كيري: المباحثات مع لافروف أخفقت حول أوكرانيا وسنواصل المشاورات

كيري: المباحثات مع لافروف أخفقت حول أوكرانيا وسنواصل المشاورات

05 مارس 2014
لقاء يجمع روسيا بأعضاء من حلف الأطلسي اليوم
+ الخط -

لم يدم التفاؤل بتوصل الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق لانهاء الأزمة في أوكرانيا طويلاً. فلم يكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ينهي حديثه عن توافقه مع نظيره الأميركي، جون كيري، على ضرورة مساعدة أوكرانيا في تنفيذ اتفاق تسوية الأزمة الموقع في 21 فبراير/ شباط الماضي، حتى نفت الخارجية الأميركية التوصل إلى اتفاق.

وزير الخارجية الأميركي، أوضح أن المباحثات الروسية ـ الأميركية فى باريس أخفقت في التوصل إلى حل للأزمة فى أوكرانيا، مشيراً إلى أن الطرفين اتفقا على "مواصلة المباحثات المكثفة خلال الأيام المقبلة". واعتبر كيري أن روسيا انتهكت وحدة أراضي اوكرانيا وعلى العالم دعم الشعب الاوكراني.
وكان دبلوماسي أميركي نفى، بعد لقاء جمع لافروف وكيري، التوصل إلى اتفاق بقوله: "لم يحصل اتفاق خلال هذا الاجتماع، ولن يحصل اتفاق أبداً من دون مشاركة مباشرة للحكومة الاوكرانية".

وجاء الرد الأميركي بعدما نقل موقع "روسيا اليوم" عن لافروف قوله، بعد الاجتماع مع كيري، إن وزير الخارجية الأميركي اعترف بضرورة تهيئة جو من الثقة في ما يتعلق بالحوار حول أوكرانيا. وأشار الى أن ما يحاول شركاء روسيا القيام به من أعمال عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس روسيا ـ حلف الأطلسي وغيرهما من المنظمات الدولية، لا يساهم في تهيئة أجواء الحوار.
وشدد لافروف على أنه من الصعب جداً العمل على اتفاقات من شأنها أن تساعد الشعب الأوكراني في استعادة الاستقرار في ظل التهديدات والإنذارات، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، كان آخرها اعتبار وزير الخزانة الأميركي، جاكوب لو، الأربعاء، أن روسيا ستخسر عضويتها فى مجموعة الثماني في حال واصلت سياستها حيال أوكرانيا.
وأكد لافروف أنه ينوي مواصلة مناقشة الوضع في أوكرانيا مع نظرائه وزراء خارجية بولندا وفرنسا وألمانيا، علماً بأن هذه الدول حضرت توقيع الاتفاق بين الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش والمعارضة.
وجاء اللقاء المباشر بين لافروف وكيري للمرة الأولى منذ تصاعد الأزمة، بعد مؤتمر في باريس حضرته الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وهدف اللقاء إلى تخفيف حدة التوتر بشأن أوكرانيا، بينما يعزز الغرب جهوده لإقناع موسكو بسحب قواتها وإعادتها إلى قاعدة في شبه جزيرة القرم وتفادي خطر نشوب حرب.

وكان لافروف أعلن، من العاصمة الإسبانية مدريد، أن روسيا لا تستطيع أن تأمر جماعات مسلحة موالية لها في منطقة القرم الأوكرانية بالعودة إلى قواعدها لأنها قوات "للدفاع الذاتي" ولا تتبع أوامر موسكو. وأكد أن الرجال المسلحين المنتشرين في القرم ليسوا جنوداً روساً، وأن أفراد البحرية الروسية هم في وضع معتاد.

وعلى الرغم من إعلان رئيس الحكومة الأوكرانية، أرسيني ياتسينيوك، الثلاثاء، عن بدء محادثات مع روسيا، في ما اعتبره مراقبون مؤشراً على بوادر انفراج في الأزمة، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا، الأربعاء، إخفاقهما في محاولة الجمع بين روسيا وأوكرانيا في اجتماع يعقد في باريس لمجموعة تشكلت لضمان أمن كييف.
وقال وزير الخارجية الأميركي إنه، "للأسف"، لم يظهر مندوب روسيا للمشاركة في اجتماع ما يُعرف باسم مجموعة اتفاق بودابست التي تضم واشنطن ولندن وموسكو وكييف.

تيموشينكو: لا تنازلات لاسترضاء روسيا

وفي أحدث موقف أوكراني، قالت رئيسة الوزراء الاوكرانية السابقة، يوليا تيموشينكو، إن الغرب يجب أن يكثف ضغوطه على روسيا لإجبارها على سحب قواتها من شبه جزيرة القرم.

وقالت تيموشينكو لوكالة "أسوشيتد برس"، بعد أسبوعين من خروجها من السجن، إن أوكرانيا ينبغي ألا تقدم أي تنازلات لاسترضاء روسيا. وأضافت: "نعتقد أن المعتدي يتعيّن عليه أن يغادر دون أي شروط".

واعتبرت أن "أي مفاوضات حول مستقبل أوكرانيا يتعيّن إجراؤها مباشرة مع الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، الذين وقعوا معاهدة عام 1994 لضمان أمن أوكرانيا". وشددت على أن الغرب يتعيّن عليه أن يفعل كل شيء "لوقف العدوان".

من جهته، جدّد وزير الخارجية الأوكراني، أندريه ديشيتسيا، الدعوة إلى حل الأزمة بالوسائل الدبلوماسيّة. وقال ديشيتسيا إن بلاده تريد "حلاً سلمياً للصراع مع روسيا".

وأضاف: "نريد أن نقول بعض الأمور للروس، نريد الحفاظ على الحوار الجيد والعلاقات الجيدة مع الشعب الروسي. نريد أن نحل هذا الصراع سلمياً ولا نريد قتالاً مع الروس".

بدوره، حمّل رئيس الوزراء الأوكراني الجديد، أرسيني ياتسينيوك، مسؤولية الأزمة الحالية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وقال ياتسينيوك، في أول مقابلة له منذ توليه مهام منصبه قبل أسبوع، إن "شبه جزيرة القرم لا بد أن تظل جزءاً من أوكرانيا، لكن ربما تمنح صلاحيات محلية أكبر". وأضاف أنه يمكن إنشاء مجموعة عمل خاصة "لدراسة نوعية الحكم الذاتي الإضافي الذي يمكن منحه للقرم".
وجاءت تصريحات ياتسينيوك في وقت نسبت صحف في بلغراد، الأربعاء، إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قوله في بيان: "كما تمكنت كوسوفو من الانفصال، فإنه بالإمكان أن يحدث الأمر نفسه مع القرم أيضاً".

استمرار الدعم الغربي

وتزامنت هذه التصريحات للمسؤولين الأوكرانيين مع تواصل الدعم الأوروبي لكييف. وكان وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، قال إن اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الخميس، قد يقرر فرض عقوبات على روسيا إذا لم "يتوقف التصعيد" بحلول ذلك الوقت. وهو ما استدعى رداً مباشراً من روسيا، إذ قالت وكالة الأنباء الروسية إن المشرّعين الروس يعملون على صياغة مشروع قانون يسمح بمصادرة ممتلكات وأصول وحسابات مصرفية لشركات أوروبية أو أميركية إذا فرضت عقوبات على روسيا.

وفي إطار الدعم الأوروبي لأوكرانيا، قال رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروزو، إن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم مساعدات مالية قيمتها 11 مليار يورو إلى أوكرانيا خلال العامين المقبلين عبر مجموعة من القروض والمنح.

ويعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم مزايا تجارية كانت أوكرانيا ستحصل عليها إذا وقعت اتفاقية شراكة مع الاتحاد العام الماضي وسيعمل على توفير الطاقة لأوكرانيا عن طريق إمدادها بالغاز.

… وقلق تركي

في هذه الأثناء، استمر الاهتمام التركي بالأزمة الأوكرانية، ولا سيما بعدما ناشد رئيس المجلس القومي لتتار القرم، رفعت تشوباروف، رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، عقد لقاء خاص مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة الأوكرانية.
وكان أردوغان بحث مع بوتين الأوضاع التي تشهدها أوكرانيا، في اتصال هاتفي مساء الثلاثاء.

من جهته، اعتبر الرئيس التركي، عبد الله غُول، أن عودة الحرب الباردة بين روسيا والغرب تشكل تهديداً لجميع الأطراف في المنطقة. وشدد على رغبة بلاده بإنهاء الأزمة الأوكرانية من خلال الحوار، في حين حذّر وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو، من تطور الأوضاع في القرم إلى "صراع عرقي".

ويعقد داوود أوغلو، الخميس، اجتماعاً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، على هامش اجتماع "مجموعة الاتصال الخاصة في ليبيا"، الذي سينعقد في العاصمة الإيطالية روما، فضلاً عن لقاءات مماثلة ستجمعه بوزراء آخرين، سيتناول معهم آخر التطورات في أوكرانيا.
وكانت الحكومة التركية أعربت عن دعمها لمقترح منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تشكيل لجنة تقصي حقائق في أوكرانيا للوقوف على تطورات الأوضاع والعمل على حل أزمة شبه جزيرة القرم بالطرق الدبلوماسية.
وتسيطر حالة من الخوف والقلق على سكان شبه جزيرة القرم من التتار المسلمين.
وأكثر ما يخشاه التتار المسلمون في القرم التهجير من ديارهم كما حدث معهم في الحقبة السوفياتية عام 1944 حين تم نفي 200 ألف تتاري بحجة تحالفهم مع ألمانيا النازية التي احتلت القرم خلال الحرب العالمية الثانية. فانتقل 150 ألف منهم للعيش في أوزبكستان، فيما مات الآلاف الآخرون في الطريق بسبب الجوع والمرض.

الوضع الميداني
على مستوى التحركات الميدانية، نقلت وكالة "انترفاكس" الروسية للأنباء عن مصدر عسكري قوله إن القوات الروسية سيطرت على وحدتي دفاع صاروخي أوكرانيتين في القرم، الأربعاء.

في المقابل، قال شهود عيان إن أوكرانيا رفعت علمها على مقر الحكومة المحلية في مدينة دونيتسك، شرق البلاد، حيث كان العلم الروسي مرفوعاً منذ يوم السبت الماضي.
كذلك أفيد عن وضع حرس الحدود الأوكراني نقاط تفتيش خاصة عند مداخل شبه جزيرة القرم. ونقلت وكالة أنباء "إيتار تاس" الروسية عن نائب رئيس دائرة الحدود، بافلو شيشولين، قوله إنه "تم تفعيل نظام كامل لتأمين حدود منطقتي خيرسون وزابوروجي الواقعتين بالقرب من شبه جزيرة القرم". وقد أنشأ ما يقرب من 300 ضابط حدودي نقاط تفتيش لتفقّد حركة الدخول والخروج من جزيرة القرم.

وبعد يوم من عبور سفينتين روسيتين وسفينة أوكرانية مضيق البوسفور باتجاه البحر الأسود، تستعد سفينة حربية أميركية لعبور المضيق وصولاً إلى البحر الأسود.
وقالت صحيفة "حرية ديلي نيوز"، التركية، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تحتاج لإبلاغ تركيا بشأن رغبتها دخول البحر الأسود. وأشارت إلى أن هناك قيوداً بالنسبة لسفن الدول غير المطلة على البحر الأسود وفترة بقائها في المياه الإقليمية للدول المطلة.

في هذه الأثناء، نفى نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يان إلياسون، الأربعاء، صحة التقارير التي أفادت أن مسلحين في منطقة القرم احتجزوا ممثل المنظمة في أوكرانيا، روبرت سيري، موضحاً أنه تعرّض لتهديد فقط.
وقال إلياسون: "لم يُخطَف لكنه يتعرّض لتهديد خطير"، مضيفاً: "ينبغي إدانة هذا التصرف بقوة". وأوضح أن "مجموعة رجال مجهولين بعضهم مسلحين أحاطوا بسيري وقالوا إنه يجب أن يغادر القرم". وأشار إلى أنهم منعوا سيري من المغادرة بالسيارة وأجبروه على مغادرة المكان سيراً على الأقدام، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، جميع الأطراف المعنية بالأزمة إلى خفض التوتر في أوكرانيا.

المعارضة متورطة في أعمال قتل

جاء ذلك بينما نشرت وكالة "روسيا اليوم" تسجيلاً مسرّباً لمكالمة هاتفية بين وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، ووزير الخارجية الإستوني أورماس بايت، يتحدث فيه بايت عن أن جهة في المعارضة الأوكرانية قامت بتجنيد مسلحين قتلوا متظاهرين ورجال أمن في ميدان الاستقلال في كييف.
ووفقاً لما جاء في التسجيل، الذي أوضحت أنه سُرّب من قبل أفراد من جهاز الأمن الأوكراني موالين للرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش، يقول الوزير الإستوني: "إن كل الشهادات تدلّ على أن جميع القتلى بطلقات نارية من رجال الأمن والمتظاهرين قتلوا على يد المسلحين أنفسهم".
وأشار إلى وجود صور وشهادات أطباء بشأن الرصاص من النوع ذاته والأسلوب نفسه، لافتاً إلى أن "هناك إدراكاً متزايداً بأن جهة من الائتلاف الجديد تقف وراء المسلحين وليس يانوكوفيتش".
من جهتها، قالت آشتون إنه يجب التحقيق في ما حدث أثناء الاشتباكات في كييف، مؤكدةً على ضرورة ضمان عمل البرلمان الأوكراني وتشكيل حكومة قادرة على العمل.

المساهمون