كورونا يمدّد عمر الحكومة الأردنية

كورونا يمدّد عمر الحكومة الأردنية

10 مايو 2020
أجّجت كورونا الوضع الاقتصادي السيئ في الأردن(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

عادت سهام النقد الشعبي لتنهال على الحكومة الأردنية من جديد بدوافع اقتصادية وبشكل متسارع في الفترة الأخيرة، بعد هدنة رافقت بدء الإجراءات الحكومية لمواجهة فيروس كورونا منتصف شهر مارس/آذار الماضي، فيما تبدو حكومة عمر الرزاز، عبر الأفكار والبرامج التي تطرحها، مقتنعة بأن رئيسها باقٍ في منصبه لفترة ليست بقصيرة. ويدرك الرزاز عمق الأزمة التي تمرّ بها حكومته بسبب الأوضاع الاقتصادية والتي تنعكس على المستوى المعيشي للمواطنين، على الرغم من محاولة تسويق النجاح النسبي في المجال الصحي لتجميل صورة الحكومة، في ظل التحدي الأكبر الذي يواجهه الأردن والمرتبط بارتفاع معدلات البطالة والفقر. لكن آلية تشكيل وتعيين الحكومات في الأردن، وفي ظل أزمة كورونا، تمنح الرزاز عمراً إضافياً، مع توقعات بإجراء تعديل على فريقه الحكومي في حال استقرت الأوضاع الصحية، بسبب ضعف أداء بعض الوزراء الاقتصاديين الذي كشفت عنه الأزمة، على الرغم من القناعة العامة بأن اللجوء إلى الأسلوب نفسه في تعيين الوزراء سيؤدي إلى النتائج ذاتها.

في السياق، يرى الأمين العام لـ"الحزب الوطني الدستوري" الأردني، أحمد الشناق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة ذهبت للحديث عن كورونا، من رئيسها إلى الوزراء، وكأن الحكومة حكومة كورونا، فيما الوباء هو أحد الملفات التي تواجهها البلاد، والعديد من الوزارات أصبحت معطلة ولم يظهر لها أي دور. ويضيف: في الحقيقة إن ملف كورونا لم يكن ملفاً حكومياً بل ملف دولة، والقوات المسلحة ليست جزءاً من الحكومة، لكنها أدت دوراً مهماً وبارزاً في مواجهة الوباء، إذ تم تفعيل مركز إدارة الأزمات وتشكيل خلية أزمة، والنجاح الصحي الذي تحقق للدولة الأردنية ككل، ولا يمكن تجييره لصالح الحكومة.

وبالنسبة لنجاح الكوادر الصحية، يعتبر الشناق أنه حصل بشكل أساسي لارتباطه بخلية الأزمة، فيما لم تظهر الحكومة بشكل بارز خلال هذه الأزمة ولم تقدّم أداء مهماً في ظل أزمة استثنائية، تحت مظلة قانون الدفاع، لا سيما في القضايا السياسية والاقتصادية التي تنعكس على حياة المواطنين وكان يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع الأداء في المجال الصحي. ويشير إلى أنه، على سبيل المثال كان على الحكومة أن تتقدم بموازنة طوارئ تحدد بها الأولويات الجديدة، وتضبط الإنفاق، ولكنها تعاملت بفشل ذريع عندما ذهبت إلى الإصلاح المالي لتستهدف جيوب موظفي القطاع العام المدني والعسكري والاقتطاع من رواتبهم ومستحقاتهم. وهذا يؤكد أن الحكومة لا تمتلك خطة اقتصادية في مواجهة الأزمة، معتبراً أنها فشلت اقتصادياً في استغلال البدائل عبر التركيز على الإنتاج واستغلال البيئة الخالية من الوباء في محافظات جنوب الأردن.



ويوضح الشناق أن قانون الدفاع شكّل فرصة لإلغاء ودمج العديد من المؤسسات كبرنامج إصلاحي، وتقديم نموذج سياسي لإدارة الأزمة، كما أن الحكومة لم تفعّل دور الأحزاب لخلق حوار وطني للوصول إلى حلول بديلة لمواجهة الظروف التي فرضها وباء كورونا، حتى أنها لم تقدم موقفاً سياسياً في ظلّ البرلمان المعلق، لا سيما مع صدور قرار بفضّ الدورة العادية يوم الأربعاء الماضي، ولم توضح وتحدد فترة استمرار قانون الدفاع، وأيضاً مصير الانتخابات النيابية المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل. ويلفت إلى تشكّل عالم جديد بما يحمله من تغييرات في النظام العالمي، ما سينعكس اقتصادياً وسياسياً على مستوى المنطقة، معتبراً أن الحكومة الحالية غير قادرة على حمل هذا الملف الذي سيقدّم الأردن إلى العالم الجديد، الذي يتم خلاله إعادة ضبط العولمة. ويتوقع الشناق أن تكون المرحلة المقبلة حبلى بمفاجآت التغيير في الأردن.

من جهته، يقول الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الظروف الراهنة تقف في صالح استمرار الحكومة، إلا في حال حل مجلس النواب، وهو الأمر الذي يعني استقالة الحكومة دستورياً في ظرف أسبوع. ويضيف أنه حتى الآن من المستبعد إقالة الحكومة التي كانت تتعرض لانتقادات واسعة قبل كورونا، واصفاً الأداء الحكومي في المجال الصحي في مواجهة الفيروس بالجيد، أما الأداء الاقتصادي فخاضع للنقاش وهو ضعيف، في حين أن الملفات السياسية لم يحدث فيها أي تطوير أو تغيير، فقانون الانتخاب كما هو، ولا تغيير على قانون الأحزاب.

وبالنسبة للوضع الاقتصادي، يشير شنيكات إلى أن "هناك مشاكل كبيرة، فالأداء الحكومي قبل كورونا كان سيئاً في ظل البطالة والفقر والديون، وأزمة كورونا ساهمت بتفاقم الوضع الاقتصادي، ومعاناة القطاع الخاص تزداد، وفقدان الفرص الاستثمارية مستمر"، متوقعاً استخدام الحكومة الوباء كذريعة وشماعة لضعف الأداء العام. ويلفت شنيكات إلى أن الأردن يعتمد بشكل كبير على تحويلات العاملين من الخارج، والسياحة، والمساعدات الخارجية، والموارد الضريبية لا سيما من القطاعين الصناعي والتجاري، مشدداً على أن واجب الحكومة وعملها إيجاد الحلول لمواجهة هذه التحديات. ويعتبر أن استطلاعات الرأي تظهر رضى شعبياً عن أداء الحكومة في المجال الصحي، فيما هناك انتقادات تجاه إدارة الأمور الاقتصادية، لافتاً إلى حضور جيد خلال الأزمة لوزيري الصحة والإعلام، في ظل تفاوت أداء الوزراء الآخرين فبعضهم لم يرتق عمله إلى حجم التحدي المطلوب، كوزيري العمل والصناعة والتجارة.