قبل مجزرة رابعة: كيف شيطنت أذرع السيسي أنصار مرسي؟

قبل مجزرة رابعة: كيف شيطنت أذرع السيسي أنصار مرسي؟

14 اغسطس 2020
جرافة عسكرية تزيل خيم الاعتصام يوم مجزرة رابعة (فرانس برس)
+ الخط -

لا ينكر أي متابع للشأن المصري دور وسائل الإعلام في تحريك الشارع وتغيير الأحداث. ولذلك، سعت كل الأنظمة للسيطرة عليه منذ الستينيات، حتى اليوم، ما ظهر بقوة إبان ثورة يناير 2011 وما تبعها من أحداث، تعدّ مجزرة رابعة في 14 أغسطس/ آب 2013 بين أبرزها.

فور انقلاب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي على الرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي، واعتصام أنصاره في ميداني رابعة العدوية والنهضة، وقبيل وقوع مجزرة فض الاعتصامين، بادرت أذرع السيسي التي اعترف بها في التسريب الشهير، إلى تمهيد الشارع وتجهيز الرأي العام لتقبل المجازر، خاصة اعتصام رابعة الذي كان مفتوحاً لكل وسائل الإعلام، على عكس النهضة الذي ما زال مبهماً في أغلب تفاصيله حتى الآن. 


الأذرع، وخاصة الإلكترونية ومراسليها، كانوا يصولون ويجولون في كواليس اعتصام رابعة منذ اليوم الأول، وكأنه كان مادة خصبة لملء الفراغ الذي أحدثه تضييق النظام عليها، وتناولت كل كواليسه، ما يعد اعترافاً منها بخلوّه من كل التهم التي كالتها له لاحقاً، وتناولت كل مناحي الحياة داخله من مأكل وعبادات وجمع القمامة، وكحك العيد ولعب الأطفال، ووصلت إلى بيع الملابس الداخلية. وأجرى مراسلوها عشرات اللقاءات مع المعتصمين السلميين، وكانت مواقع مثل "اليوم السابع" و"المصري اليوم" و"مصراوي" و"الوطن" على رأسها. 


في مرحلة لاحقة، بدأت الأذرع بالتسويق لضجر سكان المنطقة من الاعتصام و"توقف الحياة"، أو بعض التصرفات التي تترافق مع اعتصام يحوي عشرات الآلاف من المعتصمين، كالتبول والحمامات العامة ومخلفات الطعام.

ولجأت الأذرع لاحقا إلى شيطنة الاعتصام، والتركيز على بعض الوقائع المختلقة، مثل مناوشات المعتصمين مع قوات الجيش، أو التعدي على قبطي أو مختلف فكرياً مع المعتصمين، أو التلميح في بعض موادها المصورة لتوزيع الوجبات، مثلما حدث في التحرير ووجبات الكنتاكي الشهيرة، والسخرية من المحتوى المقدم على منصة الاعتصام، كرؤية جبريل في المنام.

ووصلت شيطنة الأذرع للمعتصمين إلى مراحل أبعد، تمهيداً لمطالبات بالتخلص منهم، واستشعار خطورتهم على الأمن القومي للبلاد، مثل تسليح الاعتصام، واختلاق أسطورة جهاد النكاح التي استخدمت في تشويه ثوار سورية سابقاً، وامتدت في ما بعد لمعتصمي رابعة، بالإضافة إلى اعتبار انتشار رايات التوحيد الشهيرة، رايات الجهاد وتنظيم القاعدة.



بدأت بعدها مرحلة تنظير برامج "التوك شو"، واستضافة الخبراء والاستفاضة في شرح المعايير العالمية لفض الاعتصامات، والموقف القانوني، وأهمية التعجيل بها وتأثير الاعتصام على الحياة في منطقة شرق القاهرة، والتحريض على المعتصمين والفتك بهم، وتسريب بعض خطط الجيش والشرطة لفض الاعتصام كنوع من الحرب النفسية، رغم احتلال ميدان التحرير بالتوازي معه من قبل مؤيدي الانقلاب والسيسي.




حين المجزرة، كانت أبرز اللقطات التي وثّقتها تتراوح بين القبض على المعتصمين وقتلهم في الممرات الآمنة المزعومة، وبكاء الطفل الشهير لأمه، ودهس الجرافات جثث القتلى، واللحظات الأخيرة في حياة أسماء البلتاجي، وصور الجثث المتراكمة في مسجد الإيمان القريب من ميدان رابعة العدوية، وقنص المصورين والصحافيين.


وعقب وقوع المجزرة تبارت كل القوى المؤيدة للتبرير والمقارنة بحالات مشابهة، مثل حروب فيتنام، كرئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، ومستشار رئيس الجمهورية المؤقت السابق مصطفى حجازي. في الوقت الذي تنصل فيه البعض الآخر فور وقوع المجزرة، رغم تأييدهم للفض، وتحريضهم وتأييدهم لسلطة الانقلاب، مثل عمرو حمزاوي، ونائب رئيس الجمهورية السابق، محمد البرادعي.

المساهمون