"ما هي المساحة التي تدافع فيها؟ إذا كنت تدافع خلال مساحة تسع حديقة، أنت الأسوأ، وإذا كنت تدافع في أضيق مساحة ممكنة، فأنت الأفضل، كل شيء يدور حول الأمتار" الفراغات وكيفية التحكم بها." هذه هي فلسفة كرويف الكروية حول اللعبة المستديرة.
أما لويس فان جال، فكلماته دائماً تثير الجدل، وتعبر عن ثقته الشديدة بنفسه التي تصل أحياناً إلى الصدام بالجميع وهو ما ظهر في تصريحاته التي قال فيها "الركض للحيوانات. كرة القدم تحتاج إلى العقل للتعامل مع الكرة".
وبين كرويف وفان جال، يوجد قليل من الاتفاقات، وكثير من الاختلافات، رغم خروجهما من نفس المدرسة الكروية، الخاصة بالتقاليد الهولندية. ومن بين كل الأفكار المضادة، تأتي بعض التفاصيل التكتيكية التي تعبر عن اختلاف جذري في التعامل بين المدربيّن الكبيرين.
الأجنحة واللعب على الأطراف
يتحدث كرويف عن قيمة لاعبي الأطراف وأهمية الأجنحة في كرة القدم، موضحاً سر الخلاف التكتيكي بينه وبين لويس فان جال، الخاص بفكرة استخدام الأجنحة في كرة القدم.
كرويف يصف الـ Wing Backs بأنهم مجرد عدائين في الملعب، ثنائي يجري فقط في الخلف والأمام دون رابط أو قيمة، بينما يعتمد الخال على هذه النوعية من الأجنحة كثيراً سواء ايام أياكس أو مع منتخب هولندا.
ولعب يوهان مع برشلونة في "الدريم تيم" بتكتيك غريب بعض الشيء، هجومي كاسح واندفاع غير طبيعي للأمام، مع قدرة على تبادل المراكز واستغلال الأطراف بشكل مبالغ فيه.
الفردية والجماعية
يتفق الثنائي العملاق في بعض الأمور الفنية الخاصة باللعب للأمام والهجوم من أجل إحراز الأهداف، لكن هناك اختلافا آخر خاصا بفهم كل منهما للفرديات في اللعبة وتأثيرها على اللعب الجماعي. فكرويف من أنصار إعطاء الحرية الشاملة للنجوم الكبار داخل الملعب، وترك بعض الأسماء تحاول أن تبتكر قدر المستطاع، شريطة عدم التأثير على نسق الفريق وطريقة اللعب. لذلك لعب كرويف كثيراً بروماريو، ستويشكوف، لاودروب، وأسماء أخرى مع برشلونة.
أما فان جال فيعتبر أقرب إلى الديكتاتور الكروي في بعض الأمور الخاصة بالتعامل مع النجوم، لذلك دخل في صدامات لا تنتهي مع ريفالدو، ريكلمي، وبعض اللاعبين في بايرن ميونخ. ويمتاز الخال بالقدرة على ضبط إيقاع الفرق الكبيرة، لكن مع نظام تكتيكي أشبه بالأمر العسكري الواجب تنفيذه، وفي حالة الخروج عن النص، يبدأ المدرب في تطبيق العقوبات على البعض.
لذلك يرى كرويف أن الجماعية مجرد وسيلة، ومن الممكن مزجها بالفردية ومهارات النجوم نظراً لخلفيته الكروية العظيمة، ودوره الكبير كلاعب ونجم مع هولندا وأياكس وبرشلونة. أما فان جال فلا يحترم الفرديات إطلاقاً، ويحاول دائماً وضع أفكاره قبل مهارة أي اسم كبير.
الاستراتيجية الكروية
تدور كرة القدم حول الفلسفة، الهجوم مقابل الدفاع، والفكر ضد الفكر الآخر. وكل فلسفة تحتاج إلى استراتيجية خاصة من أجل تحقيقها، ثم يأتي التكتيك كخيار أخير في العملية الكروية الرفيعة المقام. ورغم أن الهجوم هو الغالب لدى جميع المدربين الهولنديين، إلا أن كل شيخ وله طريقته، وكل مدرب وله أوراقه الخاصة.
كرويف من أنصار الكرة الشاملة، الهجوم الكاسح وتبادل المراكز والنقل السريع للكرة من الخلف إلى الأمام، وحينما يفقد فريقه الكرة، يتحرك الكل من أجل هدف واحد فقط، الضغط الأمامي والحصول عليها مرة أخرى، لذلك يلعب كرويف بخط دفاع متقدم، ويحاول الدفاع في أضيق الأماكن داخل الملعب، مع الشمولية في الاستحواذ، على طريقة رينوس ميتشيلز مع هولندا.
الكرة الشاملة
أما فان جال فلا يلعب من أجل الهجوم فقط، أحياناً يدافع كما فعل مع هولندا بالمونديال، كذلك لا تلعب فرقه بسرعة كبيرة وبتبادل مستمر في المراكز. يتأثر لويس بالكرة الشاملة لكنه لا يطبقها بشكل كامل، بل يحاول أكثر التركيز على التمركز واللعب المحوري في منطقة المنتصف، مع تضييق المساحات قدر المستطاع، والتقارب الشديد في الخطوط بين لاعبيه، في استراتيجية اللعب المتمركز.
ومع الاختلافات الكبيرة بين الثنائي المبدع، إلا أن كل مدرب فيهما له مدرسته الخاصة ومريدوه وتلاميذه، وتبقى كرة القدم في النهاية لعبة تعبر عن أفكار مختلفة، والملعب هو المسرح الفاصل في الصراع الذي لا ينتهي.