كوشنر يحاول تلميع "صفقة القرن" في مقابلات تلفزيونية

كوشنر يحاول تلميع "صفقة القرن" في مقابلات تلفزيونية

29 يناير 2020
صمم كوشنر "صفقة القرن" لمصلحة دولة الاحتلال (Getty)
+ الخط -

ظهر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، جاريد كوشنر، مساء الثلاثاء، في مقابلات تلفزيونية على فضائيات عربية بعد ساعات قليلة من إعلان ترامب خطته للسلام المعروفة بـ"صفقة القرن"، وحاول عرّاب الصفقة تلميع خطته الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، مدعياً أنّها ستفتح مجالاً لحل سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي مقابلة مع قناة "الجزيرة"، امتدح كوشنر ما سمّاها "التنازلات" التي قدمتها إسرائيل وقبولها الخطة الأميركية، رامياً الكرة في مرمى القيادة الفلسطينية، التي قال إنّ عليها ألا تضيع "الفرصة التاريخية" التي تعرض عليها، وقال إنّ الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان يخشى الوصول إلى اتفاقية مع إسرائيل، حتى لا يتهم من قبل العرب بأنه خائن، معتبراً أنّ واقع الحال تبدّل، "إذ إن العرب الآن يرجون القيادة الفلسطينية من أجل قبول الصفقة والتوصل لسلام مع إسرائيل".

واتهم كوشنر القيادات الفلسطينية بإضاعة كل فرص السلام، على مدى السنوات الماضية، والتسبب في المعاناة لشعبها، ومن ثم تحميل إسرائيل مسؤولية معاناة الشعب الفلسطيني، "مع أنّ إسرائيل كانت دائماً تعرض عليهم التسويات، لأنها تريد العيش بسلام"، على حد قوله، متهماً إيران بأنّها تعارض الخطة "لأنها تستخدم القضية الفلسطينية لتحقيق مصالح خاصة بها".
وتتجاهل تصريحات كوشنر احتفال رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأعضاء حكومته بالخطة وعزمهم، الأحد المقبل، التصويت على قرارات لضم المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة لدولة الاحتلال.

ووصف كوشنر الخطة التي كشف ترامب عن تفاصيلها بحضور نتنياهو، أمس الثلاثاء، بـ"الرائعة"، "لأنها تتيح لإسرائيل العيش بأمان في محيطها، وتتيح للفلسطينيين عرضاً لن يتكرر مرة أخرى، وهو الحصول على دولة، وأن يحيوا حياة كريمة فيها، حيث سيحصلون على خمسين مليار دولار لبناء دولتهم المرتقبة"، كما زعم، مشدداً على أنّ "الخطة جاءت استناداً إلى أساس القرارات الدولية".

وأضاف في لقائه مع "الجزيرة" أنّ إسرائيل قدمت تنازلاً كبيراً بموجب الخطة الأميركية، فهي وافقت وللمرة الأولى على تجميد الاستيطان لمدة أربع سنوات، و"هو أمر لم يحدث من قبل".

وقال إنّ الخطة أخذت في الاعتبار واقع الأراضي الإسرائيلية الجديدة بعد التمدد الاستيطاني، وإنها ستعمل على وقف هذا النمو، كما أخذت في الاعتبار الواقع الأمني عند رسم حدود الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، بما يضمن أمن إسرائيل.

وفي ما يتعلق بالمسجد الأقصى، أكد أنه سيظل على وضعه الحالي، حيث يواصل الأردن الإشراف عليه، بما يتيح لكل المسلمين في العالم زيارته والصلاة فيه، "كما سيكون متاحاً لكل اليهود والمسيحيين في العالم لزيارة أماكنهم المقدسة بالقدس".

وقال إنّ القدس ستكون عاصمة موحدة لإسرائيل، مضيفاً أنّ حدود القدس تغيرت على مر السنوات الماضية، فحدودها عام 1967 ليست هي الحدود ذاتها التي كانت عليها عام 2000، ثم عام 2010، متابعاً أنّ "ترسيم الحدود البلدية أمر سيتم التفاوض عليه لتمكين الفلسطينيين من إقامة عاصمتهم على أرض بالقدس، مع التشديد على أن القدس الشرقية والغربية الحالية هي عاصمة إسرائيل، وهو ما يفسر وعد ترامب اليوم للفلسطينيين بإقامة عاصمة لهم بالقدس الشرقية".


وفي مقابلة أخرى على "سكاي نيوز عربية"، قال كوشنر إنّ "الرئيس الأميركي قدّم وعوداً بشأن حل الدولتين من خلال خطة متكاملة للسلام. ننتظر من القادة الفلسطينيين رداً إيجابياً". وأضاف: "إذا وافق الفلسطينيون على التفاوض، فستكون هناك استثمارات وفرص عمل وكذلك العديد من المشاريع". وأوضح أن "المجتمع الدولي تعهد بتقديم الأموال لمساعدة الفلسطينيين، لكن يجب أن يتأكد المانحون أنه لن يكون هناك إرهابيون".

وأكد كوشنر أن الإدارة الأميركية تسعى لتحسين معيشة الفلسطينيين، لافتاً إلى أن المقترح الأميركي "يمثل فرصة غير مسبوقة" للفلسطينيين من أجل حل القضية.


لكن هذه الادعاءات لم تقنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي شدّد على أن مخططات تصفية القضية الفلسطينية إلى فشل وزوال ولن تسقط الحق الفلسطيني ولن تنشئ التزاماً، وقال: "سنعيد هذه الصفعة صفعات في المستقبل". وأكد أنّ الاستراتيجية ترتكز على استمرار الكفاح الفلسطيني، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال الدولة وعاصمتها القدس الشرقية.

وأعلن عباس، رفض الفلسطينيين للخطة بعيد إعلانها، قائلاً إن "القدس ليست للبيع وصفقة المؤامرة لن تمر"، معلناً عن البدء باتخاذ إجراءات لتغيير الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية.

وقال عباس، في كلمته خلال اجتماع القيادة الطارئ في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، رداً على إعلان "صفقة القرن": "سنبدأ فوراً باتخاذ كل الإجراءات التي تتطلب تغيير الدور الوظيفي للسلطة الوطنية، تنفيذاً لقرارات المجلسين المركزي والوطني".

وتابع: "سمعنا ردود فعل مبشرة ضد (خطة ترامب) وسنبني عليها"، مؤكداً التمسك بالشرعية الدولية، وهي المرجعية، ومشدداً على التمسك بالثوابت الوطنية التي صدرت عن المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، وقال: "لن نتنازل عن واحد منها".


وعلى وقع تصفيق حار، ولمز وابتسامات متبادلة، كان ترامب قد كشف برفقه نتنياهو، عن مضمون "صفقة القرن" التي عكف منذ وصوله إلى البيت الأبيض على العمل عليها.

وخلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، قال ترامب أثناء استقباله نتنياهو، إن "الخطة شاملة ومفصلة وتعتبر الأفضل للطرفين، ورؤيتي كانت تحقيق فوز ونصر للطرفين بتحقيق دولة فلسطينية وأمن لإسرائيل بذات الوقت"، مضيفاً: "نتنياهو أعلمني بأنه موافق على الخطة، والخطة شاملة مكونة من 181 صفحة". (لقراءة النص الكامل للصفقة: انقر على هذا الرابط)

وفي حين أقرّ بسيادة إسرائيل على غور الأردن والمستوطنات، فقد ترك الأراضي الفلسطينية "المخصصة لدولتهم الجديدة مفتوحة وغير مطورة لأربع سنوات"، على أن يتمّ خلال هذه الفترة "التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين والوصول إلى الدولة المستقلة"، مخاطبًا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقول: "إذا ما اخترت يا عباس مسار السلام، فإن الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى ستدعمك".