قبرص تبيع نفسها بخصخصة مرافقها

قبرص تبيع نفسها بخصخصة مرافقها

15 فبراير 2014
+ الخط -

منذ عام تقريباً، وفي آذار/ مارس 2013 تحديداً، وقعت قبرص في أزمة مالية مصرفية ضخمة. أزمة كان من الممكن أن تخرجها من الاتحاد الأوروبي فور إعلان إفلاسها.

إلا أن الأخير سارع إلى "المساعدة". فقد قرر الاتحاد تقديم خطة إنقاذ أوروبية قيمتها 10 مليارات يورو.

لكن المساعدة لم تكن مجانية، إذ اشترط الاتحاد على قبرص، بمؤازرة صندوق النقد الدولي، فرض ضريبة على الودائع المصرفية وزيادة الضرائب على الشركات من 10% إلى 12,5%، إضافة إلى تحصيل 1.4 مليار يورو من عائدات خصخصة عدد من القطاعات العامة الخدمية، بحلول عام 2018. هذه الإجراءات أدت إلى تأجيج الاحتجاجات في شوارع قبرص.

ولم تقتصر التظاهرات والاعتصامات في بداية الأمر على موظفي المصارف المأزومة، وإنما طالت جميع القطاعات والفئات الاجتماعية. خصوصاً أن الخطة الأوروبية حاولت في خلال المرحلة الأولى من المفاوضات فرض اقتطاع ضريبي تصاعدي يطال صغار المودعين. إلا أن حدة الاحتجاجات في الشارع القبرصي أدت إلى استثناء الودائع المصرفية التي تقل عن 100 ألف يورو من الضريبة.

بيد أن هذا التعديل، أثار سخط الأثرياء في جميع دول العالم، وهدد عدد كبير من الدول بسحب ودائعه من المصارف القبرصية.

وكانت روسيا أبرز المعترضين، حين لوحت بسحب 35 مليار دولار من قبرص، طبعاً، لأن قبرص كانت تعتبر ملاذاً للتهرب الضريبي... إلا أن الاعتراضات خفتت، بعد إشراك روسيا في عملية "الإصلاحات" في قبرص من خلال عدد من المشاريع والقطاعات التي ستدخل إليها روسيا كمستثمر أساسي، على طبق من ذهب.

وكما الحال في جميع الخطط "الإصلاحية" التي تفرض على الدول المأزومة، لم يتطلع إلى حال القبرصيين، ولا إلى تأثير الخطة الأوروبية على معيشتهم وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.

فقد ارتفعت نسبة البطالة في قبرص إلى 17 في المائة في عام 2013 بعد إقرار الخطة الأوروبية وإغلاق بنك رئيس "بنك لايكي" يعاني من خسائر وخسارة 8 آلاف قبرصي عمله، إضافة إلى فرض ضرائب على الشركات مهما كان حجمها.

وتوقعت الإحصاءات الرسمية أن يستمر ارتفاع حجم العاطلين عن العمل في عام 2014، لتصل نسبة البطالة إلى معدل قياسي بنحو 19%. في المقابل، أصبح عدد كبير من القبارصة يعتاشون من المساعدات.

ويفيد الصليب الأحمر القبرصي، إنه بعدما كان يعمل على مساعدة المهاجرين إلى قبرص، ارتفعت نسبة مساعدته للقبارصة لتشكل 50 في المائة من إجمالي الذين يطلبون المساعدات. ويفيد استطلاع للرأي أعده معهد الإحصاءات القبرصية، أن 48 ألف شخص، باتوا يستفيدون من المراكز الغذائية في الجزيرة.

وبموازاة الكارثة الاجتماعية، يستمر الاقتصاد القبرصي في الانكماش. وتوقعت وزارة المال القبرصية استمرار ضعف النمو الاقتصادي في عام 2014، ما يعني أن عدداً كبيراً من القطاعات الاقتصادية ستصاب بنكسات قد تزيد من معدلات البطالة.

وفي ظل هذا الوضع المقلق، اقرت حكومة قبرص ،يوم الخميس، خارطة طريق لخصخصة شركة الاتصالات القبرصية والكهرباء والموانئ. ويأتي هذا القرار كالتزام بخطة الانقاذ التي تم التفاوض عليها مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.

وفي إثرها، أعلن عمال المرافق والموانئ في قبرص الجمعة إضراباً ضد خطط الحكومة للخصخصة، وذلك في أول احتجاج حاشد ضد شروط خطة الانقاذ الدولية التي تم التوصل اليها قبل عام.

ودعا العاملون في قبرص تيليكوم (سي تا) وهيئة موانئ قبرص الى اضراب لمدة 24 ساعة، فيما دعا العاملون في هيئة الكهرباء الى توقف عن العمل لمدة 12 ساعة. وقال عاملون في شبكات نقل الكهرباء: إن انقطاع الكهرباء نتيجة الإضراب أمر محتمل.

وقال، اندرياس بانوركوس، وهو ممثل لعمال الكهرباء "لا يمكن اجبار قبرص على بيع أصولها بأسعار متدنية في أوقات الركود".

في المقابل، رد وزير المالية القبرصي، هاريس جورجيادس، ان "الاضراب يغامر بتقويض سمعة قبرص الجيدة لدى مقرضيها لالتزامها مواجهة مشاكلها الاقتصادية".

هكذا، تتجه قبرص إلى بيع أصول الدولة، من دون الحديث عن أي إجراءات تضمن استمرارية عمل القبارصة بعد انتقال القطاعات العامة الى الملكية الخاصة.

في المقابل، يصفق الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لهذه الإجراءات التي ستجعل السوق القبرصية في تبعية اقتصادية قد تستمر سنوات طويلة.

دلالات

المساهمون