قلق "أزرق" في الجزائر بسبب تهاوي أسعار النفط

قلق "أزرق" في الجزائر بسبب تهاوي أسعار النفط

09 مارس 2020
تعليقات متباينة ومخاوف في التعليقات (مونيك جاك/corbis)
+ الخط -
حمل اليوم الاثنين أخباراً غير سارّة للجزائريين بشأن انخفاض حاد في أسعار النفط إلى مستويات متدنية، تزيد من تعقيدات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتآكل احتياطي الصرف في الخزينة العمومية، وانعكست هذه المخاوف وحالة القلق بوضوح على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر.

وكتب الإعلامي جمال معافة معلقاً على الأزمة النفطية الجديدة أنّ "انهيار أسعار النفط ستكون له مخاطر كبيرة على الجزائر، نحن 45 مليون نسمة اليوم، الظرف يحتّم اتخاذ إجراءات اقتصادية استعجالية".


لكنّ ناشطين ومعلقين آخرين يعتقدون أنّ الأزمة النفطية تُعَدّ برغم حالة الضيق الذي ستسببه للجزائريين، فرصة لرفع التحدي والخروج من اقتصاد الريع النفطي. وفي السياق، اعتبر الناشط أحمد لعلاوي أن "الانخفاض الحاد في سعر البترول فرصة للسلطات للتفكير في وضع أسس اقتصاد خارج المحروقات". كذلك كتب عصام مقراني أن "تهاوي أسعار النفط فرصة حقيقية للإسراع في الانتقال الطاقوي وتحرير المبادرة الاقتصادية الخاصة".


وبرأي الإعلامي جمال الدين طالب، فإنّ النظام السياسي الذي ضيّع على الجزائر فرصة إقلاع اقتصادي حقيقي عندما بلغت أسعار النفط مستويات قياسية في السنوات الماضية، لن ينجح في إحداث هذا الإقلاع في ظروف الأزمة الراهنة، وعلّق قائلاً: "ذكّر لعل تنفع الذكرى! انهيار النفط بـ 30% في ساعات وتوقعات بنزوله حتى 20 دولاراً يستوجب الإسراع نحو انتقال ديمقراطي حقيقي نحو جزائر جديدة فعلاً كما تصبو إليها الثورة الشعبية السلمية، تسع الجميع بعيداً عن نفس المنظومة المفلسة التي فشلت بـ 150 دولاراً للبرميل وميزانية دولة تحتاج 120 دولاراً للبرميل على الأقل!".


ويعتمد الاقتصاد الجزائري بشكل كامل وبنسبة 98 في المائة على عائدات المحروقات، وأدت أزمة أسعار نفط مماثلة في عام 1986 إلى اندلاع انتفاضة شعبية في الجزائر في أكتوبر 1988، بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية وندرة المواد الغذائية، إضافة إلى مسببات أخرى تتعلق بالفساد والأوضاع السياسية.

وفي اتجاه آخر كشفت أزمة النفط عن تباين في الرؤى بين من يرون أن الأزمة مفيدة من باب أنها ستضيّق باب المناورة السياسية على السلطة في علاقة بشراء السلم الاجتماعي وتوزيع الأموال على القوى السياسية والمدنية الموالية، وبجبرها على الشراكة السياسية مع قوى المعارضة، وبين من يعتبرون أن التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة لن تستثني أحداً.

وكتب مدير صحيفة "الحوار" محمد يعقوبي، معلقاً على هذا الجدل، أن "انهيار أسعار النفط والجفاف وكورونا وتآكل احتياطي الصرف، ليست مجالاً لشماتة أحد بأحد! لست أدري كيف يسخر ركاب السفينة الواحدة بعضهم من بعض عندما تتلاطمها الأمواج!؟ هل يمكن مثلاً أن تنجو قمرة القيادة ويغرق باقي الركاب!؟ علينا التفريق بين الصراع على السلطة في جزئياته وحجم المخاطر التي تهدد وجودنا وكينونتنا. المقلق والمخيف عندنا ليس انهيار أسعار النفط، بل انهيار الوازع الوطني والأخلاقي وتلاشي الضمير الجمعي الذي يجعل البعض يراهنون على الخراب من أجل السلطة".

وكان يعقوبي يعلّق على كتابات اعتبرت أنّ انهيار أسعار النفط نعمة، على غرار ما نشره الناشط البيئي محتد قاسمي، الذي علَّق على الأزمة النفطية، قائلاً: "برميل برنت في حدود 35 دولاراً. اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال شخصياً. أعتبر كل برميل يبقى تحت الأرض هو فائدة وليس خسارة".

المساهمون