لاجئون أفغان حيارى في إيران

لاجئون أفغان حيارى في إيران

02 سبتمبر 2018
يعمل اللاجئون في مهن صعبة (فاطمة بهرامي/ فرانس برس)
+ الخط -

اللاجئون الأفغان في إيران يعانون مثل المواطنين وربما أكثر، بسبب انهيار الاقتصاد وارتفاع حدّة الأزمة المعيشية، خصوصاً أنّ أجورهم ضئيلة، وهو ما يدفعهم إلى التفكير بالهجرة مجدداً

يتراجع الوضع المعيشي والاقتصادي لمعظم اللاجئين في إيران الآتين من أفغانستان، بالترافق مع الأزمة المعيشية في البلاد. وهو ما يدفع عدداً منهم إلى البحث عن وجهة جديدة للهجرة، فالدخل الحالي لم يعد يكفيهم، ناهيك عن عدم قدرتهم على إرسال شيء منه إلى عائلاتهم في أفغانستان.

هو وضع الإيرانيين أنفسهم، فانسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الماضي، وترقب عودة العقوبات تسببا بارتباك في السوق، وتركا تبعات اقتصادية واجتماعية على حد سواء، فتدهور سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي، أدى إلى غلاء أسعار السلع، ومن بينها الغذائية.

يقول اللاجئ الأفغاني، حياة الله سنجر (42 عاماً)، إنّه ما زال حتى اليوم يتذكر كيف دخل إلى إيران بشكل غير قانوني من حدودها البرية المشتركة مع بلاده. كان هذا منذ عشرين عاماً تقريباً، وكان وقتها يدخر القليل من المال الذي دفعه بالكامل لمهربين ليدخلوه هارباً من الحرب، وباحثاً عن عمل. سنجر اليوم متزوج ولديه ابنان، وما زال حتى الوقت الراهن يرسل مبالغ مالية إلى عائلته في أفغانستان. يتابع لـ"العربي الجديد": "هو ليس بالمبلغ الكبير، لكنّه كان يؤمن سبيل عيشهم هناك على الأقل". عمل بواباً طوال أعوام، ومن بعدها بات عاملاً في مهن حرة يجني القليل، فلا راتب محدداً يصل إليه في نهاية الشهر، وتختلف مستحقاته من يوم إلى آخر لكنّ مجموعها الشهري لا يتعدى 100 دولار أميركي، في الوقت الراهن، تبعاً لسعر صرف الدولار الواحد الذي تعدّى 10 آلاف تومان إيراني حالياً.



يخطط سنجر للخروج من إيران، ويحاول استدانة المال من أشخاص يعرفهم ومن أصدقاء في أفغانستان. سيسلك طريق الهجرة غير الشرعية من جديد. لم يحدد وجهته بعد، لكنّه يفكر بالوصول إلى تركيا ومنها نحو أوروبا إن استطاع. يؤكد أنّه يحاول العثور على فرصة عمل في دول عربية كذلك، والبلدان الخليجية على رأس خياراته. يقول إنّه كان يجني في سنوات سابقة أكثر مما يحصل عليه اليوم، مع أنّه عامل حر ويعمل في أكثر من مكان ومهنة، من قبيل أشغال النقل والبناء وما إلى ذلك. يتابع بالقول إنّه كان يوفر مدخرات تصل إلى 150 ألف تومان، وهو المبلغ الذي كان يساوي قبل سنوات 150 دولاراً، لكنّه اليوم لا يتجاوز 15 دولاراً تقريباً، وأضاف أنه جاء إلى إيران أساساً، لمساعدة عائلته ولا يستطيع اليوم تركها، لكنّ الوضع أصبح شبه مستحيل ما سيضطره إلى المغادرة.

يعاني اللاجئون الأفغان الذين يرسلون أموالاً لعائلاتهم من الغلاء، فضلاً عن انخفاض المبالغ التي يرسلونها بين الحين والآخر مقارنة بما كان سابقاً، بسبب اختلاف أسعار الصرف، وهو ما يجعل كثيرين يفكرون في الرحيل مجدداً. كتبت وكالة "إيسنا" الإيرانية في تقرير خاص نشرته مؤخراً أنّ هناك تحركات واضحة بين اللاجئين الأفغان في إيران الذين يبحثون عن فرص في بلدان ثانية، وأكدت كذلك أنّ الأزمة الاقتصادية الأخيرة واختلاف أسعار الصرف واحدة من العوامل التي تحرض على الرحيل من إيران، بالرغم من أنّه بلد قريب لوطنهم جغرافياً وثقافياً ودينياً. ونقلت "إيسنا" عن رئيس دائرة أفغانستان التابعة لمؤسسة التنمية التجارية، محمد مهدي جوانمرد قصاب، تأكيده أنّ السبب الرئيس الذي يدفع لهجرة هؤلاء مجدداً يرتبط بتدهور العملة المحلية، وذكر أنّ بعضهم يخرجون من إيران ويدخلون إلى دول أوروبية بطرق غير شرعية، أو يذهبون إلى تركيا ويظلون فيها، ومنهم من يغادرون بشكل شرعي إذ يحصلون على تأشيرات إلى دول عربية يذهبون إليها بحثاً عن وضع أفضل.

بحسب وزارة الهجرة الأفغانية، وصل عدد الأفغان في إيران إلى 839 ألفاً و912 لاجئاً مسجلاً يحمل بطاقة لجوء عام 2016، ويعيشون في محافظات طهران، وخراسان رضوي، وأصفهان، وكرمان، غالباً. لكنّ العدد الذي تتحدث عنه مؤسسات غير رسمية في إيران يصل إلى 3 ملايين لاجئ، علماً أن لا إحصاءات رسمية إيرانية تخص عدد المهاجرين الأفغان من إيران نحو دول أخرى.

يشير مركز الإحصاء الرسمي الإيراني إلى أنّ 46 في المائة من اللاجئين الآتين من أفغانستان المقيمين في إيران هم تحت سن عشرين عاماً، و67 في المائة هم تحت الثلاثين، وهو ما يعني أنّهم إما من مواليد إيران، أو عاشوا فيها أكثر مما عاشوا في وطنهم الأصلي، وهو ما يعني أيضاً أنّهم في سن قابل للمساهمة في إنعاش سوق العمل، وغالبيتهم يعملون في أشغال حرة، كالبناء والنظافة ومهنة البواب وغيرها.



يتحدث محمد معصوم (30 عاماً) عن تجربته في إيران التي جاء إليها قبل 15 عاماً مع والديه. يعمل اليوم في البناء، ويجني يومياً 70 ألف تومان (نحو 7 دولارات تقريباً) ويؤكد أنّه لا يكفيه أبداً. يشير إلى أنّ الوضع في قطاع الإعمار في إيران معلّق، فارتفاع الأسعار يؤثر على المستثمرين كذلك وهو ما يوقف المشاريع ويوقف معه عمله وعمل أمثاله، مؤكداً أنّ أرباب العمل يفضلون أن يعمل لديهم عمال من اللاجئين الأفغان لأنّهم لا يتقاضون أجوراً عالية.

في تقرير خاص، قالت وكالة "تسنيم" إنّ الأفغان في إيران يقبلون العمل في مهن صعبة لا يعمل فيها الإيرانيون لتدني رواتبها. وبالتالي، فإنّ اللاجئ الأفغاني يعمل على تحسين معيشته ويساهم في إعمار إيران في الوقت نفسه.

المساهمون