كورونا: جدل بعد انسحاب أميركا من منظمة الصحة العالمية

كورونا: جدل بعد انسحاب أميركا من منظمة الصحة العالمية

08 يوليو 2020
فحص في تكساس (سيرجيو فلوريس/ Getty)
+ الخط -

أطلقت الولايات المتحدة رسمياً عملية الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، بالتزامن مع تسجيلها إصابات كثيرة جداً بفيروس كورونا الجديد، تجاوزت الثلاثة ملايين أمس، بالإضافة إلى أعداد وفيات هائلة وصلت إلى أكثر من 133 ألفاً. وبينما كشفت الهند عن إعداد مليار جرعة من لقاح مرتقب ضد كورونا، سجل العالم نحو 12 مليون إصابة بالفيروس، شفي نحو 6 ملايين و500 ألف منها.
في الولايات المتحدة، أكد الرئيس دونالد ترامب، المعروف أيضاً بتقليله من أهمية الوباء، أنّه أبلغ منظمة الصحة العالمية بانسحاب الولايات المتحدة منها. ويتهم ترامب المنظمة الأممية بالتأخر في الاستجابة لظهور الفيروس في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بهدف إرضاء الصين.
وبينما أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، أنّ الولايات المتحدة أبلغت المنظمة بانسحابها، اعتباراً من 6 يوليو/ تموز 2021، أي بعد عام كامل من الآن، وهي الإجراءات التي ينص عليها قرار للكونغرس الأميركي عام 1948، يسمح بالانسحاب لكن بشرط الإبلاغ قبل عام كامل من وقوعه مع دفع المستحقات المطلوبة، فإنّ الأشهر الماضية التي شهدت شداً وجذباً بين المنظمة والولايات المتحدة، ارتفعت فيها أصوات كثيرة لا سيما من الاتحاد الأوروبي تدعو الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في هذه النوايا.

والخطر الأكبر هو أنّ المنظمة في معركتها الحالية مع وباء كورونا تحتاج إلى تضافر مختلف الجهود، والولايات المتحدة جزء أساسي من هذه الجهود لا سيما من خلال مساهمتها المالية الكبيرة التي تجاوزت 400 مليون دولار العام الماضي (15 في المائة من ميزانية المنظمة)، وما يمكن أن يؤدي إليه قطعها من أضرار على مستوى برامج المنظمة الإجرائية والوقائية.
قرار ترامب اتخذ منحى سياسياً في الداخل الأميركي، بعيداً عن معركته مع الصين على المستوى الدولي، إذ إنّ المرشح الرئاسي الديمقراطي، جو بايدن، الذي سينافس ترامب على الرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تعهد بإلغاء قرار ترامب والعودة إلى منظمة الصحة العالمية في حال انتخابه رئيساً للبلاد.

تجدر الإشارة إلى أنّ قرار ترامب تزامن مع إنكاره الوضع السيئ على المستوى الوبائي في الولايات المتحدة، فهو يضغط من أجل إعادة فتح المدارس في الخريف، كما أكد ترامب أنّه لا يتفق مع تقييم كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنطوني فاوتشي بشأن الوضع الخطير الذي تواجهه البلاد. وكان فاوتشي قد ذكر قبل أيام أنّ "الوضع الحالي ليس جيداً، وما زلنا غارقين في الموجة الأولى" من الإصابات بكورونا. لكنّ ترامب ردّ قائلاً: "أعتقد أنّنا في موقع جيد. لا أتفق معه... قال الدكتور فاوتشي لا تضعوا الكمامات، والآن يقول ضعوها". وأضاف: "قمنا بعمل جيد... أعتقد أنّنا سنكون في وضع جيد للغاية في غضون بضعة أسابيع".
خيار ترامب ضد المنظمة لطالما برره بكون المبالغ التي تدفعها الولايات المتحدة لها يمكن أن تستخدمها بطرق أفضل. ويبدو أنّ التمويل الأخير للقاحات يصب في هذا الإطار، إذ أعلنت حكومته أنّها منحت 1.6 مليار دولار لمختبر التكنولوجيا الحيوية الأميركي "نوفافاكس" لتطوير مشروع لقاح ضد كورونا، ما يضمن أفضلية الولايات المتحدة في الحصول على أول 100 مليون جرعة في حال ثبتت فعاليته. وأطلقت الإدارة الأميركية عملية "وارب سبيد" (فائقة السرعة) لمحاولة إنتاج 300 مليون جرعة من اللقاح بحلول يناير/ كانون الثاني 2021، لإعطاء الأولوية في الحصول على اللقاح للأميركيين. وعلى العكس من دول أوروبا والدول الأخرى، تعمل الولايات المتحدة بمفردها ولا تشارك في التبرعات الدولية. وساهمت الحكومة الأميركية بمليارات الدولارات في مشاريع منافسة بين العديد من شركات التقنيات الحيوية والمختبرات، المبنية على تقنيات مختلفة، لتمويل التجارب السريرية بالتوازي مع بناء مواقع تصنيع واسعة النطاق.
عالمياً، وعلى صعيد اللقاحات، أعلنت شركة "باناسيا بايوتك" الهندية أمس الأربعاء، أنّها تسير وفقاً للجدول الزمني المقرر لإنتاج أول كمية من لقاح محتمل للوقاية من كورونا، بحلول يناير/ كانون الثاني 2021. وقالت الشركة في بيان إنّها تستهدف إنتاج 500 ألف جرعة في 2021 ومليار جرعة في 2022 من اللقاح المحتمل.
أما على صعيد الإصابات، فقد سجل العالم أكثر من 11 مليوناً و900 ألف إصابة بالفيروس حتى مساء أمس، من بينها نحو 6 ملايين و500 ألف حالة شفاء، ونحو 550 ألف وفاة، بحسب جامعة "جونز هوبكنز".

المساهمون