قناع جماعي

قناع جماعي

22 يناير 2019
(عمل للفنان البريطاني بانكسي)
+ الخط -

في الوقت الذي بدا فيه أن الميديا، من التلفزيونات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، قد أتاحت الشهرة المجانية لكثيرين لا يملكون الأدوات المعتادة (مواهب الفن والعلم والأدب وغيرها) لصعود سلالم الشهرة؛ يظهر من يفضّلون تقديم أعمالهم وهم بعيدون تماماً عن أضواء الشهرة.

في الفن التشكيلي يوجد بانكسي، في الموسيقى سِيا، في الأدب إيلينا فيرانتي، وغيرهم كثر. بعضهم يفعل ذلك لحماية الحياة الشخصية من التحوّل إلى وجبة للاستهلاك، وبعضٌ آخر يمنح لنفسه آفاقاً من الحرية لا تحدّها المسؤولية القانونية للمؤلف، وقد يختار بعضهم ذلك كلعبة مسلية ليس أكثر.

في كل حالة من هؤلاء، يصعد الاسم على سلالم الشهرة من دون أن يرافقه شخص من لحم ودم. لا يمكن أيضاً للمتلقين أن يُسقطوا عناصر من سيرة المؤلف على أعماله، لكنهم يستطيعون أن يفعلوا أكثر، أن يخترعوا ما يشاؤون.. أن يتخيّلوا.. ولا شكّ أن هؤلاء لمعوا أكثر، وهم يتحوّلون إلى مخيال.

لعلّهم، بعيداً عن جميع التبريرات التي يلقونها، يأتون كتلبية لحاجة بشرية عميقة بأن تكون الحياة، الشخصية أو الغيرية، مادة تخييل.

هم يقفون في الكفة المقابلة لمن يُسرعون إلى الأضواء لاهثين ومُتعرّين. يشيرون إلى أن الحياة لا يمكن أن تكون مرئية بالكامل، مجموعة من الآراء على تويتر أو الحكايات والصور على فيسبوك، ولا حتى عدداً من الأسطر في ويكيبيديا.

المساهمون