كورونا النسخة السورية الأخطر

كورونا النسخة السورية الأخطر

02 اغسطس 2020
+ الخط -

بدأت وزارة صحة النظام في سورية بالاعتراف بأن المناطق التي تدخل تحت إدارتها قد طرقت أولى مراحل المعاناة، فالبيان قال قبل أيام إن عدد المصابين بفيروس كورونا وصل إلى 717 في عشر محافظات، ونوّه إلى أن هذا العدد هو ما رصدته الوزارة، وقد يكون هناك حالات أخرى غير مرصودة! يؤكد البيان وجود الوباء في عشر محافظات. وعلى الرغم من أن العدد المذكور قليل نسبيا، فالتلميح واضح إلى أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك، وتحديده المحافظات العشر يعني أن المرض قد توسع إلى أكبر مساحة ممكنة، وليس هناك استثناءات على الإطلاق. أما أخطر ما في البيان هو التلميح العميق إلى أن إمكانات النظام الصحية تعاني بشدّة، وقد تكون غير قادرة على مواجهةٍ من هذا النوع. وقد برّرت الوزارة ذلك بالطبع بحالة الحصار التي قال البيان إن سورية تعاني منها .. يلقي البيان الكرة في ملعب كل شخص، ويتنصّل من مسؤوليته أمام الجائحة التي يبدو أنها تسرّبت وانتشرت.

يمكن التشكيك بكل بيانٍ يقدّمه النظام، حتى هذا البيان الذي يفصح عن زيادةٍ في عدد المصابين، فمن المتوقع أن يكون العدد أكبر بكثير، سواء الحالات التي يعرف النظام عنها، أو المنفية في تجمعات الصفيح والفقر والبؤس الذي يحيط بالمدن، خصوصا أن هناك إصابات ووفيات ضمن الطواقم الطبية، فقد نعت مواقع موالية، قبل أيام، طبيبة قيل إنها توفيت جرّاء إصابتها بالفيروس، كما أفادت وسائل إعلام النظام نفسها الأسبوع الماضي بأن سبعةً من متطوعي الهلال الأحمر قد تبين أن فحوصاتهم التي أجروها في مستشفى المجتهد جاءت بنتيجة موجبة. وفي ظل هذه المخاوف، أوقفت جامعة دمشق جولات طلاب كلية الطب البشري الميدانية، لعدم تمكّنها من توفير إمكانات الفصل الآمن بينهم، في اعترافٍ آخر بأن مستويات المرض قد وصلت إلى حد مجاهرة واحد من أعتى أجهزة الإعلام في العالم علنا بعجزه عن المواجهة، مع توجيه المواطنين إلى تدبّر أنفسهم.

ويطرح انتشار كورونا بشكل كبير في مناطق النظام مشكلة إضافيةً وضغطا آخر، فالأزمة الاقتصادية المزمنة التي يعاني منها النظام شهدت، في الفترة الأخيرة، تفاقما خطيرا أدّى إلى انهياراتٍ في أنظمة النقد، أودت بسعر صرف الليرة السورية إلى أدنى مستوى، وهي تواصل الانخفاض بلا توقف، ما يجعل الذين يعيشون في كنف النظام في فاقةٍ دائمة، مع عجز النظام التام عن إيجاد أي حلٍّ لتحسين وضعهم الاقتصادي، وهو المعزول دوليا، بالإضافة إلى المشكلات المتفرعة، والتي ترفع الضغط إلى حدّه الأقصى، كانقطاع الكهرباء المستمر، وعدم وجود المياه في فصل الصيف ذي الحرارة المرتفعة. كل هذه عوامل تجعل من إجراءات مواجهة المرض تفشل بالكامل، فسعر القناع الذي يستعمل مرة واحدة يشكل عبئا على الناس، وقد يكون أكثر من نصف السكان غير قادرين على تأمينه يوميا، وخصوصا بوجود عائلة كبيرة.

هذا البلد الذي دمره ساسته بحرب خاضوها على مدى عشر سنوات لم تبقَ فيه بنى صحية، فضلا عن البنى الاقتصادية التي مسحها الفساد بالدرجة الأولى، وما زال مستشريا فيها، فلم يبق ما يقي السوريين الذين وجدوا أنفسهم أسرى في مناطق النظام، وعليهم الآن الاختيار بين الضيق الاقتصادي والاستسلام للمرض المرشح للتفاقم بسرعة عالية، في ظل عدم وجود وسائل وقاية، أو عدم القدرة على شرائها في حال توفرها، خصوصا وأن الداعم والممول الرئيسي (إيران) يعاني هو الآخر من الأعراض نفسها، وغير قادر على مساعدة نفسه، ولا تبدو الصين مهتمة بالمساعدة خارج إطار مجلس الأمن. والمرجح أن الروس سيختفون في قواعدهم العسكرية المحصنة هروبا من مواجهة الوباء الذي يرتع في شوارع موسكو، تاركين النظام لمناعته.