قبل 100 يوم من الانتخابات ترامب يواجه خطر هزيمة مُذلّة

قبل 100 يوم من الانتخابات ترامب يواجه خطر هزيمة مُذلّة

24 يوليو 2020
يجد ترامب صعوبة في وضع برنامجه وتحديد رؤية للسنوات الأربع المقبلة (دوغ مايلز/Getty)
+ الخط -

بات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعروف بنزقه وردود فعله غير المتوقعة، في وضع صعب ومعزولاً، فيما توجّه إليه انتقادات شديدة حتى من داخل معسكره الجمهوري، لتعاطيه الفوضوي مع أزمة تفشي وباء "كوفيد-19". وأمامه الآن مهلة 100 يوم فقط لعكس التوجه الحالي للناخبين، والاحتفاظ بأمل في الفوز بولاية رئاسية ثانية في البيت الأبيض.

سباق يبدو محسوماً لولا المفاجآت
من المتوقع أن يسود توتر شديد الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، وسط الانقسام والقلق اللذين يهيمنان على الولايات المتحدة، في وقت ارتفعت حصيلة الوباء فيها إلى أكثر من 140 ألف وفاة.

ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، يشتدّ تبادل الهجمات والاتهامات. إذ يؤكد ترامب (75 عاماً) أن خصمه جو بايدن (77 عاماً) "دمية" يحركها اليسار الراديكالي، وأنه يريد القضاء على "أسلوب العيش الأميركي"، فيما يدعو المرشح الديمقراطي من جانبه إلى "معركة من أجل روح أميركا".

وإزاء استطلاعات للرأي تشير جميعها إلى تقدم بادين عليه، يخشى الملياردير الجمهوري هزيمة مذلة تجعل منه أول رئيس لولاية واحدة منذ أكثر من ربع قرن.

غير أنّ الأمور لم تحسم بعد. فبعد ثلاث سنوات ونصف من التقلبات المتعاقبة، لا يزال من الممكن أن يطرأ أمر يقلب الوضع رأساً على عقب. فهل تشهد الحملة هفوة خطيرة يرتكبها بايدن؟ أو وفاة أحد قضاة المحكمة العليا؟ أو الإعلان عن لقاح ضد فيروس كورونا الجديد؟ أو واحدة من مفاجآت أكتوبر/ تشرين الأول كما يحصل عادة في الشهر الأخير قبل الانتخابات؟ أي حدث يمكن أن يقلب الديناميكية الانتخابية بين المرشحين اللذين يتواجهان اليوم بعدما سلكا مسارين على طرفي نقيض.

ثلثا الأميركيين يعارضون طريقة تعاطي الرئيس ترامب مع فيروس كورونا الجديد

غير أنّ الوباء أضعف الرئيس الحالي إلى حد بعيد، وفضح إخفاقه في التعامل مع الأزمة، وقد أهدر فرصة لطرح نفسه في موقع الربان الذي يقود سفينته وسط العاصفة إلى برّ الأمان. وأظهر استطلاع للرأي، أجرته شبكة "إيه بي سي نيوز"، أنّ ثلثي الأميركيين يعارضون أسلوب تعاطيه مع فيروس كورونا الجديد.

الأرقام لا تكذب!
يؤكد ترامب "لست بصدد الخسارة، استطلاعات الرأي خاطئة"، لكن بعيداً عن هذه التصريحات الحاسمة العالية النبرة، لا بد أنه يدرك أنه مقبل على استحقاق نوفمبر/ تشرين الثاني في موقع ضعف، ويسعى لإحداث تغيير.

وفي هذا السياق، بدّل مدير حملته وغيّر استراتيجيته ولو بصورة متأخرة، في مطلع الأسبوع، حيال "كوفيد-19"، فأقرّ بعد أسابيع من الإنكار بأنّ الوضع "سيسوء قبل أن يتحسن". وقال مساء الخميس "إن إعطاء المثال أمر مهم جداً"، معلناً إلغاء مؤتمر الحزب الجمهوري الذي كان من المقرر عقده في جاكسونفيل بولاية فلوريدا، وأن يكون مفتوحاً أمام الجمهور.

واعتمد ترامب نبرة رئاسية أكثر، لكن هل تستمر طويلاً؟ فالأيام الـ1300 التي قضاها حتى الآن في البيت الأبيض تبعث على الشك. والأرقام ليست مطمئنة في الوقت الحاضر لرجل الأعمال السابق النيويوركي، إذ يُظهر متوسط استطلاعات الرأي الوطنية الذي يعده موقع "ريل كلير بوليتيكس" المستقل تقدم بايدن على ترامب منذ أكثر من ستة أسابيع بفارق يتراوح بين 8 و10 نقاط مئوية.

وتشير الأرقام منذ العام 1980 إلى أن جميع المرشحين الذين كانوا يحققون فارقاً بهذا الحجم في مثل هذه المرحلة من الحملة فازوا في الانتخابات، باستثناء واحد هو الديمقراطي مايكل دوكاكيس الذي هزمه جورج بوش عام 1988.

وفي تكساس، الولاية التي لم يتمكن أي ديمقراطي من الفوز بها منذ جيمي كارتر عام 1976، والتي سيكون لها وزن كبير عند فرز الأصوات، إذ تتمثّل بـ38 من كبار الناخبين؛ يبدو الفارق ضئيلاً بين المرشحين بعدما حقق فيها ترامب انتصاراً كاسحاً عام 2016.

برنامج انتخابي ضبابي
يتصاعد التوتر والريبة المتبادلة في صفوف الجمهوريين الذين يخشون خسارة مجلس الشيوخ، في نوفمبر/ تشرين الثاني. واتُّهمت ليز تشيني، التي تُعتبر من زعماء الأقلية الجمهورية في مجلس النواب قبل بضعة أيام، بعدم الوفاء للحزب.

قال مات غيتز، النائب الجمهوري عن فلوريدا "ليز تشيني تعمل في الكواليس (والآن في العلن) ضد دونالد ترامب وبرنامجه". 

يبدو الفارق ضئلاً بين المرشحين في ولاية تكساس، ذات الوزن الكبير بأصوات كبار ناخبيها

كما يجد ترامب صعوبة في وضع برنامجه وتحديد رؤية للسنوات الأربع المقبلة. وهو يتمسك في الوقت الحاضر بشعار "القانون والنظام"، واعداً باعتماد خط حازم ضد تزايد العنف في العديد من المدن الكبرى الأميركية.

ويتهمه منتقدوه بالسعي لتحويل الأنظار عن إخفاقاته، مذكرين بأن ترامب لعب الورقة نفسها مع اقتراب أي استحقاق انتخابي، سواء الرئاسيات عام 2016 أو انتخابات منتصف الولاية الرئاسية عام 2018.

ولا يزال ترامب يبحث عن ثغرة يمكنه استغلالها لتركيز هجومه على بايدن حولها، غير أن خصمه يخوض حملة انتخابية محصورة بالحد الأدنى وسط القيود المفروضة للحد من انتشار الوباء، الأمر الذي لا يترك للرئيس مآخذ كثيرة.

هل يقبل ترامب الخسارة؟
قبل المناظرات المقررة في الخريف، يكتفي نائب الرئيس ببعض المداخلات المتفرقة، وهو يعول على دعم متزايد من الرئيس السابق باراك أوباما الذي يتمتع بشعبية واسعة ويستقطب حشوداً غفيرة. ويظهر الرجلان في فيديو من عشرين دقيقة تم بثه الخميس، جالسين في قاعة وقد فصلت بينهما مسافة التزاماً بقواعد التباعد، ويتحادثان في تفاهم تام.

ويقول الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة "بمعزل عن كل السياسات المحددة التي يتم تطبيقها... هناك أولاً توق هائل لنوع من اللياقة"، مشيداً بقدرة بايدن على التعاطف مع الناس، ومبدياً أمله في أن يصبح الرئيس السادس والأربعين في يناير/ كانون الثاني.

وإلى جانب نقاط الغموض في حملة ترامب الانتخابية الخارجة عن المعهود على كل الأصعدة، تُضاف تساؤلات أخرى حول سير الانتخابات، فترامب يردد منذ عدة أسابيع، ومن دون تقديم أي دليل، أن التصويت عبر البريد، الذي سيتخذ حجماً كبيراً هذه السنة وسط تفشي فيروس كورونا الجديد، قد يؤدي إلى عمليات تزوير واسعة النطاق.

وحين سُئل خلال مقابلة أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز"، الأحد، إن كان يتعهد بالقبول بنتيجة الانتخابات، رفض إعطاء رد قاطع، واكتفى بالقول "سوف أرى"!

(فرانس برس)

المساهمون