قصف ومفاوضات... وتساؤلات حول مصير الغوطة

قصف ومفاوضات... وتساؤلات حول مصير الغوطة

19 مارس 2018
المدنيون مهددون بالإبادة (عبد المنعم عيسى/ فرانس برس)
+ الخط -



تشهد الغوطة الشرقية تواصلا في عمليات القصف من قوات النظام السوري ومحاولات الاقتحام، إلا أن حدتها انخفضت منذ مساء يوم السبت الماضي، لتعود فجر اليوم، مترافقة مع هجمات معاكسة من المعارضة السورية المسلحة، وخروج دفعات جديدة من المدنيين إلى مناطق سيطرة النظام السوري.


وقال الدفاع المدني السوري في ريف دمشق إن قوات النظام قصفت الأحياء السكنية في مدينة دوما، اليوم الاثنين، بأكثر من أربعين غارة جوية، كما قصفت مدينة عين ترما بغارة، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين.

وربطت مصادر انخفاض حدة القصف وعمليات الاقتحام، أمس الأحد، بزيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى محيط الغوطة الشرقية بهدف ضمان سلامته، وهي زيارة اعتبرها مراقبون إعلانا لـ"النصر" من قبله على الغوطة بعد حرقها وتهجير معظم سكانها.

وبينما تُخيّم الضبابية على مستقبل ما تبقّى من المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة في الغوطة الشرقية وعلى رأسها معاقل المعارضة الثلاثة، دوما وحرستا وجنوب الغوطة، تجري عمليات تفاوض حول مصير تلك المناطق.

وتُعتبر دوما - معقل فصيل "جيش الإسلام" - من بين المناطق الأكثر هدوءا، وشهدت أولى عمليات التفاوض مع النظام وروسيا عن طريق الأمم المتحدة، إلا أن قوات النظام عاودت التصعيد، اليوم الاثنين، على المدينة موقعة قتلى وجرحى بين المدنيين، كما شهدت جبهات دوما هجوما معاكسا من "جيش الإسلام" باتجاه مدينة مسرابا، أحدث خرقا في صفوف النظام.

وفي حرستا، التي تُعتبر معقل "حركة أحرار الشام"، فقد شهدت قصفا من النظام وسط تهديدات بعملية اجتياح كبيرة في حال عدم خضوع الحركة لما يتم التفاوض عليه وهو المصالحة والتهجير، وتم منح مهلة للموافقة، وانتهت المهلة، وفق تلفزيون النظام، أمس الأحد.

أما في بلدات جنوب الغوطة والتي تعتبر معقل "فيلق الرحمن"، فقد شهدت معارك متفاوتة في العنف تخللها، اليوم، تفجير عربة مفخخة من قبل المعارضة في موقع لقوات النظام بين جسرين وكفربطنا، وذلك بالتزامن مع عملية تفاوض حول إدخال مساعدات غذائية وإخراج المصابين والجرحى، وذلك في عملية مشابهة لما جرى في دوما قبل أيام.

وتقول مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات التي تجري من أجل الغوطة بوساطة الأمم المتحدة تجري في كل منطقة من المناطق الثلاث على حدة، وبينما تنفي جميع الفصائل التفاوض على خروج المقاتلين من الغوطة، تشير المصادر إلى أن المعارضة لم تعد قادرة على فرض شروط في عملية التفاوض وتقوم بشن هجمات معاكسة على أمل فرض شروط.

وشهدت منطقة "جنوب الغوطة" أخيرا مجازر مروعة ارتكبها طيران النظام، وذلك قبل إعلان فصائل المعارضة موافقتها على عملية التفاوض، ورافقت تلك المجازر عملية خروج لآف المدنيين إلى مناطق سيطرة النظام السوري بعد سيطرة الأخير على مدن حمورية وجسرين.

وتقول مصادر لـ"العربي الجديد"، إن مفاوضات تجري بشكل مباشر بين فصائل المعارضة وحليف النظام روسيا في تركيا بغية التوصل إلى اتفاق نهائي حول مصير الغوطة الشرقية، وسط تضارب في الأنباء يشير معظمها إلى اقتراب عملية تهجير لم تتضح تفاصيلها بعد.

وتشير المصادر إلى أنه لا توجد مؤشرات بأن الروس سيتوقفون عن دعم النظام في معركة الغوطة وخاصة بعد زيارة الأسد بحماية القوات الروسية، وما ستؤول إليه المفاوضات حول الغوطة مرتبط بدرجة كبيرة في قدرة المعارضة على الصمود، وذلك يثير التساؤلات أكثر عن قدرة المعارضة على مواجهة القدرات النارية للقوات الروسية، فضلا عن وجود أكثر من 200 ألف مدني في دوما وحدها والتي لا تتجاوز مساحتها 8 آلاف كيلومتر مربع.


ومن المتوقع عودة التصعيد من النظام وروسيا بشكل أكبر من السابق على دوما وبقية مناطق الغوطة المحاصرة، في حال لم تتوصل المفاوضات الجارية في الوقت الحالي ولو إلى اتفاق مبدئي، وذلك يهدد آلاف المدنيين المحاصرين بالإبادة.

المساهمون