كيف سيبدو العالم بتقنية 5G؟

كيف سيبدو العالم بتقنية 5G؟

24 يوليو 2016
أدوات الجراحة الروبوتية ستكون مفيدة جداً (Getty)
+ الخط -
في عام 1991، اختبر العالم الرسائل القصيرة عبر تقنية الـ2G والتي شكّلت في بداية التسعينيات بداية تطوّر التواصل بين الناس. وما هي إلا سنوات قليلة حتى ظهر الإنترنت، الشبكة الإلكترونية التي ساهمت وبشكل كبير بالتحضير لثورة في مجال التواصل عبر ربطها ملايين الناس حول العالم بعضهم ببعض. وبعد 10 سنوات على ظهور تقنية الـ3G، ساهم التطوّر الملحوظ عام 2008 باختراع تقنية الـ4G والتي أدخلت الاتصال المصوّر عبر الانترنت إلى جميع الأجهزة الذكية وغيّرت بذلك حياة الملايين من محبّي ومستخدمي التكنولوجيا والأجهزة الذكية حول العالم. ومع الوقت تحسّنت التقنية حتى بات بإمكان الجميع القيام باتصال ڤيديو بسهولة، بسرعة تامة، عبر مئات التطبيقات المختصّة بالاتصال المرئي ومن أي مكان في العالم. 

لكن ماذا عن تقنية الـ5G وهل سيتغيّر أسلوب الحياة معها؟ الجميع في عالم صناعة الاتصالات اللاسلكية يوافق على أن 5G قادم بحلول نهاية العقد الحالي. بالطبع ستزيد معه سرعة الإنترنت على الهواتف الذكية بشكل ملحوظ، لكن هذا فقط 1 في المئة من قدرته. هذا، وقد أعلنت شركة "نوكيا" منذ أيام انها تعتزم تقديم نموذج عن 5G في المؤتمر العالمي للجوال في وقت لاحق من هذا الشهر، مؤكّدةً أنّها ستعلن خلاله عن رؤيتها المستقبلية للخدمة.
وتتضمّن توقعات "نوكيا" بعض من القدرات المثيرة للدهشة، كجعل السيارات أكثر أماناً، التخلّص إطلاقاً من مدة الانتظار البسيطة عند إعادة تشغيل المقاطع الصوتية والمرئية، وقدرة الأطباء على إجراء عمليات جراحية باستخدام الروبوت والتحكّم به كلياً عن بعد. وشدّدت "نوكيا" في تصريحها على السرعة قائلة: "نعم، 5G سيكون أسرع بكثير".

السرعة

لا شكّ أنّ شركة "نوكيا" تهدف إلى أن تكون واحدة من أكبر اللاعبين عند ظهور الخدمة في العالم، وقد تُرجم ذلك بعد ادّعائها أنها اختبرت اتصالا عبر الخدمة المنتظرة مع سرعات تحميل
وصلت إلى 30 جيغا بايت في الثانية. هذا أسرع بـ1000 مرة من السرعة المتوسطة لاتصال عبر خدمة الـ4G المتاحة حالياً. لكن الأمر مختلف في العالم الحقيقي، فهنالك فرص ضئيلة جداً للحصول على سرعة مماثلة لتلك التي تحدّثت عنها "نوكيا" واختبرتها في أحد مختبراتها. فوجود الأشجار، المباني والمسافة التي تفصل المستخدم عن برج الخلية، إلى جانب المستخدمين الآخرين الذين أيضاً يتّصلون في الوقت نفسه بالخلية عينها، كلّ ذلك يشكّل عائقاً ويعمل على إبطائها بشكل كبير عما كانت "نوكيا" قادرة على تحقيقه واختباره في مختبرها الخاص. رغم ذلك، فإنّ 5G في أسوأ حالاتها أسرع بـ10 مرات من 4G، وذلك وفقاً لمدير المعايير الحكومية في شركة AT&T الأميركية، برايان دالي. وكان دالي قد تحدّث عن مستقبل سرعات الاتصال بالإنترنت في حلقة نقاش حول التقنيات اللاسلكية التي عقدتها الجمعية اللاسلكية CTIA في واشنطن، الثلاثاء الماضي. بهذه السرعات الجديدة، سيتمكّن عدد أكبر بكثير من المستخدمين من الاتصال في الوقت عينه بالخلية نفسها وإجراء اتصالات بجودة ممتازة ودون أي انقطاع. إذاً، نحن على دراية مطلقة بأنّ الخدمة ستزيد من سرعة الاتصال والتصفّح على الأجهزة اللوحية، الهواتف والحواسيب وبشكل ملحوظ، لكن ماذا ستغيّر أيضاً؟

اتصال مباشر حي

يتمّ تجهيز معظم الملاعب الرياضية بشاشات عملاقة والتي تساعد الناس على متابعة المباريات بدقّة ووضوح في مختلف الأقسام. لكن ماذا لو كان بالإمكان الحصول على بث حي من المباراة أو حفلة موسيقية في الوقت الحقيقي، على الهاتف الذكي، الحاسوب أو الجهاز اللوحي؟ الأمر، بحسب شركة "نوكيا"، ممكن، حتى أنّ الشخص يمكنه تبديل زوايا كاميرا البث والتبديل فيها لاختيار الزاوية المناسبة له، بالإضافة إلى إمكانية الإعادة الفورية حقاً وليس كما هي الآن مع بعض الانتظار عبر خدمة الـ4G. بث الڤيديو على الهواتف الذكية سيكون بتقنية 4K الفائقة الدقة مع صوت واضح جداً، بالإضافة لوضوح في الصورة 4 مرات أكثر من الموجودة حالياً عبر 4G. كما أنّ البث الحي عبر "فيسبوك"، وتطبيق "Periscope" سيصبح مذهلاً وسيساهم بوصول الخبر بطريقة أسرع، لا سيما أنّ خدمات البث المباشر أصبحت مستعملة جداً من قبل المراسلين المتجولين والذين يجاهدون في إيصال الخبر بدقّة وأمانة.



السيارات ذاتية القيادة

تعمل السيارات ذاتية القيادة الحالية من خلال الشبكات اللاسلكية، لذلك تعاني من مشكلة وهي كمية تأخّر وصول الإشارة بين أجهزة الاستشعار في السيارة ومركز البيانات والذي يقوم
بإرسال المعلومات إلى السيارة كل ثانية تقريباً. وعند تحوّل السيارات ذاتية القيادة إلى حقيقة مطلقة وانتشارها بين الناس، على نظام السيارة تحديد الشجرة، الرصيف، الشخص، إلخ، كعقبة والاتصال فوراً بمركز البيانات، والذي يجب أنّ يصله الخبر عن العقبة بسرعة فائقة لتحليله وإرسال إشارة تحمل طريقة تصرّف السيارة لإيقافها أو اختيار الحل الأفضل لتجنّب حادث سير. هنا تكمن أكبر حسنات 5G في الحرص على تدفق الاتصالات دون انقطاع لسائق سيارة وتبادلها بأجزاء من الثانية، الأمر الذي سيجعل خدمة القيادة الذاتية خدمة آمنة وواعدة بقيادة خالية من حوادث السير. كما أنّ القيادة ستكون ذكية عبر اختيار نظام السيارة لأسرع وأفضل طريق كونه متّصل بجميع إحداثيات الطرقات، وبذلك يضمن المستخدم أنّه سيكون في أفضل طريق للوصول بسرعة بعيداً عن الازدحام.

الروبوتات الشبكية

أدوات الجراحة الروبوتية يمكن أن تكون آلة مفيدة للغاية بالنسبة للأطباء. ولكنها تحتاج للردّ والاستجابة في الوقت الحقيقي، تماماً كما لو أنّ طبيباً موجوداً في الغرفة ويجري العملية. إذاً، على الروبوتات تنفيذ أوامر التصنيع المعقدة، والتي تحتاج إلى التواصل المباشر مع الروبوتات الأخرى على خط التجميع، لتتلقّى جميعها الأوامر من منظومة واحدة تتمّ برمجتها مسبقاً للتصرّف. عدم تباطؤ سرعة 5G من شأنه أن يساعد بشكل كبير في السماح للروبوتات الشبكية بأداء مهام أكثر تعقيداً في المستقبل، والمساهمة بتصنيع أكثر لمختلف المنتجات الأساسية اليومية التي تحتاجها البشرية، كما أنّها ستساهم بتصنيع عدد من الأجسام والأدوات التي يستحيل على الإنسان تصنيعها نظراً لخطورتها على صحته وثقل وزنها.



الواقع الافتراضي

انتشرت بشكل كبير أجهزة الواقع الافتراضي، لا سيما جهاز VR من شركة "سامسونغ"، والذي عرّف شريحة كبيرة من محبّي التكنولوجيا إلى عالم الواقع الافتراضي. وعندما يضع
المستخدم قناع الواقع الافتراضي، يمكنه "دخول" عالم مختلف غير موجود بالحقيقة، مع أشخاص آخرين. وعبره يمكن التفاعل، ولعب ألعاب الڤيديو مع الحاسوب أو مع الآخرين، وصولاً لخمسة أشخاص كحد أقصى. لكن مع 5G، وبحسب "نوكيا"، سيكون بإمكان المستخدمين القدرة على التعاون كما لو كانوا في الموقع نفسه فعلياً. كما أنّ السرعة الفائقة للخدمة ستساهم في تطوير ألعاب الڤيديو لتصبح أدقّ وأكثر واقعية.

هذا، وقد قال ماركوس ويلدون، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة "نوكيا"، انّ 5G تعد بمرحلة واعدة بالنسبة للإمكانيات البشرية، لا سيما في ما يختصّ بالشبكة الذكية غير المرئية والتي ستخلق أعمالاً جديدة، الأمر الذي سيؤدي إلى خدمات جديدة، أسرع بكثير، والذي في نهاية المطاف، سيوفّر للناس مزيداً من الوقت. إذاً، 5G ستجعل عالمنا سريعاً في ما يختصّ بإرسال البيانات واستقبالها، متطورّاً في العمليات الطبية، الصناعات وغيرها، وأكثر أماناً في ما يُعنى بالقيادة الذاتية وتفادي حوادث السير.


وداعاً لعمى الألوان

في انتظار انطلاق تقنية الـ5G لا تزال التكنولوجيا تتابع تطورها بشكل سريع جداً. فطبقاً للإحصاءات العالمية، يوجد أكثر من 300 مليون إنسان حول العالم يعانون من عمى الألوان بدرجات مختلفة. وعمى الألوان هو عدم القدرة على رؤية الألوان بشكل صحيح – أو بدقة أكثر، الفشل في إدراك أحد الألوان الرئيسية الثلاثة، مما يؤدي لرؤية غير دقيقة، ورؤيته كدرجات من نوع مختلف. ما تقوم به نظارات Enchroma هو محاولة استغلال زوايا الضوء ودرجاته في إصلاح قدرة العين على إدراك الألوان الناقصة. وبهذه الطريقة أتاحت هذه النظارات للمصابين بعمى الألوان القدرة على رؤيتها مرة أخرى.

بدأت قصة ابتكار هذه النظارات بصدفة بحتة؛ د. دون ماكفيرسون، دكتور متخصص في علوم العدسات والزجاج بجامعة ألفريد، لاحظ بعض التغيرات المعينة في رؤيته للألوان عندما ارتدى نظارات المعمل المكسوة بعدسة معينة قام بابتكارها في الأساس لحماية الأطباء عند القيام بجراحات الليزر. قاده هذا الاكتشاف لبدء مجموعة من الأبحاث العلمية مع جامعة بيركلي قادته للوصول لفكرة النظارات. ولطرحها للمستهلكين قام مع أندرو شميدر؛ عالم متخصص في الرياضيات والمحاكاة الرقمية، بتأسيس شركة Enchroma عام 2010. وبدأ في تطوير وتصنيع النظارات في عملية متصلة أنتجت لنا بعد 5 سنوات أول نظارات قادرة على إصلاح عمى الألوان بسعر مناسب للأسواق.




المساهمون