كل الأجوبة

كل الأجوبة

30 ابريل 2015
مانا نيستاني / إيران
+ الخط -

أمرّ كل يوم تقريباً بمحاذاة مقر لجمعية دينية تقع بجوار بيتي. في كلّ مرة يستوقني الشعار المكتوب بالخط العريض والمنقوش على بوابة الدخول: "تعال معنا، لدينا كل الأجوبة".

يا له من إغراء كبير لكل الباحثين عن الطمأنينة وراحة البال والتخلّص من حرقة الأسئلة.

في عام 1989، بدأت دراستي في جامعة الجزائر واخترت الفلسفة، أمام دهشة الأهل والأصدقاء.

هناك مَن حذرني من عاقبة الكفر، على اعتبار أن الفلسفة تهدّد الإيمان. وهناك من أوصاني بالابتعاد عن التفلسف، لأنه يؤدي إلى الجنون. أذكر أنني دافعت عن قراري قائلاً: أريد أن أفكر بعقلي وليس بعقل العائلة والجماعة والعشيرة والقبيلة والقرية والأمة.

لم أندم قط على اختياري للفلسفة، فقد تعلّمت حب الأسئلة وابتعدت عن الأجوبة الجاهزة التي تسبب التخمة كالأطعمة السريعة الدسمة المضرة بالصحة. أدركت مبكراً أنه كلّما زاد اليقين، ارتفع منسوب التطرف والعنف بأشكاله المختلفة.

ويحضرني مثال الكاتب الإيطالي ليوناردو شاشه (1923 ـ 1989)، الذي أرجع الكارثة التي حلّت بصقلية واستيلاء المافيا على أرضها وعبادها إلى هزيمة العقل. فعندما يتوقف العقل عن دوره في التفكير والبحث والتساؤل، فإنه يقع فريسة للسرديات الدينية والإيديولوجية وأجوبتها اليقينية.

هل يمكن أن نقلّل من الأجوبة ونكثر من الأسئلة حتى نعيد إلى العقل هيبته؟

دلالات

المساهمون