كن إنسانيا، تكن متدينا

كن إنسانيا، تكن متدينا

25 ديسمبر 2015
+ الخط -
عندما نقرأ تاريخ العرب في عصر الجاهلية، نجد أنهم كانوا يتمتعون بقيم وأخلاق كثيرة يفتقدها مجتمعنا الذي يدعي التدين، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يلقب بالصادق الأمين قبل نزول الوحي، وأبو جهل رفض أن يدخل بيت الرسول، وقال: "أيقول العرب أني أروّع بنات محمد؟"، وهند بعد إسلامها سمعت الرسول صلى عليه وسلم يتحدث عن الزنا، وسألت مستغربة: "أتزني الحرة يا رسول الله؟".
الإنسانية وحدها التي يتفق عليها الانسان، باختلاف لونه وشكله ودينه ومذهبه، وهذا واضح في الحديث الشريف "بعثت لأتمم مكارم الاخلاق"، فقبل أن تحكم على الآخر بأنه أقل تديناً منك، وتعطي الحق لنفسك بانتقاد تدينه ولباسه وغيرها من الأشياء الخاصة به، وتعتبر نفسك وصياً عليه، اسأل نفسك كيف حال إنسانيتك؟ وهل تستطيع مساعدة شخص ونصرته، كيفما كان دينه ومذهبه وانتماؤه؟ ولماذا ننتفض عندما يترشح أو ينتصر المتطرفين في الدول الغربية، ونعتبر الأمر إجراماً، ولا نقبله في حين نجد الأمر عادياً، عندما يحرم بعض شيوخنا التعايش معهم؟ ولماذا نهلل عندما يهنئ الأجانب المسلمين بأعيادهم، في حين نكفر كل مسلم يهنئ غير المسلمين بأعيادهم؟ ولماذا نعتبر ممارسة المسلمين شعائرهم في البلدان الغربية واجباً، ونمنع في بلداننا بناء كنائس ومعابد لباقي الديانات؟
ولماذا نقلل من قيمة كل شخص بسيط دفعته الظروف المادية، أو الحرب، للهروب من بلده، ونعتبره عبئاً على مجتمعنا، ولا نساعده على الاندماج، في حين نطالب بكامل حقوقنا، عندما ننتقل للعيش في بلدان غير بلداننا؟
لا أعتقد أننا بهذا نحمي ديننا، ونصبح متدينين أكثر، لأنه مهما بلغت درجة تدينك، ومهما أديت من الفرائض، ومهما نشرت من الآيات والأحاديث، وكان قلبك خالياً من الإنسانية، لن يشفع لك ذلك، فكل إنساني متدين، وليس كل متدين إنساني.
59083C91-7068-47E1-8530-BA7687446F95
59083C91-7068-47E1-8530-BA7687446F95
أسماء بن العربي (المغرب)
أسماء بن العربي (المغرب)