قمة الاتحاد الأوروبي... الاقتصاد سيّد الخلافات

17 يوليو 2020
+ الخط -

تنطلق اليوم الجمعة وحتى غد السبت، اجتماعات قادة ورؤساء حكومات دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وعلى الأجندة يبرز سجال  الوضعين الاقتصادي والتمويلي. ففي هذه القمة المباشرة الأولى بعد وباء كورونا سيجري الأوروبيون من 27 دولة عضوا نقاشات بشأن ميزانية الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع (2021-2027) القادمة وتفاصيل خطة الإنعاش بعد انتشار الجائحة وتأثيرها على اقتصادات دول جنوب القارة، وبالأخص إيطاليا وإسبانيا. 

النقاشات الأوروبية، قبيل القمة، وأثناء التحضير لها، تشير إلى عمق الخلافات بين الدول حول قضية إيجاد وصرف واستعادة 750 مليار يورو على خطة الإنعاش وفقا للموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي. والخطة أُطلقت في مايو/أيار الماضي كفكرة من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. ولاقت الخطة معارضة بعض دول الشمال وهولندا والنمسا.

الاجتماع "غير العادي"، الذي يستمر يومين، سبقه طرح لرئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، يحدد فيه الهدف من خطة الإنعاش بعنوان "التقارب والمرونة والتحول، وذلك يتطلب منا إصلاح ما أحدثه كورونا على اقتصاداتنا ولبناء مجتمعاتنا". ولا يتوقف السجال الأوروبي عند رقم 750 مليار دولار، فبرأي ميشيل تحتاج دول الاتحاد إلى أكثر من ألف مليار يورو للاستجابة للتحديات والعودة التامة على المدى الطويل إلى الوضع الذي سبق الجائحة.

يأمل الأوروبيون المنقسمون أن تحقق قمتهم خلال يومين ما فشلت أشهر في تحقيقه، حيث يعول البعض، وخصوصا الألمان، على اتفاق تاريخي حول المبلغ الضخم، المفترض أن يكون جزء منه قروضاً يعاد تحصيلها بين 2026 و2058. لكن البعض من خبراء الشأن الأوروبي في كوبنهاغن وبرلين يشككون في قدرة رؤساء وقادة الاتحاد على التوصل إلى حلول حول أهم التفاصيل، وبالأخص المتعلقة بتوزيع المنح ومصدرها (نحو نصف مليار يورو). ويأتي ذلك على خلفية معارضة سياسية وشعبية في بعض الدول، كالدنمارك والسويد، تحمل أعباء مساعدة الدول المتضررة.

وتناقش كوبنهاغن هذه الأيام رفع سن التقاعد من 63 سنة إلى 70 سنة للحفاظ على مستويات النجاح الاقتصادي ودولة الرفاهية، فيما يعارض كثيرون "دفع المتقاعدين لثمن تمويل دول جنوب القارة". ويصل الأمر ببعض أحزاب اليمين إلى رفع صوتها عاليا للانسحاب من الاتحاد، كما يفعل حزبا الشعب الدنماركي والبرجوازية الجديدة المتشددان. وعلى ذات النسق، ترتفع أصوات سويدية معارضة للتمويل، كما في حالة حزب "ديمقراطيو السويد" اليمني المتشدد.

ويشير في تصريحات صحافية نائب مدير مركز جاك ديلور للدراسات في برلين، لوكاس غوتنبرغ، وهو خبير اقتصادي سابق في البنك المركزي الأوروبي، إلى أن الأوروبيين "أمام فرصة إنشاء ديون مشتركة في أزمة طارئة وحادة لتمويل الإنفاق العام. وهو ما يمكن أن يكون نموذجا يمكن استخدامه في المستقبل".

المعارضون لخطة الإنقاذ يواجهون بحجج تتعلق بمستقبل الاتحاد الأوروبي وعمله المشترك. ويعتبرون أن صرف 750 مليار يورو هو لتقوية موقع الاتحاد واستثمار في التحول نحو طاقة نظيفة (خضراء)، وتعزيز الإصلاحات والقدرة التنافسية على المدى الطويل. 

المفوضية الأوروبية، برئاسة أورسولا فون دير لاين، ترى أن أوروبا "لن تبدأ من الصفر في عملية الإنعاش". وتركز المفوضية على "تحديث القارة وتأكيد قيم الاتحاد".

والقضية المتعلقة بالقيم الأوروبية تواجه هذه الأيام مصاعب في علاقة عاصمة الاتحاد، بروكسل، مع كل من بولندا والمجر، المتهمتين بالتحرك بعيدا عنها. 

فرئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان والرئيس البولندي المحافظ، المعاد انتخابه حديثا، يهددان باستخدام حق النقض بوجه المشروع، إذا ما ذهبت أوروبا عمليا لمعاقبتهما ماليا بسبب اتهامهما بتقويض النظام الديمقراطي، وقيم أوروبا في فصل السلطات. بل ويطالب البلدان، المجر وبولندا، بأن يكون لهما نصيب من المنح المالية التي يجري السجال حولها، المتعلقة بنحو 500 مليار يورو.

المساهمون