قصر الإيبوبيناي: في نجدة المعالم الأثرية

قصر الإيبوبيناي: في نجدة المعالم الأثرية

15 يناير 2019
(جانب من قصر الإيبوبيناي)
+ الخط -

"أن تكون مالكاً لقصر تاريخي بخمسين يورو فحسب". بهذا الشعار الطريف جرى مؤخّراً إنقاذ قصر الإيبوبيناي الفرنسي من التداعي والسقوط، وهو معلم تاريخي ضخم أشبه بقلعة ويعود إلى نهاية العصور الوسطى، حيث بدأ بناؤه في القرن الرابع عشر ليكتمل بعد قرابة 180 سنة.

يَقع القصر في منطقة الأكيتان غرب فرنسا، وقد لاحظ كثير من زوّاره في السنوات الأخيرة تزايُد الأضرار على حجارته، وأنه يخسر بالتدريج الكثير من ألقه. يحدث ذلك مع تقلُّص إشراف الدولة على العناية به نظراً للتكلفة العالية لصيانته، وعدم توفّر شركات راعية، حيث يبدو أن ابتعاده عن المدن يمثّل عائقاً كي يتحوّل إلى معلم سياحي. هكذا يمكن أن نستنتج أن القصر سيخسر في السنوات والعقود القادمة الكثير من قيمته التاريخية لو ظل الأمر على حاله.

حيال هذا الواقع، باتت منظّمات من المجتمع المدني تحاول التعهّد بالمهمّات التي تتخلّى عنها الدولة ويحجم عنها المستثمرون، ومن بينها جمعية "تبنّ قصراً" (Adopte un château) الفرنسية، والتي تعمل على توفير تمويلات من المواطنين لإنقاذ مبان تاريخية عدة. تقوم الفكرة على طلب مساهمة مالية على الإنترنت بمبلغ بسيط في سبيل تجميع ثمن شراء حقوق إدارة المعلم من الدولة الفرنسية. مقابل ذلك يمكن لكل من ساهم في الحملة (تجاوز عددهم العشرة آلاف) الدخول للمعلم بعد تهيئته في أي وقت شاء، وهو عرض يدوم مدى الحياة.

خلال أربعة أشهر، جمعت الحملة التي أطلقت لإنقاذ قصر الإيبوبيناي أكثر من مليون يورو، وهو ما يتجاوز المبلغ المتوقّع بكثير، لكن وراء هذا النجاح سرا، حيث جرى التعاون مع شركة خاصة لإنتاج أفلام قصيرة أظهرت القصر وكأنه إطار لمَشاهد من مسلسل "لعبة العروش"، وهو ما استقطب متابعيه الذين يعدّون بالآلاف حول العالم. وبحسب الجمعية، فإن المساهمين لم يكونوا من الفرنسيّين فحسب، إذ إن كثيرين منهم إنكليز وأميركيّون وهولنديون. هذه الأفكار على بساطتها تشير إلى روح ابتكارية باتت اليوم ضرورة في كثير من المشاريع ذات الجدوى العامة وقليلة الربحية.

معالم تاريخية عربية كثيرة حالها مثل حال قصر الإيبوبيناي، لكن لا تجد مثل هذه المبادرات المدنية، والتي لا تحتاج بالضرورة إلى رصد أموال كثيرة، وإنما الوصول إلى كثيرين يساهمون بمبالغ بسيطة. وفي حال توفّر ذلك، هل نجد أجهزة إدارية متعاونة مع هكذا مبادرات أم أنها ستُغرقها في وحول من الإجراءات المعقدّة؟ وقبل ذلك هل يتوفّر في بلداننا العربية مناخ من الثقة بين الجمعيات والمتبرّعين؟

المساهمون