كيف تحولت العولمة إلى نقمة على الاقتصاد الأميركي؟

كيف تحولت العولمة إلى نقمة على الاقتصاد الأميركي؟

25 اغسطس 2019
"وول ستريت" استفادت من العولمة (Getty)
+ الخط -

ربما تكون العولمة نعمةً ساهمت في النمو السريع الذي حدث في أسواق المال وثراء حملة الأسهم  في أميركا، حتى أزمة المال في عام 2008، لكن هذه النعمة انقلبت إلى نقمة بعد الهجرة الكثيفة لرأس المال والتقنية والصناعة الأميركية إلى آسيا وتحديداً الصين. 

وحسب نتائج مسح أجرته صحيفة "لوس أنجليس تايمز" مع وكالة "بلومبيرغ"، فإن 50% من الأميركيين الذين شملهم المسح يرون أن العولمة التي فتحت الحدود للسلع والخدمات أضرت بالاقتصاد الأميركي، فيما قال 26% فقط إنها كانت مفيدة. 

ولا يستبعد خبراء اقتصاد أن تكون إحدى نتائج العولمة هي تخلف أميركا صناعياً مقابل تقدم الصين. ويرى الخبراء أنفسهم أن هجرة التقنية المالية والصناعية من أميركا إلى الصين هي السبب الرئيسي في الحرب التجارية الطاحنة التي تخوضها أميركا ضد الصين على عدة جبهات، وربما تنتهي بكساد للاقتصادين الأميركي والعالمي.

في هذا الصدد، يرى الاقتصادي الأميركي بول جورج كريج روبرتس، في تحليل بمعهد دراسات الاقتصاد السياسي الأميركي، أن العولمة دمرت الاقتصاد الأميركي وأفادت دول العالم، خاصة الصين التي استفادت كثيرا من التقنية والخبرات الأميركية، وذلك عبر الهجرات المكثفة لكبرى الشركات الأميركية إليها. 

ويقول كريج في تحليله، الذي نشره قبل 3 أيام على موقع المعهد، إن مشكلة الاقتصاد الأميركي أن العولمة فككت ركائزه الصناعية، حيث هاجرت الشركات الأميركية للتصنيع خارج البلاد.

وقال إن هذه الهجرة أدت إلى هجرة الوظائف والخبرات الأميركية، كما خفضت من القدرات الأميركية في الصناعة والاختراع والبحث العلمي. 

وأضاف أن النمو الذي تشهده أرباح الشركات حالياً، يعود إلى النمو القوي في القوة الشرائية الأميركية وخفض الضرائب، ولكنه نمو على المدى القصير ويتم على حساب النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

وأشار إلى أن هذه الهجرة حولت الاقتصاد الأميركي من اقتصاد ينتمي إلى العالم الأول إلى اقتصاد ينتمي إلى اقتصادات العالم الثالث، إذ تم إهمال الصناعة التي كانت قوة دفع الاقتصاد الأميركي طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.  

ورأى أن مسألة رفع الرسوم على البضائع الصينية التي يطبقها الرئيس دونالد ترامب لا تحل مشكلة الاقتصاد الأميركي. وأضاف أن إدارة ترامب تقول إن أعباء الرسوم تقع على عاتق الصين، ولكن في الواقع تقع على الولايات المتحدة، حيث إن هذه الرسوم تدفع بواسطة الشركات الأميركية التي تصنع في الصين مثل آبل ونايك وليفي والعديد من الشركات الأخرى التي تتخذ من الصين موقعاً لتصنيع بضائعها.
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنى استراتيجيته الاقتصادية على القضاء على العولمة والعودة إلى "حماية الصناعة والمنتج المحلي"، التي ينفذها عبر الرسوم الجمركية وإعادة التفاوض التجاري مع الدول على انفراد، ومحاولة تفكيك المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية.

لكن العديد من خبراء الاقتصاد يرون أن ترامب لن يتمكن من دفع دفة الاقتصاد الأميركي إلى العهد الصناعي، في وقت يجد فيه أصحاب الثروة في أميركا فرصة الحصول على أرباح هائلة من التمويلات المتوفرة لهم بنسب فائدة منخفضة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" وإقراضها بنسبب فائدة مرتفعة في دول آسيا والصين.

المساهمون