كاميرات النشطاء أصدق إنباء

16 ابريل 2020
مواطنون ليبيون يحتفلون بسيطرة حكومة الوفاق على صبراته(حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

لم تكن وكالات أنباء أو قنوات تلفزيونية معينة هي من غطّت تقدم قوات عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق الليبية على مدى ساعات عدة من يوم الإثنين الماضي، باتجاه ثماني مناطق كانت تستولي عليها مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وعلى رقعة جغرافية مساحتها 3250 كيلومتراً مربعاً. كاميرات نشطاء ومواطنين من هذه المناطق، وبشكل عشوائي عبر عشرات الصفحات ومنصات التواصل الاجتماعي، هي من قامت بالمهمة.

لم تترك كاميرات المواطنين المرحبين بقوات "بركان الغضب" جانباً أو ناحيةً لم توثقها، حتى أني أحصيت على ثلاث منصات فقط أكثر من عشرين مقطعاً مرئياً، تدلّ طريقة التقاطها على أنها كانت عشوائية، وبطريقة غير محترفة، ونشرت على صفحات التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لرقابة أي جهة، خصوصاً أنها لا تحمل أسماء أشخاص يمكن ملاحقتهم، بل صفات وأسماء مناطق ومدن.

وربما يكون الأكثر دلالة على صدق تلك المشاهد أنها أظهرت وجود مقاتلين بصفوف قوات الوفاق من شرق البلاد، وتحديداً من بنغازي، كانوا قد هجّروا على يد مليشيات حفتر بسبب رفضهم سيطرته على المدينة. وعلى الرغم من تناول وسائل إعلام موالية لحفتر ظهور هؤلاء في صفوف قوات "بركان الغضب"، ووصفهم بـ"الإرهابيين" لا لشيء إلا لأنهم رفضوا سيطرة حفتر على مدنهم شرق البلاد وهجروا منها، فإنّ الإعلام الموالي للواء المتقاعد لم يرصد وجود أي مقاتل غير ليبي بين هؤلاء المقاتلين.

والسؤال هنا هو لأولئك الجالسين في خيم العزاء يستقبلون المعزين في أبنائهم الذين قتلوا في أبوقرين ومحيط طرابلس، وفي معركة دفاعهم عن الثماني مدن غرب العاصمة: لمن أرسلوا أبناءهم؟ ومن يقاتلون؟ ولمصلحة من هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس على مدار عام وكان أبناؤهم وقودها؟

كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على "تويتر" قبل أيام، أنه ناقش مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالوكالة، ستيفاني ويليامز، "وقف إطلاق النار" في ليبيا. وغني عن التوضيح ماذا يعني أن تناقش الإمارات وقف القتال. والأغرب أن يناقش قرقاش ذلك، في حين أنه في الشهر ذاته قبل ثلاث سنوات أكّد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لرئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تقديم الدعم السخي لمليشيات حفتر، مطالباً الليبيين بأن يذكروا ذلك ويورثوا ذلك لأولادهم. لكن ما سيذكره الليبيون أن رهانات أبوظبي في ليبيا تبيّن أنها خاسرة.

المساهمون