كيف تكون رئيساً عربياً ناجحاً؟

كيف تكون رئيساً عربياً ناجحاً؟

30 يوليو 2020
+ الخط -

أولاً: ضع تلك النقطة كالحلق في أذنك. اضرب خصومك في المليان (مالكي وشافعي وحنبلي وأبو حنيفة)، واعلف المشايخ في حظيرتك، حتى في أوقات "الدميرة"، كي يطلقوا على خصومك كل النعوت، ابتداءً من كلاب جهنم حتى عملاء الغرب، وستخرج من كل دمائهم كالشعرة من العجين، ثم ابنِ لك أكبر مسجد في الشرق الأوسط قاطبة، تتدلى منه الثريات، وكل ثريا في حجم عجل، ولا تنس الزيت لزبيبة الصلاة أبدا، وخصوصاً في المناسبات الدينية، كالإسراء والمعراج والعيدين.

ثانياً: أكثِر من شراء السلاح قدر الإمكان، وخصوصاً طائرات الرافال للتشريفات، حتى وإن دفعت ثلت الموازنة فوائد لديونك، فالأجيال القادمة مجرّد حمير لمجدك، وطالما لا يوجد سماد بلدي تشيله الحمير للغيطان، فيجب أن تشيل فوائد الديون، وجيل يوصل لجيل إلى ما شاء الله.

ثالثاً: لا تأكل حق أحد في العالم أبداً، وخصوصاً أصحاب الجزر، كتيران وصنافير مثلاً، فردّها لأصحابها وفوقهما بوسة ودكتوراه فخرية، ورؤساء الجامعات عندك أكثر من الهمّ على القلب والأختام في الأدراج، وذلك لأن الله تعالى أمر في كتابه ألا يأكل أحدٌ حق يتيم، وبالقطع الملوك يتامى مثل غيرهم من الناس.

رابعاً: ضع كل الإعلاميين في جيب سترتك. صحيحٌ أنهم سيأكلون كثيراً من فلوسك، فلا يهمك. صحيح أن كثيرين منهم أراذل، فأعطهم المزيد، سواء أعطيت من يدك أو يد رجال أعمالك، ثم فيما بعد سهّل لرجال أعمالك أمورهم المعقدة، والقوانين في يدك، لأنهم هم سندك الحقيقي وليس الشعب، وخصوصاً من يحميهم الغرب. كن عطوفاً معهم، حتى وإن زادت فلوسهم وغرّقت كل بنوك الغرب، وإن استطعت أن تعضّ كسرة المواطن، فعضّها، ثم اضحك وقل قفشة واضحك، أي قفشة ما، وأنت دمك أخفّ من الشربات، ولكن من آن إلى آخر أيضاً، حرّض أحد كلابك بغمزةٍ منك على الأغنياء كي يعضهم خفيفاً، وكي يشعر المساكين بعدلك أيضاً، وينتظم الغلابة في العمل وفي صفوف المخابز في انتظار حصتهم من الخبز أو الدعم، وكل آنٍ احذف مليوناً منهم أو مليونين، فمن فتحها على البحري، كحسني مبارك مثلاً، خرجت عليه الجماهير استهتاراً بطيبته، فلا تجعل الفقراء يستصغرونك في عيونهم أبداً، فعند ذلك تبدأ الألقاب الواطية، ويكون الخطر.

خامساً: استبدل الخدمات الاستراتيجية الكبرى كزراعة أربعة ملايين فدّان بالخدمات البسيطة، كألف عربة للفول والطعمية أو عشرين بطة أو ألف شتلة نخلة في عيد النيروز أو شم النسيم أو حد السعف. وابدأ باللعب على مشاعر البسطاء، كأن تشتري توك توك صينياً من حرّ مالك لرجل عجوز من "الكريمات" أو بسكلتة إيطالي لطفل حلم بها، وروت لك الحكاية جدّته في التليفون (كده وكده يعني وانت عارف)، أو أرسل قفصين مانجو إلى طالب يهودي يدرس اللاهوت، ويقيم في حارة اليهود فوق السطوح، نوعاً من التوادّ ما بين أصحاب الأديان، والغرب يقدّر ذلك ويثمنه، وخصوصاً في القروض.

سادساً: ضع القضاء كله في جيبك، ونم سعيدا، فزوجة القاضي معروفٌ عنها أنها لا تعزّ سوى "لقمة القاضي"، وأولادهم ينتظرون التعيينات في النيابة، والنيابة في يدك ولقمة القاضي في يدك والجمبري أيضاً، علاوة على الموافقة على بناء بعض النوادي لهم على النيل، لأن ذلك يجعلهم سعداء بالجلسة على النيل، ومن يكون سعيداً في الجلسة وظيفياً واللقمة على المائدة وابنه صار وكيلاً للنيابة، فاطلب منه لا بفمك، بل اغمز، ولغمزاتك فعل السحر حتى في الحسان.

سابعاً: لاطف الأرملة البسيطة فجراً، ولو حتى فوق كوبري المرازيق، حتى وإن كانت تبيع "السجائر الفرط"، ولا تمدّ يدك إلى حلقها الذهب مرة أخرى، لأن تلك موضة قديمة انتهى مفعولها وصارت "مهروشة"، بل أعطها أنت من جيبك مسبحةً، ولو حتى فضية، كنت قد اشتريتها من الحجاز في عمرة من عمراتك. وأرجوك لا تضحك، وأنت تعطي الهدية في وجه الكاميرا، فهذه أيضاً بضاعة قديمة انتهت صلاحياتها في الدعاية من الأربعينيات. وعليك بنساء القرى والمناطق البعيدة، واترك الإسكندرية ومناطق عمل المخابرات في المدن الجديدة. وأنصحك بأبو النمرس مثلاً أو المرازيق .. وأخيراً وليس آخراً، لا بد أن تكون صاحب انقلابٍ مهندَس ومنسق على الهنداسة، ويخرج فيه أكثر من "33 مليون ثائر"، وأنت وذوقك في تسيير الحشود، لأني مش مغسل وضامن جنة.