كاريكاتير كورونا يثير أزمة بين الدنمارك والصين

كاريكاتير كورونا يثير أزمة بين الدنمارك والصين

01 فبراير 2020
طالبت السفارة الصينية باعتذار رسمي (ريتزاو سكانبيكس/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت الصحيفة الدنماركية "يولاندس بوستن" غضب الصين التي طلبت اعتذاراً رسمياً، بعدما نشرت كاريكاتيراً استبدل نجوم العلم الصيني بنماذج لشكل فيروس كورونا الذي أدّى إلى وفاة 259 شخصاً في البلاد إلى الآن.

الكاريكاتير نُشر يوم الثلاثاء الماضي، وتضامنت معها صحيفة "بوليتيكن" بنشر الرسم نفسه على الغلاف مع انتقادات لاذعة للصين بقلم رئيس تحريرها. وأصدرت السفارة الصينية في كوبنهاغن بيانات غاضبة، فيما ردت الصحافة باستعادة سجل الصين في التدخل في دول أوروبية لفرض معادلة أخرى عن حرية التعبير بالتهديد والترهيب التجاري.

لكن السجال عاد اليوم السبت إثر الكشف عن تغير في مزاج الشارع الدنماركي مقارنة بأزمة الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد في 2005. فكاريكاتير فيروس كورونا قوبل بانتقادات لاذعة من القرّاء، وذكرت "بوليتيكن" أن "الغضب الصيني دفع بالقراء (الدنماركيين) لتوجيه انتقادات لنشرنا العلم، رغم أنه محاولة للدفاع عن حرية التعبير كما جرى أثناء أزمة رسوم النبي محمد، فلماذا هذا الغضب من القراء العاديين في الشارع فيما لم يجرِ ذلك سابقاً؟".

وقالت الصحيفة نفسها إن "الصين (بانتقادها للكاريكاتير) تُقدم نفسها كقوة عظمى شمولية، وخصوصاً في مطلبها (عبر السفارة في كوبنهاغن رسمياً) تقديم اعتذار رسمي من صحيفة (يولاندس بوستن)".

ورأت "بوليتيكن"، بقلم رئيس تحريرها كريستيان يانسن، أن الرقابة مرفوضة وبأنه "على المرء أن يكون مولوداً في دولة يتحكم فيها نظام الرقابة ليقبل أن يُنزع من صحيفة دنماركية حقها في نشر رسم متهكم من العلم الصيني باستبدال النجوم بنماذج شكل فيروس كورونا".

واعتبر يانسن أن "قمع حرية التعبير، كأسس للحريات، يقدم صورة واضحة وشاملة عن ضآلة اختيار الصين عدم فهم ما يمنحه الدستور الدنماركي من حقوق أساسية ومنها حرية الكلام والرسم والتعبير".

ومضى يانسن في تضامنه مع زميلته "يولاندس بوستن" قائلاً "من المؤسف أيضاً أن السفارة الصينية والغرفة التجارية الصينية في الدنمارك أشعلتا منذ الثلاثاء الماضي نيراناً لخلق أجواء معادية ضد حرية الصحافة، بطلب اعتذار رسمي من الرسام نيلس بو بيويسن ومن يولاندس بوستن باعتبار الكاريكاتير (مهيناً للصين) مع تجييش للمشاعر القومية في الصين بسبب كاريكاتير".

وكانت السفارة الصينية تحدثت في بيان عن "انعكاسات سلبية"، وبالأخص تجارية، وأكدت "يولاندس بوستن" أنها لن تقدم أي اعتذار. ووقفت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتا فريدركسن، والأحزاب البرلمانية من كافة الاتجاهات، خلف حق الصحيفة الدنماركية في التعبير عن رأيها.

وذكر رئيس تحرير "بوليتيكن": "لقد اخترنا إعادة نشر كاريكاتير العلم الصيني على الغلاف لأن الكاريكاتير الساخر ليس هو المسؤول عن قتل المئات وإصابة الآلاف بالفيروس. فنشرنا جاء لسببين: عملية توثيق لمحاولة الصين الضغط على الدنمارك وخلق هذه الدراما بسبب رسم ساخر، ولأجل تأكيد بيان واضح عن حرية الصحافة وحقها بطباعة هذا النوع من الرسوم".

وأكدّ "وفي الوقت نفسه الذي نمارس حقنا بالاختيار فللسفارة الصينية وكل البشر الحق في الشعور بالغضب والتضايق والإهانة، ومن حقهم أن يهاجموا الصحيفة باعتبارها (جرحت مشاعر الشعب الصيني)، كما يحق للجميع في الفضاء العام أن يعتبروا الرسم غير لائق، لكن هكذا تجري الأمور في المجتمعات الحرة، وعليه تسير الحياة بدون هيمنة الدولة من خلال الرقابة".

واعترفت "بوليتيكن" صباح اليوم السبت أنها بتضامنها مع زميلتها "يولاندس بوستن" تلقت سيلاً من الانتقادات من القراء "تلقينا 41 رسالة تعتبر أن إعادة نشرنا العلم الصيني بهذا الشكل جرح مشاعر الصينيين، وأن النشر أتى في ظروف حساسة".

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي لاحظت "بوليتيكن" أن النقاش الدائر " لم يكن هكذا أثناء أزمة الرسوم محمد، وكأن تغييراً ما يطرأ على تقبل الناس لكاريكاتير ينتقد ويسخر من قضية ما".

ونقلت الصحيفة عن الباحث في الرسوم الساخرة الدنماركية والمؤرخ في "جامعة روسكيلد"، هانيبال مونك، أن "تغيراً ما طرأ على مزاج الشعب الدنماركي، وهو ما أوضحته قضية العلم الصيني". وأضاف أن "أزمة الرسوم المتعلقة بالنبي محمد كانت لحظة تاريخية دفعت نحو التردد، وقد تعلم منها الساسة أن يقفوا موقفاً حاسماً، فيما الأمر مختلف بين عموم الشعب حيث تسود بينهم فكرة أنه يجب أخذ مشاعر الآخرين بالاعتبار".

واعتبر مونك أيضاً أنه فيما يبدو "أن الاختلاف بين القضيتين يتعلق ربما بسهولة الاعتذار للصين أكثر من قابلية الاعتذار من المسلمين الذين شعروا بإهانة دينية بسبب بعض الرسوم. والقضية الثالثة، المتعلقة بتغير المزاج العام، من المحتمل أنها تتعلق بالظروف الفظيعة المرتبطة بمرضٍ معدٍ، فيما رسوم النبي محمد كانت ترتبط بالدين وتأثيره على حرية التعبير".

المساهمون