قلق صيني بسبب استمرار الأزمة الخليجية

قلق صيني بسبب استمرار الأزمة الخليجية

07 ديسمبر 2018
الإشادة بأداء قطر خلال الأزمة الخليجية (Getty)
+ الخط -

عبّر دبلوماسيون وباحثون وأكاديميون صينيون عن قلقهم الشديد لاستمرار الأزمة الخليجية، وتأثير تواصلها على مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحتها الصين عام 2013، مؤكدين أهمية استمرار دور مجلس التعاون الخليجي، والسعي لحل الأزمة لمواجهة الأخطار الخارجية التي تحيط بالمنطقة، وخاصة أن المجلس كان "المنظمة الإقليمية الوحيدة القوية بعد تضاؤل دور الجامعة العربية، والوهن الذي يعتريها الآن".

وتساءل رئيس لجنة الخبراء لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية زو ويلي، في الندوة التي عقدها مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، في مقره بمدينة شنغهاي الصينية الجمعة، وشارك فيه وفد إعلامي من قطر، عن مصير التوقيع على "اتفاقية الحزام والطريق" في ظل استمرار الأزمة الخليجية.

وقال ويلي: "هل تقوم الصين بالتوقيع على الاتفاقية بشكل جماعي، أو التوقيع مع كل دولة منفردة؟"، داعيا الدول الخليجية إلى "سرعة الجلوس إلى طاولة الحوار لحل الأزمة".

وناقشت الندوة التي عقدها المركز بمناسبة مرور 30 عاما من العلاقات القطرية الصينية، التحولات الجيوسياسية في منطقة الخليج، ومستقبل مجلس التعاون الخليجي، والأهداف والتحديات لرؤية قطر الوطنية 2030، والعلاقات الثنائية القطرية الصينية، والإصلاح والانفتاح في الصين، وبناء مبادرة "الحزام والطريق".

وأكد السفير فوق العادة والمفوض السابق لجمهورية الصين الشعبية لدى دولة قطر جاو يوتشن، موقف الصين الداعي للحوار لحل الأزمة الخليجية، وعودة الأوضاع في منطقة الخليج إلى الاستقرار "في أسرع وقت ممكن".

وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد قال عشية اندلاع الأزمة الخليجية، إن بلاده ترى أن "حل الأزمة الخليجية يجب أن يتم ضمن مجلس التعاون الخليجي"، ودعا جميع الأطراف إلى أن "تجلس معا في إطار حل عربي، وضمن مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة"، مشيرا إلى أن بلاده تحافظ على "موقف متوازن من الأزمات عبر دعوتها الدائمة للحوار، وأنها لا تزال صديقا موثوقا به لدى الدول العربية".

ودعا المشاركون في الندوة إلى ضرورة قيام دول المنطقة بإعادة ترتيب مجلس التعاون لمواجهة الأخطار الخارجية التي تحيط بالمنطقة، و"وضع الخلافات بين الأشقاء جانبا، ومواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتنمية، وتغليب المصالح المشتركة، وتجديد الثقة بين الأطراف، للإسهام في تطوير وتقدم الشرق الأوسط"، موضحين أن القمة المقبلة لهذه المنظمة الإقليمية الهامة فرصة لـ"تسوية هذه الأزمة التي تسيء إلى أطرافها كافة، وتضر بمصالح جميع الدول العربية"، وشددا على وجوب "الجلوس إلى طاولة الحوار دون الالتفات للتدخلات الخارجية التي تضر بمصالح المنطقة".

وتشهد مدينة الدمام في السعودية، الأحد المقبل، انعقاد القمة التاسعة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي، ولا تبدو المؤشرات مشجعة حتى الآن لطي صفحة الخلاف الخليجي، الذي مضى عليه أكثر من 18 شهرا.

ورأى المشاركون في الندوة أن تنظيم قطر لبطولة كأس العالم 2022 "فرصة ذهبية لحل الأزمة الخليجية والمشاركة في تنظيم هذا العرس الكروي، وإخراجه بصورة رائعة، والاستفادة من الزخم الإعلامي والحراك الرياضي الكبير الذي سيشهده العالم خلال هذه البطولة، وخاصة أن هذا المونديال يعكس صورة العالم العربي ككل"، وأشاروا إلى أن دولة قطر تنظر لهذه البطولة على أنها "لكل العرب"، وأنه دون توافق وتفاهم وتشاور بين الخليجيين ستحرم هذه الدول من المشاركة في تنظيم هذا الحدث الكبير، و"سيكون الجانب المقاطع هو الخاسر الأكبر".

كما لفت المشاركون في الندوة، إلى أن الأزمة الخليجية تعرقل تنفيذ مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني، إذ توقف التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون، وكذلك العديد من مشروعات البنية الأساسية المشتركة بين دول الخليج، كمشروع القطار الخليجي والربط الكهربائي، وغيرهما من مشروعات كبرى تسهم في تنفيذ المبادرة الصينية وتدفع عجلة التنمية في المنطقة.

وأشاروا إلى أن المبادرة تحاول ربط دول الحزام والطريق بالطرق البرّية والبحرية، وكذلك ربط الإنشاءات والتعاون في مجالات الاستثمار والتجارة، وبناء مشاريع ضخمة تربط العالم كله، وتسهم في تنمية الشعوب، داعين جميع القادة العرب إلى "المشاركة في المنتدى الرفيع المستوى لرؤساء دول الحزام والطريق الذي ستعقده الصين في إبريلنيسان المقبل، وعدم غيابهم كما حدث في الاجتماع السابق العام الماضي".

وأوضح المشاركون أن الصين "شريك رئيسي للمنطقة العربية والخليجية، ولا سيما دولة قطر، من خلال الاستثمار ودعم الصناعات المختلفة، والمساعدة في تلبية حاجات الشعب القطري في مجالات البنية الأساسية والصناعات الغذائية التكنولوجية والثقافة والتعليم"، لافتين إلى أن الإمكانات القطرية كبيرة، وبنيتها الأساسية تسمح بتنفيذ مناطق صناعية وعلمية كبيرة.

وأشادوا في الوقت نفسه بالجهود المبذولة من الحكومة في مجالات الزراعة والاكتفاء الذاتي، لسدّ حاجات الشعب القطري في ظل الأزمة الحالية والحصار الذي تتعرض له دولة قطر، مشيرين إلى أن الأسبوع الجاري سيشهد توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة شنغهاي للدراسات الدولية وجامعة قطر، معربين عن أملهم في افتتاح قسم لتعليم اللغة الصينية في الجامعة.

يذكر أن مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية تم افتتاحه في إبريل/ نيسان عام 2017، بهدف تعزيز تبادل الخبرات والصداقة والتعاون الاقتصادي والتجاري، بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية.

وأطلقت الصين عام 2013 مبادرة "البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير"، المعروفة باسم "حزام واحد وطريق واحد"، لإحياء طرق التجارة القديمة بين قارّات العالم القديمة الثلاث: آسيا وأوروبا وأفريقيا.

ويقوم المشروع على فكرة الممرات الاقتصادية المفتوحة، وعددها وفقا للخطة الصينية ستة ممرات تربط العالم بالصين، من خلال تشييد شبكات من الطرق وسكك الحديد، وأنابيب النفط والغاز والموانئ، وخطوط الطاقة الكهربائية والإنترنت.  

وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن هدف الصين من المشروع الضخم تسهيل التجارة مع 65 بلدا تمثل 60% من سكان العالم. 

المساهمون