كيتيج، كيتيج.. هل تسمعين الأجراس في عمق المياه؟

كيتيج، كيتيج.. هل تسمعين الأجراس في عمق المياه؟

23 يوليو 2020
(جان باتيست بارا)
+ الخط -

قدّيسون أبرياء

تمرّ الفتاة التي ابتسامتها ابتسامة نورس
كان ذلك في البداية:
بقعة ضوء بعيدة في ثلج الحقول البلدية
فينوس الشمال، والرجال يهربون
أيديهم التي تحبّ الأوراك القوية
تتناتش قربة الكحول
هل صحيح أن صوتاً
يقع بسرعة سوارٍ رُمي في وعاء؟
كل مرقد يحمل اسم مدينة،
وفي النظرات المضطربة يمكن قراءة فصل آخر
النمال تتبع النمال نحو جماجم خضّرتها الطحالب
لكن الوقت لا يزال مبكراً لقياس وزن الظلال.
لم يكن ثمة نجوم في سماء الصباح،
وكنّا نحن ثلج الرُكب النحيفة،
كعقلٍ بكر لوليدٍ جديد.


■ ■ ■


أجراس الماء

كيتيج، كيتيج،
حين يتبع الحبّ الحبّ
بمَ تفكّرين؟
بذاك الذي أبحث عن اسمه،
بأول نفخة في ليله،
بلحمه الذي يُسحَب من بطني،
بوجهه المصقول،
بالصورة الأكثر فقراً لحياة.
نقف قرب ما لم يحدث بعد،
وهو أبيض كالأسلحة، كالثلوج،
نرافق خطى طفل لم يولد قَطّ.
كيتيج، كيتيج،
حين يتبع الانتظار الانتظار،
بمَ تفكّرين؟
بسواد الذباب،
بطائرات ورقية صنعها لروحه الصغيرة
أبٌ يجيد القصّ،
برموش الطحالب الطويلة
التي تشكّل لحية الغول،
بجاذبية البدايات الخفيفة،
حين يهزّ الطفل أغصان الضوء
ويقلّب جيوبه من ثمار الزان،
بقرعته أيضاً التي تمّحي
في ضمّة الوقت المطوي.
كيتيج، كيتيج،
هل تسمعين قرع الأجراس
في عمق المياه؟


■ ■ ■


حمّى خفيفة

أن نفقد ما كان يمكن أن يكون:
هذا سيترك أثراً.
كلمة فارغة قرب أغصان مقطوعة
حيث يجفّ الوقت.
في العدم سرعة لا يسعني اللحاق بها أبداً
إنها غرفتنا القريبة من الشارع.
أرغب في رؤية وجهك
لحظة احتراق العالم.
لكن، كل ما هو موجود
يعاني إمكان ترجمته.
من يستطيع فصل الظلال
لتعرف مجدّداً طعم الانتظار؟
بين القرّاص ينام الشعر ويُحفَظ
أعلم: لا بدّ من خنق صوتي.


■ ■ ■


الأيقونة

منحتُ قلبي للصمت
أياماً طويلة
وكنت إذ أغمض عينيّ أرى
سروة بيضاء قرب الساقية،
منديلاً مبلّلاً باللعاب،
خيالاً لقدّيسين،
في العمق الذهبي للأيقونة،
ووجهك الذي يتقطّع
في ضوء اسمك.
أفتح عينيّ:
لا يزال كل شيء محافظاً على هيئة لم تُمسّ.


■ ■ ■


ضفاف الأوندافا 

شربتُ من قبل هذا الخمر،
جالساً إلى هذه الطاولة،
عاملٌ شابٌ خارج الخدمة
يفصص بذور دوّار الشمس.
إنه مساء تحزن فيه الموسيقى.
السماء عاصفة.
البرسيم ينبت.
الثيران تضرب قرونها بعنف.
يقولون لأنفسهم: سوف تمطر.
ملاك يبلل ثيابه لدى دخوله غيمة.
لكن كلب السادة يتقدّم،
شقيق الوفاء،
شقيق التوحّد.
"افغُر فاك قليلاً يا أسد، لأعدّ أنيابك".
لساقية المياه الملأى
ألوان الليمون الفاسد.
يُقال إن قلب الإنسان وعاءٌ
يسقط المطر فيه.
أفكارنا حزينة،
بينما الفتيات ينتظرن أن يُقبَّلن
والأحصنة تُضرَب بالسياط.


■ ■ ■


سمّيتها لغة 

دخان الشغف نصب ستارةً معتمة
سمّيتها سماء
عيناي فُرِكتا على حلم مريع
سمّيته عالماً
أحرقت الريحُ ثوبها لدى احتكاكها بالنار
وسمّيتها عودة الربيع
في السُّكر أصبحت هذه الشعلة جرحاً
وسمّيتها خريفاً
قطرة دمٍ تجمّدت في جلطة
وسمّيتها قلباً
موجة مرارة لطّختني
وسمّيتها لغة.


* Jean-Baptiste Para شاعر فرنسي من مواليد باريس عام 1956

** ترجمة عن الفرنسية: زينب عساف

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون