قتل الصحافيين لا يكمّ أفواههم

الإفلات من العقاب: قتلُ الصحافيين لا يكمّ أفواههم

02 نوفمبر 2018
اغتيلت الصحافية المالطية دافني غاليزيا (ماثيو ميرابيللي/فرانس برس)
+ الخط -
يأتي اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدّ الصحافيين (2 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، بحسب الأمم المتحدة) هذا العام، بعد شهرٍ على اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل سفارة بلاده في إسطنبول. شهرٌ تضاربت فيه الروايات التي قدمتها السعودية، إلى أن اعترفت بمقتله بعد 18 يوماً من النفي. قتلٌ ببرودة، ربما، فنحن لا نعرف بعد ما حصل بالتحديد، لكننا نعرف أن صحافياً دافع عن حرية التعبير، ودفع حياته ثمناً لذلك، فقُطّعت أوصاله بوحشية، وذُوّبت جثته باستخدام الأسيد... علّه يصمت.
قتلة خاشقجي معروفون بالأسماء. سُرّبت صورٌ لهم، وتحدّث مسؤولون دوليون عنهم. مَن أصدر قرار القتل ومَن نفّذه، لا يزالون على قيد الحياة، لكنّ محاسبتهم غير أكيدة، لا بل مستبعدة. فغالباً ما يلوذ قتلة الصحافيين بالفرار، وينجون بفعلتهم. إذ يتم حلّ قضية واحدة متعلقة بقتل الصحافيين من أصل كلّ عشر قضايا، وفق إحصاءات "يونيسكو".

لكنّ خاشقجي ليس وحده. بدأ العام باغتيال الصحافي المكسيكي كارلوس دومنغز، واستمرّت موجة العنف في مواجهة الكلمة. اغتيلت الصحافية المالطية دافني كاروانا غاليزيا إثر تفجير سيارتها. قتلت الصحافية التلفزيونية البلغارية فيكتوريا مارينوفا بعد اغتصابها وخنقها. اغتيل الصحافي الاستقصائي السلوفاكي يان كوسياك مع خطيبته، رمياً بالرصاص. قتل المصور في وكالة "فرانس برس" في أفغانستان شاه ماراي في تفجير في كابول.قتل سانديب شارما دهساً في الهند. وعلى الهواء مباشرةً، قُتل الصحافي أنجيل غاهونا برصاصة في نيكاراغوا...

هذا العام، قُتل نحو 62 صحافياً حول العالم، بحسب إحصاءات منظمة "مراسلون بلا حدود". فيما سلّط مؤشر "اللجنة الدوليّة لحماية الصحافيين" الخاص بالإفلات من العقاب لعام 2018، الذي يصنف الدول التي لديها أسوأ السجلات لمقاضاة قتلة الصحافيين، الضوء على ترسيخ هذا الإفلات في 14 دولة.



تصدر الصومال القائمة للعام الرابع على التوالي، فيما انضمّت بلدان جديدة، كأفغانستان التي قُتل فيها ثمانية صحافيين كانوا يغطّون تفجيراً انتحارياً في كابول. كما عادت كولومبيا إلى الظهور مرة أخرى في القائمة، بعدما قامت جماعة منشقّة باختطاف طاقم إخباري إكوادوري وقتله.

تم إسكات 324 صحافي على الأقل في العقد الماضي من خلال القتل في جميع أنحاء العالم، بحسب اللجنة الدولية لحماية الصحافيين. وفي 85 بالمئة من هذه الحالات لم تتم إدانة أي من الجناة. أكثر من ثلاثة أرباع هذه الحالات (82 بالمئة) وقعت في 14 دولة، فيما كان معظم الضحايا من الصحافيين المحليين. والدول هي: الصومال (25 قضية) وسورية (18 قضية) والعراق (25 قضية) وجنوب السودان (5 قضايا) والفيليبين (40 قضية)، وأفغانستان (11 قضية) والمكسيك (26 قضية) وكولومبيا (5 قضايا)، وباكستان (18 قضية) والبرازيل (17 قضية) وروسيا (8 قضايا) وبنغلادش (7 قضايا)، ونيجيريا (5 قضايا) والهند (18 قضية).

في 2018، يعلو صوت الفاشيّة والتطرف حول العالم، مقابل إسكاتٍ إجباريّ للصحافيين: منع وقمع ورقابة وقوانين مجحفة واختطاف وتعذيب واعتقال وسجن، وقتل... لكنّ قتل الصحافيين لا يكمّ أفواههم، والحقائق لا تموت بقتل صحافييها.

المساهمون