قرار حكومي بمنع التنقل بين المدن يثير غضباً في المغرب 

قرار حكومي بمنع التنقل بين المدن يثير غضباً في المغرب 

27 يوليو 2020
اختنقت الطرق السريعة ووقعت الحوادث (فيسبوك)
+ الخط -

أثار قرار السلطات المغربية بمنع التنقل بين 8 مدن ابتداءً من منتصف ليلة أمس الأحد، بعد الارتفاع الكبير المسجل، خلال الأيام الأخيرة، في عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد في العديد من مناطق المملكة، غضباً عارماً في مواقع التواصل الاجتماعي.

 وتداول المعلقون صوراً ومقاطع فيديو لما سموه ليلة الهروب الكبير، بعد أن سارع آلاف المواطنين المغاربة إلى الالتحاق بأسرهم ومدنهم قبل حلول موعد الإغلاق.

وأثر قرار وزارتي الداخلية والصحة، مساء أمس الأحد، القاضي بوقف حركة التنقل من 8 مدن مغربية وإليها، في حركة النقل، سواء داخل المحطات الطرقية أو على مستوى الطرق السريعة

وسُجلت حالة فوضى كبيرة وحوادث سير خلّفت خسائر مادية وبشرية، بعد أن وجد المئات من المواطنين أنفسهم يخوضون سباقاً ضد الساعة لبلوغ مدنهم، جرّاء قرار مفاجئ صدر قبل البدء في تنفيذه بخمس ساعات.

وفيما وجهت انتقادات حادة إلى قرار الحكومة المفاجئ، صبّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب جام غضبهم على حكومة سعد الدين العثماني، واصفين قرار منع التنقل بـ"الارتجالي"، محملين إياها مسؤولية حوادث السير التي وقعت والفوضى الناتجة من ذلك.

وكتب الصحافي المغربي، رشيد البلغيثي، الذي كان ضحية لحادثة سير في الطريق السيار الرابط بين مدينتي الدار البيضاء والرباط: "كل الأرواح التي أُزهقت أمس هي في عنق الحكومة التي حولت طرق الوطن إلى ساحات إعدام لم تنصب فيها المشانق، لكن رُمِيَ فيها الأبرياء بالسيارات كما يُرمى الانقلابيون بالرصاص".

وتابع: "بلاغ الحكومة، أمس، مضمونه، توقيته وفجائيته.. لم يُكتب على ورق، بل نُقش على سكين قطعت رقاباً وأسالت دماءً ما كان لها أن تهرق لولا إرجاف المرجفين. نتضرع إلى الله بالرحمة للموتى والشفاء للجرحى، وأمام عجزنا وقلة حيلتنا نقول لصاحب هذا البلاغ القاتل قول إسماعيل لإبراهيم: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنا إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ!".

المحلل السياسي المغربي، عبد الرحيم المنار السليمي، وصف في تدوينة له، قرار منع التنقل بين المدن الثماني بـ"المتسرع"، وقال:" في جملة واحدة قرار يوم أمس متسرع وغير محسوب، هناك وباء نعم ينبغي محاصرته، ولكن ليس بقرارات الساعة الأخيرة التي تخلق فوضى وسط الطرقات وفي المحطات في مناسبة عيد له دلالات دينية وسيكولوجية واقتصادية واجتماعية كبيرة".

وبرأي الناشط مصلح محمد، فإن "كل ما تتخذه الحكومة من قرارات قي الآونة الأخيرة بخصوص تدبير جائحة كورونا يتسم بالارتجالية وتغليب منطق التجارة لا الصحة".

وكتبت البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ابتسام عزاوي، في حسابها الشخصي بموقع "فيسبوك": " صراحة، لا أفهم سبب عدم ترك فرصة زمنية معقولة للمواطنات وللمواطنين لتدبير أمورهم بعد إصدار قرار غلق عدد من المدن ومنع الدخول والخروج منها. من الصعب جداً أن يتلقى المواطنون القرار على الساعة السابعة مساء، وأن يكون تطبيقه ساري المفعول ابتداءً من منتصف الليل!".

من جهته، تساءل الخبير الأمني، محمد أكضيض: "هل آن الأوان لإعادة النظر في بعض المسؤولين، وإنهاء مهامهم جملة وتفصيلاً من أجل مغرب التحديات".

الناشط، عبد الإله بايوسف، كتب في تدوينة على صفحته الشخصية: "مشاهد حوادث السير هذه الليلة تدمي القلب. للأسف، الحكومة تعبث بأرواح المواطنين بمثل هذه القرارات، وخصوصاً توقيت الإبلاغ عنها".

أما بالنسبة إلى رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، بوبكر أونغير، فاعتبر أن "إلغاء العيد وطقوسه أهون من سقوط أرواح بشرية بفعل الفيروس وبفعل الحوادث".

بالمقابل، قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إن قرار منع التنقل بين ثماني مدن، سببه ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، لافتاً، في ندوة عن بعد "للفضاء المغربي للمهنيين بجهة الرباط سلا القنيطرة"، أمس الأحد، إلى أنه في اليومين الأخيرين سُجِّل أزيد من 800 حالة و 600 حالة على التوالي.

وقال العثماني: " لا نعرف كيف ستتطور الأمور إذا تركنا الوضع على عواهنه، والإشكال أنه مع ارتفاع الإصابات تزيد عدد الحالات التي تحتاج إلى الإنعاش، وأيضاً ترتفع الوفيات، وهذا مقلق ويستدعي محاصرة الوباء بإجراءات صارمة".

العثماني اعتبر أن القرار الذي اتخذته حكومته ضروري، وقال: "القرار جاء بعد تفكير طويل، تحسباً للوضعية المقلقة، صحيح أنه متحكم فيها، لكن هي مقلقة من حيث مآلاتها".

وكان بيان مشترك لوزارتي الداخلية والصحة، مساء أمس، قد كشف أن السلطات المغربية قررت ابتداءً من يوم الأحد 26 يوليو/ حزيران عند منتصف الليل، منع التنقل انطلاقاً من أو في اتجاه مدن طنجة، تطوان، فاس، مكناس، الدار البيضاء، برشيد، سطات ومراكش، وذلك أخذاً بالاعتبار للارتفاع الكبير، خلال الأيام الأخيرة، في عدد الإصابات بفيروس كورونا بمجموعة من المحافظات.

المساهمون