر، ليضع نفسه ضمن قائمة الهدافين العظام حتى الآن في مختلف الدوريات في القارة العجوز.

ماراثون
مباريات الدوري تشبه الماراثون، العبرة ليست أبداً بالبدايات أو التوقعات، ولكن بالعمل الجاد والتركيز حتى النهايات، لذلك حصل زلاتان إبراهيموفيتش على كامل الأمنيات قبل افتتاح بطولة الدوري الفرنسي، لكن عانى السويدي كثيراً من الإصابات وغاب فترات طويلة هذا الموسم، ومع المستوى السيئ لفريقه الباريسي، سجل "ابرا كادبرا" ثمانية أهداف فقط في البطولة المحلية.

ومن ابرا إلى جينياك الفتاك نجم فريق مارسيليا، اللاعب الذي أعيد اكتشافه من قبل اللوكو الأرجنتيني مارسيلو بيلسا، وحصل أندريا على نبوءة خاصة من المدير الفني بالتأكيد أنه سيسجل 25 هدفا هذا الموسم، ووصل مهاجم مارسيليا إلى الرقم 13 في الدوري حتى المباراة الأخيرة، ليستمر السجال المنتظر حتى الساعات الأخيرة من عمر المسابقة.

وحينما تشاهد جدول الهدافين في الدوري الفرنسي، لن تجد أبداً نجوم البي إس جي ومارسيليا في المقدمة، بل تأتي المفاجأة من بعيد، وبالتحديد من مدينة ليون، ليتصدر المهاجم ألكسندر لاكازيتي القائمة برصيد عشرين هدفا، وبفارق كبير جداً عن أقرب منافسيه، ليسير على خطى فريقه، الذي خطف الصدارة مؤخراً من الثنائي الكبير، ويتربع على عرش الدوري الفرنسي بعد مرور 21 جولة على البدايات.

طريقة اللعب
يلعب لاكازيتي مع ليون بطريقة لعب الفريق 4-3-1-2، بوجود ثلاثي وسط صريح في المنتصف، خلف صانع اللعب رشيد غزال أو جوركوف، مع ثنائي متقدم في الأمام، ولا يوجد أفضل من نبيل فقير، وألكسندر لاكازيتي، المهاجم الكل في الكل، القادر على تسجيل الأهداف وصناعتها، مع استطاعته اللعب في كل مراكز الهجوم، سواء في العمق أو الأطراف، وداخل منطقة الجزاء أو خارجها.

يلعب ألكسندر بقدمه اليمنى التي سجل بها 18 هدفا، مع فرص اللعب بالرأس في تسجيل هدفين آخرين رغم عدم طول قامته، ولم يكتف المهاجم بهذا القدر من الأهداف، بل أيضاً صنع الكثير لبقية لاعبي ليون، لأنه يجيد اللعب كجناح صريح على أطراف الملعب، بسبب سرعته وقوته البدنية التي تؤهله للضغط على مدافعي المنافسين، وبدء الهجمة سريعاً من منتصف ملعب الخصم، لذلك يسجل أهدافا عديدة من دون مساندة من أحد.

بعيداً عن معدلاته التهديفية المرتفعة، فإن لاكازيتي لاعب شامل، أي يمتاز بأداء المراوغات ومناوشة المدافعين، لذلك من الصعب جداً إيقافه في أي ركن في الثلث الهجومي الأخير، بالإضافة إلى تسجيل الأهداف من الزوايا المستحيلة، إنه مهاجم أقرب إلى أسلوب وطريقة لعب لويس سواريز، نجم برشلونة الحالي وأحد أساطير ليفربول.

بطل
وُلد لاكازيتي كبطل حقيقي، والدليل بطولة أوروبا تحت 19 سنة عام 2010، بعد النهائي التاريخي بين منتخبي إسبانيا وفرنسا، في ليلة كبيرة حقق فيها الديوك اللقب بهدفين مقابل هدف، وكان ألكسندر هو صاحب الهدف القاتل في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، ليؤكد أنه لاعب من طراز مختلف منذ لحظاته الأولى مع عالم الساحرة المستديرة. ومنذ ذلك التاريخ ولاكازيتي يلعب بشكل حقيقي مع الفريق الأول لنادي ليون، المدرسة التي ساهمت في تكوينه وصقل مهاراته الخاصة.

ويلعب المهاجم بشكل منتظم مع فريقه، ويشارك باستمرار في جميع المباريات، ويمتاز بالتنوع الخططي الهائل، حيث يجيد اللعب كمهاجم صريح وجناح في طريقة لعب 4-3-3، مع تحوله إلى دور المهاجم المتحرك بجوار مهاجم آخر في طريقة 4-4-2، وبالتالي يعتبر اللاعب مكسبا حقيقيا لأي فريق، لأنه لن يحصل على وقت طويل من أجل التأقلم.

"أنا لن أسجل أهدافا أكثر من إبراهيموفيتش، فقط أريد تقليل الفارق معه، وربما في يوم ما أصير مهاجما عظيما مثله"، هكذا قال لاكازيتي قبل بداية الموسم الحالي، ليصل إلى معدل تهديفي يفوق السلطان السويدي بعد مرور أكثر من نصف الموسم، ويضع نفسه في دائرة الكبار. لكن لكي يرحل، يجب عليه أن يُحضر أموالا طائلة، ولقب الدوري الفرنسي.
المساهمون