كل هؤلاء السفيرات الأميركيات

كل هؤلاء السفيرات الأميركيات

17 ديسمبر 2015

السفيرة الأميركية في عمان تقبل النائب الأردني (إنترنت)

+ الخط -

كأن أميركا تتعمّد تعيين سفيراتٍ لها في بلادنا العربية، قد يكون وراء الأكمة ما وراءها في أمرها هذا. وطالما أن سوء الظن من حسن الفطن، ففي الوسع أن يُقال إن ثمّة غرضاً ما لدى الأميركان في ذلك. وهناك الآن سفيرات في الدوحة وعمّان والجزائر وأبوظبي وطرابلس، وغادرت سفيراتٌ القاهرة وبيروت وصنعاء. والظاهر أن قصص هؤلاء النساء غزيرة في عواصمنا الزاهرة، ومن ذلك أن الراقصة المصرية، سما المصري، كسرت جرّة، بعد أن غادرت السفيرة السابقة، آن باترسون، القاهرة، بعد شهرين من انقلاب 3 يوليو. وتعود غضبة الراقصة المذكورة، وكثيرين غيرها، من السيدة باترسون، إلى ما كان يشيع عن دعمها "الإخوان المسلمين"، وهي التي اجتمعت مع خيرت الشاطر ومحمد بديع، ومع غيرهما في قوى وأحزاب مصرية أخرى. أما سابقتها، مارغريت سكوبي، فقد بدأ عملها الدبلوماسي بنفوق أحد كلبيها متسمماً، الأمر الذي بعث فيها تطيراً من مهمتها، وهي التي جاءت إلى القاهرة من دمشق، حيث كانت سفيرة.

ولأن من المعهود أن يُرمى السفراء الأميركان في لبنان بأن نفوذهم باهظ، لم يكن مفاجئاً أن يقول العلامة الراحل، محمد حسنين فضل الله، عن السفيرة الأميركية قبل السابقة، ميشال ساسون، إنها حاكم لبنان الفعلي بلا منازع، وكان شيء من هذا القبيل قد قاله حسن نصر الله عن سلفها جيفري فيلتمان. أما السفيرة اللاحقة، مورا كوينلي، فمن فرط حبّها لبنان، وتعوّدها على مأكولاته ثلاثة أعوام، كما قالت، أشيع عنها أنها تزوجت طباخاً لبنانياً، لكنها حرصت على نفي الأمر، من الولايات المتحدة. وليس معلوماً ما إذا كانت سفيرةٌ أيضاً ستخلف كوينلي، فقد تولت موقع السفير في أبوظبي امرأتان على التوالي. وبعد مقتل سفيرها السابق في ليبيا، اختارت الإدارة الأميركية أن تخلفه سفيرة، من جديد أخبارها، واسمها ديبورا جونز، أنها أغلقت حسابها في "تويتر"، بعد موجات استهجان لما تكتبه فيه. وإذ نصادف "أفكاراً" تطرحها السفيرة الأميركية في الجزائر، جوان بولاشيك، بشأن أزمة ليبيا، فإن السفيرة السابقة في صنعاء، بابرا بودين، تُستضاف، في هذه الأيام، في منتدياتٍ أميركية، بصفتها خبيرة في أزمة اليمن الراهنة. أما السفيرة غير المنسية، إبريل غلاسبي، فلا يزال الأخذ والرد، والنفي والتأكيد، مستمراً، بشأن ما إذا كانت قد أوحت لصدام حسين بأن واشنطن قد لا تفعل شيئاً إذا احتل الكويت، أو أنها حذرته من الإقدام على هذه الفعلة، وذلك لمّا استقبلها عشية الغزو، وكانت سفيرة الولايات المتحدة في بغداد.

جديد زوابع السفيرات الأميركيات في العواصم العربية، ما تسلّى به الأردنيون أخيراً، في جرائد ومواقع إلكترونية وتلفزات عديدة، وموجزه أن السفيرة الأميركية في عمّان، أليس ويلز، والتي حضرت، قبل أسابيع، اجتماعاً للمثليين، يبحث حقوقهم، استضافها في منزله، النائب الأردني (والوزير السابق)، حازم قشوع، في عشاءٍ على شرفها، ضم مدعوين غير قليلين، بينهم رئيس وزراء سابق. استقبلها وزوجته، بقبلاتٍ عادية متبادلة، وفي أثناء الضيافة، طلب نائبٌ مستضاف (بالعربية) منها رأيها عن صناعة أميركا "داعش" (!)، وأحالها إلى "سايكس بيكو" ووعد بلفور ونكبة فلسطين في 1948. تُرجم للسفيرة هذا كله، ثم عقّبت بما عقبت به. والأهم أن المضيف أهداها ثوباً نسائياً تقليدياً مطرزاً أردنياً (تردد أنه فلسطيني)، لبسته في غرفةٍ في المنزل، وابتهجت بالهدية، وتبادلت مع قشوع قبلات جديدة مع احتضانٍ طفيف، وفي أثناء المشهد، أطلقت زوجته في الأرجاء زغرودة، وسط تصفيق المدعوين. ثم ثارت ثائرة كثيرين، اعتبر بعضهم ما أقدم عليه النائب الداعي مسّاً بدماء شهداء فلسطين والأردن، عندما يُهدي الثوب الوطني لممثلة دولةٍ داعمةٍ لإسرائيل (واليهود). ولم ير آخرون في المسألة أن حازم قشوع ارتكب أمراً إدّا، لكن الحدوتة تدحرجت إلى تفاصيل وفيرة، فيها ما فيها مما هو أبعد من زيارة السفيرة. .. والأبعد، هنا، هل ثمّة غرضٌ ما ترمي إليه أميركا، عندما تخصّنا بسفيرات؟ 

358705DE-EDC9-4CED-A9C8-050C13BD6EE1
معن البياري
كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965. رئيس قسم الرأي في "العربي الجديد".