أعاد ميلان إحياء آماله الأوروبية؛ وذلك بعد فوز غاية في الأهمية على ضيفه "الجنوبي" نابولي بهدفي جيريمي مينيز وجياكومو بونافنتورا، ضمن الجولة الـ 15 من الكالتشيو، وذلك في مباراة تميز فيها "الروسونيري" واستحق فيها فوزاً غالياً، وكان فيها لاعبو فيليبو إنزاجي الطرف الأفضل في أغلب فترات اللقاء، واستطاعوا التسجيل في توقيتات سحرية من اللقاء مستغلين أخطاء الدفاع "النابوليتاني".
تحسن في خط وسط ميلان
دأب النادي الأحمر والأسود طوال فترة وجود أندريا بيرلو ومن بعده ريكاردو مونتوليفو، على استخدام الأخيرين كصانع ألعاب متأخر "ريجستا" يقوم بخدمة الفريق بالكرات الطويلة وصناعة اللعب، لكن مع إصابة مونتوليفو، بات ميلان يعتمد بشكل أساسي على خط الهجوم في صناعة اللعب وخدمة نفسه بنفسه، خصوصاً في ظل الحالة الفنية السيئة التي كان عليها أندريا بولي والحالة الفنية المتذبذبة، واللياقة المتردية للاعب الوسط الغاني سولي مونتاري.
ومع عودة مونتوليفو من الإصابة تحسن الوضع بشكل كبير، فبات هناك قائد واضح لخط الوسط، وحول إنزاجي مركز مونتوليفو لصانع ألعاب في مركزه المعتاد بدلاً من مركز الريجستا، وذلك أملاً منه في ربط أفضل بين خطوط الفريق بدلاً من ذلك الانعزال الذي كان عليه ثلاثي الهجوم أياً كانت هويتهم.
هذا الأمر عاد بفائدة كبيرة في مباراة أمس على أندريا بولي، فبعد أن كان الأخير مُطالباً بدور مونتوليفو في وقت إصابة الأخير، تاركاً مهمة الانطلاقات للأمام ومساندة خط الهجوم لسولي مونتاري، عاد بولي لممارسة دور اللاعب الذي يقوم بالزيادة العددية من الخلف للأمام. تشعر وأن بولي يقدم أداء أفضل عندما لا يتم تحميله مسؤوليات تفوق قدراته، فهو ليس قائداً ولا يبدو أنه سيكون، لكنه مفيد جداً في دوره الذي كان عليه في مباراة الأمس.
وحافظ نايجل دي يونج على الضغط اللازم لميلان، وبات لمونتوليفو حرية أكبر في دعم الهجوم بالتمرير الأمامي البناء، في مشهد يذكرنا بما كان يقوم به جينارو جاتوسو "دي يونج" مع أندريا بيرلو "مونتوليفو".
مينيز صنع الفارق..وبونافينتورا "جندي مجهول"
يعشق جيريمي مينيز الانطلاق في مساحات، فيراوغ الأول والثاني لكنه أحياناً ما يفقد القدرة على اتخاذ القرار الصحيح أو "يتلعثم" أو يبالغ في المراوغة لتضيع الكرات منه، لكن مع تواجده في مركز رأس الحربة الوهمي، تشكل أي مراوغة ناجحة لمينيز خطورة كبيرة على مرمى الخصم، فهو يكون في مواجهة المرمى ولا يحتاج للتفكير...فقط يأخذ نفساً عميقاً ثم يطلقها في الشباك.
مينيز قد يكون غير قادر على الاختراق مع دفاع متماسك لا يتحرك ولا يكشف ثغراته، لكن دفاع نابولي لم يكن دفاعاً من هذا النوع، حيث عج بالثغرات في قلب الملعب وهو أمر سنتحدث عنه لاحقاً.
وبينما عبث مينيز بقلب نابولي، قام بونافينتورا بدور مميز جداً في صمت فهو يضغط باستمرار من الجبهة اليسرى، هو الداعم الأول لمونتوليفو دفاعياً وموفر طاقته بشكل كبير في عملية الذود عن الجبهة اليسرى لميلان أمام خوسيه كاييخون، بينما يتكفل أرميرو بانطلاقات الإسباني إلى داخل المنطقة، وإن ضحك عليه الأخير في إحداها وكاد أن يسجل هدف التعادل لولا تألق دييجو لوبيز.
بونافينتورا كان يقوم بدور مطالب باستمرار لدى كثير من المدربين، من خلال عملية تبادل المراكز بينه وبين رأس الحربة، فكنا نرى مينيز أحياناً ينتقل إلى الجانب الأيسر أو يعود للخلف لسحب أحد المدافعين، بينما يدخل بونافينتورا لقلب الملعب، ويحدث المفاجأة؛ وهو ما حدث بالفعل في لقطة الهدف الثاني التي سحب فيها مينيز ألبيول معه ليفسح مجالاً لبونافينتورا ليضرب ضربته الرأسية قبل وصول كوليبالي.
مدافعان تابعان
يلعب راؤول ألبيول كرة قدم بدائية جداً، فهو ما زال مؤمناً بفكرة الرقابة الفردية دون فهم حقيقي إلى أن كثير من اللاعبين لم يعودوا يتقيدون بمراكزهم، فمن السذاجة أن تندفع خلف من تراقبه من المهاجمين إلى وسط الملعب، دون فهم أن المهاجم لم يعد مهاجماً وأن هناك من صار مهاجماً في هذه اللحظة غير من يراقبه.
ومن الممكن ملاحظة خروج راؤول ألبيول في الهدفين من المنطقة التي ينبغي عليه التمركز فيها، بدون أي فرصة واضحة لقطع الكرة وانسلاله خلف المهاجم، أما كوليبالي فحدث ولا حرج عن بطئه في التحرك وقبوله بأن يكون دائماً رد الفعل وليس الفعل، والحقيقة أنه يعاني كما يعاني ألبيول من عدم وجود قائد حقيقي في الدفاع، بل يمكن وصف ألبيول وكوليبالي بالمدافعين "التابعين"، غير القادرين على تولي زمام رباعي الدفاع بل يحتاجون دائماً لمن يرشدهم.
نابولي يفتقد للإبداع
أشرك رفائيل بينيتيز، جوناثان دي جوزمان كصانع ألعاب متقدم في طريقة 4/2/3/1 وهو ليس بمركزه تماماً... يلعب نابولي 4/4/2 في الحالة الدفاعية بتواجد الدولي الهولندي بجانب جونزالو هيجواين، فيما يتراجع دي جوزمان للخلف في الحالة الهجومية ليتولى مهام صناعة اللعب، ولم يكن دي جوزمان سيئاً؛ فالرجل يقوم بما عليه من واجبات عبر توزيع للعب والتحرك في أماكن جيدة، لكنه افتقد لنقطة واحدة غاية في الأهمية هي "الإبداع".
نابولي افتقد للاعب القادر على مفاجأة ميلان، فظهر لعبه رتيباً معتاداً للاعبي ميلان فأحكم عادل رامي وزاباتا قبضتهما على هيجواين، فيما انعزل درايس ميرتينز وكاييخون عن دي جوزمان الذي كان يلعب بعقلية لاعب الوسط المحوري، وليس اللاعب المطلوب منه القيام بتمريرات قاتلة بينية، خلف المدافعين لميرتينز وكاييخون ومن أمامهما هيجواين.
كان لا بد من التغيير الذي قام به رافا بينيتيز، عندما أخرج جورجينيو وأشرك هامشيك ليمنح وسط نابولي حركية أكثر، وينتشل الثنائي المحوري "النابوليتاني" من براثن اللعب الدفاعي الصميم، ويبدأ في المخاطرة أكثر بتواجد السلوفاكي الذي حسن كثيراً من نابولي واستفاد من تراجع مردود ميلان البدني، خصوصاً من جانب دي يونج الذي يبدو وأن المشاركات المتتالية قد أرهقته.
كل ذلك كان بلا قيمة، فقد أحرز ميلان الهدف الثاني قبلها بـ 10 دقائق وبات أكثر قناعة بالتراجع للدفاع ليؤمن لنفسه نقاطا ثلاثا غالية، ويعيد إنزاجي ثقة الجماهير فيه فقد أدار اللقاء ببراعة واستحق النصر في قلب سان سيرو.