كاتب بريطاني:على لندن إيواء "الإخوان "مثل ماركس وهوشي مينه

كاتب بريطاني:على لندن إيواء "الإخوان "مثل ماركس وهوشي مينه

21 مايو 2014
نتائج التحقيق حول الإخوان ستسلّم في يوليو (بيثاني كلارك/Getty)
+ الخط -

طالب الكاتب السياسي روجر بويز، في مقال له بصحيفة "ذا تايمز" البريطانية، بتقديم بريطانيا ملاذ لجماعة الإخوان المسلمين على أراضيها، كما فعلت عندما آوت بريطانيا كارل ماركس، والفيتنامي الثوري هوشي مينه، ولكن مع الأخذ في الاعتبار وسائل الأمن الحديثة.

وقال بويز إنه منذ انتقال مقر جماعة الإخوان المسلمين إلى منطقة كريكلوود في لندن، تم مسح المنطقة وفحصها بالكامل في الضاحية الواقعة شمالي لندن حيث لم تكن تلك الضاحية أبداً محط اهتمام أو جاذبة للأنظار، إلا أن وجود بعض المفكرين من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والذين يعدون من أهم منظري الإسلام السياسي في العالم، وانتقال مقر نشاطهم للمنطقة، قد لفت الانتباه، ما دفع برئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إلى الدعوة لفتح تحقيق عن نشاط الجماعة حول ما إذا كانت تشكل تهديداً محتملاً على الأمن البريطاني.

وأضاف المقال: "إذا ما أظهرت نتائج التحقيق تورطهم في أنشطة يجرّمها القانون، فقد يتم ترحيل أعضاء الجماعة، أو يتم وضع قيود أكثر صرامة على التأشيرات الممنوحة لهم، فمحاكمة أبو حمزة المصري، في نيويورك، يوم الاثنين الماضي، كانت بمثابة جرس الإنذار الذي أعاد إلى الأذهان الكفاح الطويل للحكومة من أجل ترحيل الداعية المتشدد وإخضاعه للمحاكمة، ولأنه لا أحد يرغب في إعادة هذا المشهد مرة أخرى".

وتابع: "السؤال المطروح هو هل يجب أن يبقى الإخوان المسلمون في بريطانيا، أو يجدر ترحيلهم؟"، مجيباً: "تساهلت بريطانيا مع أبو حمزة المصري، ما جعلها تظهر كدولة ضعيفة غير قادرة على ردعه، ولكن لا ينبغي أن نعمّم حالة أبو حمزة على باقي الحالات. فصحيح أنه في بعض الأحيان يجب التحقيق مع اللاجئين السياسيين الموجودين في بريطانيا، وفي بعض الأحيان يجب عدم التحقيق، إلا أنه لا بد من توازن جيد بين الأمن الوطني والدبلوماسية والمزايا السياسية والمنطق".

وأكد أنه بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، فهي تستحق الفرصة إذا لم تكن هناك مخالفات جنائية ضدهم، وينبغي السماح لهم بالبقاء في بريطانيا، وسوف يتم تسليم نتائج التحقيق إلى رئيس الوزراء بحلول يوليو/ تموز المقبل.

عندها، سيكون المشير عبد الفتاح السيسي قد فاز في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل، ويكون قد قبض على مقاليد الحكم في البلاد، بينما تقوم المحاكم بعملها في سجن وإعدام أنصار جماعة الإخوان المسلمين.

فقد شهد هذا العام، صدور أحكام بإعدام 529 شخصاً من أنصار الجماعة، بعد جلستي محاكمة فقط، على خلفية دورهم المزعوم في قتل عنصر شرطة. ثم خففت الأحكام الصادرة لاحقاً إلى السجن المؤبد بالنسبة لمعظم المتهمين، ولكن تم تأييد حكم الإعدام على 37 شخصاً منهم.

وفي قضية أخرى منفصلة، صدر الحكم بإعدام 683 شخصاً آخرين، بما في ذلك المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع.

وشدد روجز بويز على أن "كل هذه الأمور توضح كيفية سير الأحداث في ظل الحكم الاستبدادي الذي تكون فيه العدالة والنظام القضائي أداة من أدوات البطش والظلم، ما يجعل المطالبة بترحيل أعضاء جماعة الاخوان المسلمين من بريطانيا أمراً منافياً للإنسانية".

وأشار إلى أنه "بعد عقود من العمل السري والاضطهاد، بدأت جماعة الإخوان المسلمين خلال السنوات الأخيرة من حكم حسني مبارك، في الانفتاح على العالم والمشاركة العلنية في العمل السياسي.

واستطاع مرشح الجماعة، محمد مرسي، الفوز في السباق الرئاسي عام 2012، ليصبح أول رئيس منتخب ديموقراطياً. وبعد عام من توليه الرئاسة، وبسبب عدم كفاءة حكومته، تمت الإطاحة به عسكرياً، وبشكل غير ديموقراطي، لتعلن سلطات الانقلاب في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين. بالتالي، إذا تم ترحيلهم من بريطانيا فإن هذا سوف يعدّ حكماً بالإعدام عليهم.

ولم يعد الأمر يقتصر على إنقاذ جماعة الإخوان المسلمين، فالسيسي أعلن أنه سيقضي على جماعة الاخوان المسلمين، وأي معارضة أخرى، وبالفعل تم سجن أعضاء حركة 6 أبريل، التي ساعدت في الإطاحة بمبارك. حتى أنه يمكن سجن وضرب النقابيين تنفيذاً لقوانين مكافحة الإرهاب، وخير مثال على ذلك، هو أن صحافيي قناة "الجزيرة" لا يزالون يعاملون على أنهم إرهابيين مشتبه بهم.

ويبدو أن الهدف من وراء هذه الإجراءات القمعية، يكمن في أن تبدو البلاد هادئة وخالية من أي تظاهرات أو اشتباكات، ما يشجع المستثمرين والسياح على العودة، وهو ما لن يحدث في ظل تولي السيسي للحكم.

وأضحت جماعة الإخوان المسلمين قوة شعبية من خلال عملها مع الجماهير، وتفهّمها للفقر والفساد، فلطالما عارضت العراقيل البيروقراطية والقوة الخفية للجيش. وظلت كبرى مشاكلها تُختصَر بعدم رغبتها في تشكيل حكومة متعددة الأحزاب، ولكن جماعة الإخوان المسلمين تفهمت مدى قوة سلطة المجتمع، لذلك ستبقى تشكل جزءاً من التفكير في مستقبل مصر.

وفي نهاية المطاف، سوف تحظى بريطانيا بالمزيد من النفوذ في منطقة الشرق الأوسط إذا انضمت إلى النقاش عن المستقبل البعيد للمجتمعات العربية، بدلاً من اهتمامها ببيع الأسلحة لمصر ومؤيديها.

لذا، ينبغي أن تقدم بريطانيا ملاذاً لجماعة الإخوان المسلمين، كما فعلت عندما آوت بريطانيا كارل ماركس، والفيتنامي الثوري هوشي مينه، (الذي عمل طاهياً في بيكاديللي)، ولكن مع الأخذ في الاعتبار وسائل الأمن الحديثة.

من شأن لندن أن تسمح، من خلال فتح أراضيها كمنفى لقيادات جماعة الإخوان المسلمين، بتقييم أخطائها أثناء وجودها في السلطة، وتطوير البدائل الديموقراطية لمصر. أما إذا تم ترحيل أعضائها، فهذا يزيد من فرص تفتيت قوة الجماعة، ويدفع أعضائها للشعور بالإحباط، ما يشجعهم على الجوء إلى العنف وعلى بريطانيا الحذر من ذلك.

(ترجمة "العربي الجديد" عن "ذا تايمز" البريطانية)