قطاع الأدوية اللبناني في مرمى الأزمة الاقتصادية

قطاع الأدوية اللبناني في مرمى الأزمة الاقتصادية

12 يوليو 2020
الشركات المستوردة للأدوية تحمل مصرف لبنان مسؤولية تأخير فتح الاعتمادات (العربي الجديد)
+ الخط -

بينما يرزح لبنان تحت وطأة الأزمات الماليّة والاقتصاديّة التي لم يسبق لها مثيل، يتخوف قطاع الأدوية من أن تصل إليه شظايا هذه الأزمات.

ويصطف اللبنانيون أمام الصيدليّات لشراء الأدوية بالعملة الصعبة المرتفعة أمام الليرة اللبنانية لتخزينها خوفاً من انقطاعها، أو استبدالها بأخرى إيرانية.

وما أثار خشية البعض، احتمال تهريب الأدوية المستوردة إلى لبنان بالدولار المدعوم عبر المعابر غير الشرعية إلى الدول المجاورة، كما يحصل في قطاع المازوت والمواد الغذائيّة، وسط أحاديث عن إدخال "حزب الله" أدوية إيرانية إلى السوق اللبنانيّة.

وقال رئيس لجنة الصحّة النيابيّة الدكتور عاصم عراجي، إن "بعض أدوية القلب فقدت من السوق المحلية، لكن هناك اجتماعات ستعقد للبحث في هذا الأمر مع المعنيين".

وأضاف  أنه " سبق أن التقى بنقيب مستوردي ومصنعي الأدوية الذين وعدوا بألّا ينقطع أي دواء عن السوق".

وعن سبب غياب بعض الأدوية من السوق المحلية، رجح عراجي "أن هناك احتمالات عدة من بينها التخزين لإعادة بيعها في السوق السوداء"، مضيفاً أن من بين الاحتمالات كذلك "تهريب الأدوية إلى الخارج لبيعها بسعر صرف الدولار في السوق الموازية"، لكنه شدد في ذات الوقت على أن تلك الاحتمالات "بحاجة إلى إثبات".

وقال إنه "بالإضافة إلى كل ذلك، فإن الشركات المستوردة للأدوية تحمّل مصرف لبنان مسؤولية تأخير فتح الاعتمادات، ونحن كلجنة نتابع كل هذه الاحتمالات للتأكد منها".

وعن إمكانيّة اغراق السوق اللبنانية بالأدوية الإيرانيّة، قال عراجي إن " الحدود مفتوحة، ومن الممكن أن يدخل الدواء الإيراني إلى البلاد بشكل غير قانوني من خلال المعابر غير الشرعية، خصوصاً أن البلد غير مضبوط".

الصيدليات تتأثر بالأزمة

وكشف نقيب الصيادلة غسان الأمين، عن أن "200 صيدلية أُقفلت منذ بداية الأزمة الاقتصاديّة "، مرجحاً أن "يرتفع عدد الصيدليات المغلقة إلى ألف صيدلية"، مشيراً إلى أنها "تمثل 35 في المائة من الصيدليّات في لبنان".

واعتبر أن "السياسات المتبعة في السنوات الماضية أدت إلى استنزاف الكثير من رأسمال أصحاب الصيدليات".

وأوضح الأمين أن "مصرف لبنان يؤمّن 85 في المئة من استيراد الأدوية بالدولار وفق سعر الصرف الرسمي (1550 ليرة)"، مضيفاً أنه مع "تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار  في السوق السوداء، بات الدواء في لبنان الأرخص في المنطقة، خصوصاً أنه يُباع بالليرة اللبنانيّة".

واعتبر الأمين أن لبنان "ليس بلداً محمياً من عمليّات التهريب"، مؤكداً أن "التهريب يحصل إلى العراق"، لافتاً  إلى "إصدار وزير الصحة اللبناني قراراً يمنع فيه التصدير إلى العراق، لكن التهريب لم يتوقف".

وأعرب الأمين عن الخشية "من أن تزيد عمليات التهريب بأضعاف مع إعادة فتح المطار"، محذراً  من "عدم ضبط مسألة التهريب، لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة في قطاع الأدوية".

وطالب الأمين "بضبط الحدود البرية والجوية، أو أن يُرفَع سعر الدواء على سعر معين لمنع تهريبه".

وعن تقييمه للأدوية الإيرانيّة في ظل الأحاديث عن إغراق السوق بها، قال الأمين: "هذا الكلام سياسي، ولا يوجد دواء إيراني إلى حد اليوم".

أدوية إيرانية

في المقابل، أكد وزير الصحة اللبناني حمد حسن مطلع يونيو/ حزيران، وجود أدوية إيرانيّة، مشيراً إلى أنها "عالية الجودة على المستوى العالمي"، داعياً في حينه إلى "إبعاد ما وصفها بـ"الكيديّة السياسيّة" عن الواقع الاستشفائي.

لكن أمين سر تكتل "الجمهورية القوية" الدكتور فادي كرم، قال  إن "وزير الصحة وعدنا بمتابعة الملف عندما كشفنا محاولات تسريب الأدوية الإيرانيّة إلى لبنان بطريقة ملتوية".

وأضاف كرم: "التمسنا أن هناك محاولة لإدخال الدواء الإيراني بطرق غير قانونية، وبأدوية غير مستوفية للشروط"، مضيفاً أنه "بدا جلياً أن لهذه الأدوية أعراضاً جانبيّة خطرة".

وشكك كرم "في وجود مختبرات في إيران قادرة على أن تكون مرجعاً لإدخال الأدوية إلى لبنان"، لافتاً إلى أن الأدوية التي تصل إلى بلاده "ليست أدوية أصلية، وتسمى بيو - سيميلر، أي مشابهة".

وأشار إلى أنه "قبل استقدام هذه الأدوية تابعنا هذا الملف، وراقبنا احتمال إدخاله بشكل غير مباشر، وهذا ما تبيّن لنا عندما أصبحت هذه الأدوية مدرجة على الصفحة الرسمية لوزارة الصحة".

واعتبر كرم أن "إدخال هذه الأدوية إلى السوق اللبنانية له اعتبارات واضحة"، مشيراً إلى "دور المسؤولين الإيرانيين في ذلك".

ورأى كرم أن "إيران قد تكون تعمل على استخدام اقتصاد لبنان لمصلحتها، لأن هناك أرباحاً تُجنى من عمليات تهريب الأدوية تصل إلى 150 مليون دولار سنوياً".

ورغم أزمة الأدوية في لبنان، إلا أن رئيسة نقابة مصانع الأدوية، كارول أبي كرم، طمأنت اللبنانيين إلى أنه "لا خوف على الأدوية المصنعة في البلاد"، وقالت إن "هناك تفاوتاً بالنسبة إلى دعم الأدوية".

وأوضحت أن "مصرف لبنان يدعمنا بـ85 في المائة من كلفة المواد الأوليّة فقط، لكنه يدعم 85 في المائة من كامل كلفة الأدوية المستوردة، وهنا لا يوجد أي توازن في الدعم".

وأردفت بأن "هناك 50 في المائة من التكلفة ندفعها بسعر صرف السوق السوداء".

 

(الأناضول)

المساهمون