كيف تصبح نبياً؟

كيف تصبح نبياً؟

11 ديسمبر 2014
لا بأس أن أتنبأ أنا أيضاً (Getty)
+ الخط -

"خذوا عني: لا مصالحة أبداً بين جماعة الإخوان المسلمين والمؤسسة العسكرية، ما دام السيسي على رأس السلطة، وإن الثلاثة أشهر القادمة، أيام فصل، إما أن يغادر فيها السيسي هذه السلطة، وإما الحرب الأهلية".

تعجبني هذه الجملة، وتبدو أنيقة محكمة، حتى إن الدكتور محمد البرادعي أو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لو كانا قد صاغا نبوءاتهما المكذوبة، بما هي مصاغة به، لكان بوسع أي منهما ادعاء النبوة، لو تحققت نبوءاتهما تلك، ولكان من الصعب علينا جداً أن نستطيع إقناع أحد أتباع الأديان الجديدة، بأن أنبياءهم كاذبون!

أقول ذلك، لأنه لم يزل هناك ناس يؤمنون فعلاً بأن الشيخ حازم وحده، أو أن البرادعي وحده، وأحياناً أبو الفتوح، هو من كان حقيقاً بالاهتداء به، وأن سبب كل ما نحن فيه الآن، هو أننا كذبناه.

لذلك لا بأس أن أتنبأ أنا أيضاً، فإذا أصبت، استدعيت هذا المقال من مخدعه، فأظهرته على الناس، أن اتبعون، وإن لم أصب فأنا واثق أن لا أحد سيذكره، كما لم يذكر أحدهم تصريحات البرادعي حين قال: "أنا أثق في السيسي، وأنه لا يسعى إلى السلطة".

هذه إذن خطتي التي أعمل عليها، لكنني خير منهم، فأنا أكثرهم إيماناً بالشفافية، وأقلهم خوفاً من المنافسة، لذلك سأعرب لكم عن مهارات النبوة، أو كيف تصبح نبياً سياسياً بلا معلم.

أولاً: إياك وتعيين المدة، اترك الكلام دائماً غير موقوف على زمن، لأنك لو عينتها مثلي بثلاثة أشهر، ثم صح الكلام، لكن في أربعة أشهر بدلاً من ثلاثة، ربما كان ذلك تهديداً لمصداقيتك كنبيّ. كذلك فإنك لو اكتفيت بالقول بأن الأيام القادمة أيام فصل، فلن ينتبه أحد لأنك تبيع السمك حياً في الماء. أما إن شئت إلا المقامرة، فاستعن بلفظة "ربما"، فتكون الجملة "ربما الثلاثة أشهر القادمة، أيام فصل".

ثانياً: عليك تعديد الاحتمالات جيداً، ثم استبعاد المستبعَد منها، مثلاً: ليس وارداً أن يتّحد الإخوان المسلمون مع القوى التي تسمى ثورية، فيسقطان السيسي سوياً، في ظل أن هذه القوى لا تزال تنتظر ذكرى محمد محمود الأليمة، لا لتثأر من الداخلية، بل لتؤكد المؤكد عندهم، وهو أن الإخوان "باعوهم هناك"، وأنهم يرفضون اعتذاراتهم. أيضاً في ظل تثمين الإخوان لدعوات الحفاظ على الهوية.

ثالثاً: تحرَّ الوقت الذي تطلق فيه النبوءات، ذلك أنها كاذبة، أنت تعرف ذلك، وإلا فلماذا لم يبتعد بعد نظر البرادعي أو أبو الفتوح، ليتنبأ أحدهما بالانقلاب على مرسي في عهد حسني مبارك؟ عليك أن ترى الانقلاب بعينيك ثم تتنبأ به.

رابعاً: ركّز اهتمامك على أطراف الصراع الرئيسية، فلن تستطيع الحكومة القضاء على جماعة الإخوان بدعم حزب الدستور لها، أو أنه قد يشكل مليشيا مسلحة للقضاء على "الإرهاب" في حالة فشل الجيش في التصدي له.

خامساً: إياك أن تفكر بعقلية السيسي، وتظن أن بمقدور أحد الأطراف، القضاء على الطرف الآخر، فالسيسي وحده الذي يظن أنه قادر على أن يهزم الإخوان في الداخل، ويضرب تركيا لما يكبر، ويعرّف قطر حجمها، ويخلص الدنيا في ليبيا، ويقضي على حماس بالضربة القاضية، هذا بخلاف الإجهاز على أنصار بيت المقدس طبعاً.

سادساً: علّق كل احتمال على شرط احتمال آخر، بمعنى: إذا لم يتصالح الإخوان والجيش فإنهم سيقتتلون، ولكي لا يقتتل الإخوان والجيش، عليهم أن يتصالحوا.

أخيراً: لا تشعر بتأنيب الضمير إذا رأيت الآلاف من السذج، تركوا الذين قتلوهم، وانشغلوا بالإثبات للقتيل مثلهم، أنهم لو اهتدوا بك كما فعلوا، لما قتلهم الذين قتلوهم.


*مصر

المساهمون