كيف ستتجنب "نتفليكس" أزمة المحتوى المقبلة؟

كيف ستتجنب "نتفليكس" أزمة المحتوى المقبلة؟

05 مارس 2019
الممثلون في مسلسل "هاوس أوف كاردز" (Getty)
+ الخط -
هنالك الكثير من الحديث عن أن "نتفليكس" قد تتعرض لأزمة محتوى، خصوصًا أن أكثر المسلسلات مشاهدة على منصة بثها لا تعود ملكيتها لها، وأن الاستديوهات التي تملك الكثير من مسلسلات على "نتفليكس" تسعى حاليًا (وبعضها بدأت) إلى إيجاد منصات بث عبر مواقع الإنترنت خاصة بها. 

ظهرت هذه الأزمة المحتملة خصوصًا عندما مددت نتفليكس عقد عرض مسلسل Friends الكوميدي لعام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار. وعلى الرغم من إصدار الشبكة لمئات المسلسلات الأصلية والأفلام وبرامج تلفزيون الواقع والحلقات الكوميدية الخاصة، إلّا أن بعضًا من أكثر البرامج المعروضة شعبية تعود حقوقها لاستوديوهات وشبكات أخرى مثل مسلسلThe Office لشبكة NBCU، ومسلسل Friends لشبكة Warner Media، ومسلسل Parks and Recreation لشبكة NBCU، ومسلسل Grey’s Anatomy لشبكة Disney & ABC، حيث تأتي هذه المسلسلات في قائمة أكثر 10 مسلسلات مشاهدة على نتفليكس. ومع ذلك، وبينما تستعد استوديوهات أخرى مثل Apple وDisney وWarner لإطلاق شبكات بثها، فإن هناك خطرا حقيقيا لخسارة نتفليكس بعض هذه البرامج حيث ستقوم الاستوديوهات بسحب محتواها لتعرضه حصريًا على شبكاتها في محاولة منها لتعزيز قاعدة مشتركيها.

أعلنت "ديزني"، على سبيل المثال، أنها ستقوم بسحب برامجها من نتفليكس، وستعرضها على شبكة Disney Plus والتي من المقرر إطلاقها خلال هذا العام. تحسبًا لذلك، ألغت نتفليكس عددًا من مسلسلات "مارفل" الشهيرة. في الواقع، في الوقت الذي كانت تتردد فيه الشبكة في إلغاء بعض مسلسلاتها الأصلية في السنوات القليلة الأولى بعد نجاح مسلسليّ "هاوس أوف كاردز" House of Cards و"البرتقالي هو الأسود الجديد" Orange is the New Black، صارت الشبكة متحمسة أكثر لإلغاء البرامج التي يتم إنتاجها خارج نظامها، مثل المسلسل الشعبي American Vandal، والذي تنتجه استوديوهات CBS TV.

في نهاية المطاف، لن تنشأ أزمة المحتوى إلا إذا لم تتمكن برامج نتفليكس الأصلية من ردم الفجوة التي ستحصل بغياب مسلسلات مثل Friends وThe Office، إذا قررت استوديوهاتها سحبها. وباستثناء مسلسل Stranger Things وبعض المسلسلات الأخرى، لم تحقق إنتاجات نيتفليكس نموًا في عدد المشاهدات مثل النمو الذي حققه مسلسل Friends مثلًا. فعليًا، إذا قررت كل الاستديوهات سحب إنتاجاتها من نيتفليكس، فسيكون بإمكان المشاهدين إسقاط نيتفليكس لحساب الشبكات الأخرى.

وعلى الرغم من كل ما سبق، فإن نتفليكس تمتلك قاعدة عملاء ضخمة تضم أكثر من 130 مليون مشترك في جميع أنحاء العالم (وهذا لا يمثل حتى مئات الآلاف من الأشخاص الذين يتابعون الشبكة على حسابات أصدقائهم أو عائلاتهم). وبالتالي، فإن قاعدة المشتركين الهائلة هذه تعطي ميزة كبيرة لنتفليكس على شبكات البث الأخرى في إطار مهم: البنية التحتية لنتفليكس تؤهلها بشكل كبير لإنشاء عروض تلفزيونية ضخمة، وهذا أمر ذو قيمة كبيرة بالنسبة لشبكات أخرى.
ولنأخذ على سبيل المثال مسلسل "أنت" You والذي أصدرته شبكة لايف تايم Lifetime في سبتمبر/ أيلول الماضي. حقق المسلسل بالكاد 600,000 مشاهدة في الأسبوع، ولكن عندما ظهر لأول مرة على نتفليكس ارتفع عدد المشاهدين إلى حد كبير ووصل إلى أكثر من اثني عشر مليون مشاهد تقريبًا (استحوذت نتفليكس على حقوق المسلسل ولإنتاج جزء ثانٍ منه). حققت نتفليكس نجاحًا لم تقدر على تحقيقه أي شبكة أخرى.

من الواضح جدًا لأي مشاهد أن مسلسل "أنت" You ليس المسلسل الأول الذي يستفيد بشكل كبير من قدرة نتفليكس وقاعدة عملائهما الضخمة، حيث تضاعفت تقييمات مسلسل "اختلال ضال" Breaking Bad (من إنتاج AMC) قبل فترة عندما عُرض على نتفليكس. أعطت الشبكة للمسلسل دفعة كبيرة للأمام وأحيته لدرجة دفعت بالبعض لأن يقولوا إن على AMC أن تدفع لنتفليكس لتعرض المسلسل وليس العكس. وفي الوقت نفسه، ضاعف مسلسل "ريفرديل" Riverdale (من إنتاج CW) من تقييماتهِ بين الموسمين الأول والثاني، وذلك بفضل نتفليكس. علاوة على ذلك، تمكنت نتفليكس من تعزيز ومضاعفة تقييمات الموسم الثامن من مسلسل Shameless (من إنتاج Showtime) مُعطية المسلسل أكبر نسبة مشاهدة منذ عرض الموسم الثالث. قد توفر شعبية Shameless على الشبكة حافزًا أكبر لشبكة "شوتايم" لإبقاء المسلسل لأطول فترة ممكنة، حتى بدون نجمة المسلسل الأساسية إيمي روسم. 

وبالمثل، كان الموسم الأول من مسلسل Sinner (من إنتاج USA Network)، شائعًا جدًا على نتفليكس، حيث اعتقد الكثيرون أنه من مسلسلاتها الأصلية. وقد يتساءل البعض أيضًا لماذا استمرت شبكة "فوكس" في إنتاج مسلسل New Girl حتى في أثناء تعرضه لموجة تقييمات سيئة وتفكير بعض أعضاء فريق التمثيل بمغادرة المسلسل. تكمن الإجابة في "نتفليكس" نفسها، حيث يُعتبر هذا المسلسل من أكثر المسلسلات شعبية على الشبكة. 

يتضح لنا في النهاية، أن العلاقة بين نتفليكس والاستوديوهات والشبكات الأخرى هي علاقة تَعَاضُدِيّة تكافلية. صحيحٌ أن نتفليكس لا تزال تعتمد على استوديوهات أخرى لتزويدها ببعض من أشهر محتوياتها، ولكن غالبًا ما تعتمد الاستوديوهات الأخرى على قاعدة المشتركين الضخمة لنتفليكس لتعزيز عرض برامجها وأفلامها ومسلسلاتها. ختامًا، طالما تحافظ نتفليكس على قاعدة المشتركين لديها، فسيظل وجودها مهمًا للشبكات والاستوديوهات الأخرى بنفس أهمية محتواها لنتفليكس.

المساهمون