كانوا وقود الثورة... فهل أكلتهم؟

كانوا وقود الثورة... فهل أكلتهم؟

14 يناير 2015
المدوّنان لينا بن مهني وسليم عمامو (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

فى الفترة التي كان فيها الكثير من التونسيين يخشون حتى مجرّد الضغط على زر الحاسوب للاطلاع على ما يحصل فى البلاد والعباد فى محافظات سيدي بوزيد والقصرين وتونس العاصمة، كان هناك مدونون وناشطون يزوّدون إعلام العالم  بمواد مصوّرة عن التنكيل والعنف الذي يتعرّض له المعارضون والثوار في الشارع. وذلك بعد أن قام محمد البوعزيزي بحرق نفسه ذات 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010. لكن كل هذا العنف لم يمنع "انفجار المدوّنين"، فواصلوا ما شرعوا فيه من تغطية لأحداث الثورة التونسية في وقت كانت أغلب وسائل الإعلام التونسية إن لم نقل جلّها تتحدث عن انجازات بن علي. أربع سنوات بعد نجاح الثورة التونسية أين هم أبطال الثورة الإلكترونيون؟

وسام التليلي المعروف في الشبكة العنكبوتية فى فترة القمع بمحافظ نورملاند التقته "العربي الجديد" منذ أيام في أحد الشوارع الخلفية للعاصمة التونسية. حدّثنا عند بداية انجازه لفيلم قصيرأنهّ كان محبطاً مما آلت إليه الثورة التونسية. إحباط تفضحه عيونه وكلماته الحزينة. لم يتوقّع يوماً أن ينتهي ما قام به هو ورفاقه إلى هذا المآل ، فالثورة لم تحقق ولو النزر اليسير من أحلامها الكبيرة: الشغل ... الحرية ... الكرامة الوطنية. هذه الكلمات التي تحولت لأيقونة الثورة التونسية لكنها اليوم أصبحت مجرّد شعارات جوفاء سقطت في اللامعنى... يودعك وسام لتستقبلك "بنية تونسية " مثقفة وجميلة عُرِفت بصولاتها المحلية والدولية إبان الثورة التونسية، من تكون؟ إنها المدونة والأستاذة الجامعية لينا بن مهني أيقونة الثورة التونسية وناقلة صداها لكل المحافل الإعلامية الدولية من خلال مدونتها "بنيّة تونسية". لينا تتقاسم مع وسام شعور الإحباط لما آلت إليه الثورة التونسية. ولكن ما يزيد في آساها سجن صديقتها المخرجة التونسية إيناس بن عثمان. وهو ما اعتبرته لينا مؤشراً على العودة إلى المربع الأول من قمع الحريات. وها هي تقود اليوم حملات يومية لمناصرة إيناس وتدعو إلى وقفات احتجاجية حتى يتم الإفراج عن المخرجة السينمائية التونسية. وجع لينا بن مهني مضاعف فصديقها الإعلامي والمدوّن وواحد من الذين غطوا الثورة التونسية زمن التعتيم سفيان الشورابي مفقود فى الأراضي الليبية منذ قرابة الأربعة أشهر بصحبة زميله نذير القطاري ولا يعرف مصيره بعد. سفيان الشورابي الذي تراه دائما في الشوارع التونسية يحمل كاميرته ليوثق كل اللحظات التونسية، افتقدته شوارع المدينة التي خبر كل أركانها وصوّر وكتب عن كل لحظاتها.

كذلك فإنّ المدينة تفتقد واحدا من فرسانها: المدوّن والناشط الالكتروني ياسين العياري. قد تختلف معه، قد لا تعجبك آراؤه لكنك لن تستطيع وإن حاولت أن تتجاوز مساهمته في التعريف بالثورة التونسية من خلاله نشاطه الإلكتروني ونشره لصور وأحداث الثورة التونسية بغاية فك العزلة الإعلامية عنها. الناشط الإلكتروني يقبع الآن داخل أحد السجون التونسية لنشره أخباراً ومعلومات قدّرت المؤسسة العسكرية التونسية أنها "تمس بالأمن الوطني".

هؤلاء الشباب الذين كانوا وقود الثورة والذين أوصلوا صوتها إلى العالم يفتقدهم الشارع التونسي اليوم: سجن واختطاف وإحباط. لكن العزم والإصرار لم يغيبا بعد. فلينا بن مهني كما وسام التليلي وياسين العياري وفاطمة آرابيكا وهناء الطرابلسي وسليم عمامو وغيرهم من المدونين الذين تفتحت أزهارهم أيام الجمر... أيام الثورة التونسية مصرون على مواصلة المسيرة. هي طويلة نعم لكنها تستحق ما يبذل فيها من عناء.

المساهمون