كاميرا خفية وشِعر التطبيع

كاميرا خفية وشِعر التطبيع

07 مارس 2015
+ الخط -

لم يلتقط متابعون كثيرون للحوار الذي أجرته الإعلامية، إيمان الحصري، مع الشاعر المصري، هشام الجخ، في برنامج 90 دقيقة الذي عُرض على فضائية "المحور"، السقطات التي وقع فيها الشاعر في أثناء حديثه عن زيارته الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي حديثه عن حوار دار بينه وبين رجل الأمن الإسرائيلي، المكلف بتسليمه لنقطة التفتيش الأردنية في جسر الكرامة، يظهر مدى قصور الشاعر في قراءة المعطيات السياسية التي تؤكد عمق ومتانة العلاقات التي تربط بين مصر وإسرائيل.
ففي حوار عابر، يسأل رجل الأمن الإسرائيلي الشاعر عن رأيه في الرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلاً: السيسي رجل عسكري حوّل مصر إلى ثكنة عسكرية، وقام بتحريك وتنشيط القوات المصرية على الحدود. وحين التزم الشاعر الصمت، افترض رجل الأمن أنه من المناصرين، فأكد الشاعر له ذلك، معتبراً أن ما يقوم به السيسي ضربة على وجه إسرائيل.
وعلى الفور، اعتبرت المذيعة التي تحترف التطبيل للنظام إجابة الشاعر فتحاً مصرياً جديداً يضاف إلى الفتوحات المصرية في سيناء وليبيا وميادين عامة في مصر.
لا أدري حقيقة ما مدى ثقافة الشاعر هشام الجخ السياسية، ولا أدري إن تسنى له في أثناء زيارته الأراضي المحتلة، الاطلاع على الصحافة الإسرائيلية التي لا شغل لها، الآن، سوى التغني بشعبية السيسي في إسرائيل، باعتباره الشخصية الأكثر شعبية للحكومة وللمجتمع الإسرائيلي، منذ أيام أنور السادات.
وليس آخر قصائد الغزل الإسرائيلية ما جاء على لسان مرشح المعسكر الصهيوني لمنصب وزارة الدفاع، عاموس يادلين، الذي علق على قرار محكمة مصرية اعتبار حركة حماس إرهابية، بأن القرار ينطوي على أهمية كبيرة، كونه لا يفصل بين الجناحين، العسكري والسياسي في المنظمات الإرهابية، قبل أن يضيف أن على إسرائيل الاستمرار في العمل والتنسيق مع مصر وجهات عربية معتدلة، لتشكيل حلف إقليمي ضد العناصر المتطرفة.
لا أدري عن أي ضربة يتحدث الشاعر هشام الجخ، في ظل التقارب المصري الإسرائيلي اللامسبوق، والتحالفات الاستراتيجية بينهما، بدءاً بصفقة الغاز الإسرائيلي الممتدة عشرين عاماً، مروراً بتدمير الأنفاق وتشديد الحصار وإغلاق معبر رفح، وإقامة منطقة عازلة على الشريط الحدودي، وانتهاء باعتبار حركة حماس منظمة إرهابية.
أمر واحد يمكن أن نفهم في إطاره سذاجة الشاعر السياسية، أن يكون الحوار مع ضابط الأمن الإسرائيلي مفتعلاً للحصول على تأشيرة لدخول بلاط السلطان، ضمن جوقة الفنانين والإعلاميين المطبلين للنظام، وإن كان الشاعر قد نفى ذلك في قصيدة أثارت حفيظة الإعلامية، إيمان الحصري، حين قال فيها: "ميغرّكيش العدد، والله أنا أكتر، أنا اللي مش إخوان، وأنا اللي مش عسكر".

مريحيل
مريحيل
علي أبو مريحيل
كاتب فلسطيني، عمل مراسلاً صحفياً في الصين لعدد من المؤسسات الإعلامية العربية. لديه العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات والتقارير الصحفية المرئية والمكتوبة.
علي أبو مريحيل