قانون لمعاقبة مرتكبي التحرّش

قانون لمعاقبة مرتكبي التحرّش

23 يونيو 2014
+ الخط -
ربما من حقنا أن نحلم بالسير في طرقات بلدنا، ونرى الفتاة تسير باحتشام ووقار، وأن نرى الشاب يسير مترجماً أخلاق ديننا ومجتمعنا، من دون أن يتعرض أحد لخصوصية الآخر، تبقى هذه هي الصورة المثالية التي نحلم بها. دعوني أبشركم بأن نصف المشهد قارب على الاكتمال، وهو النصف الخاص بالفتاة، لخيار شخصي لدى الفتاة، أو بسبب خوفها من الذئاب البشرية المتربصة بها عند النواصي وفي الطرقات. هؤلاء الباحثون عن الفتيات للتعرض لهن بتحرش بصري، أو تحرش لفظي، أو قد يصل المشهد، أحياناً، إلى التحرش الجسدي، يتوجب علينا ألا نتهاون مع سلوكهم هذا.

من الإنصاف عدم إطلاق الحكم المعمم على جميع الشبان، لكن، تبقى القلة المنحرفة تسيء لعموم الشباب، ما لم يتم إيجاد علاج حقيقي لهذه الظاهرة. مجرد التجوال في الشوارع والميادين العامة كفيل بأن يخبرنا بأن ظاهرة التحرش أصبحت واقعاً مريراً تعيشه مصر. يبقى التحرش ظاهرة، أما عن أسبابها، فمن الجور والظلم أن نعزوها إلى عامل واحد. بل هي عدة عوامل اجتمعت، منها على سبيل المثال، تنافس منتجي الأفلام على صناعة الفيلم الأكثر ابتذالاً وخدشاً للحياء، وتنافس القنوات ودور السينما لعرضها. والأدهى أن يتحول الإعلام من وسيلة لتعميق الفكر إلى وسيلة لنشر الرذائل في المجتمع، وإلهائه بما يتعلق بالجوانب الشهوانية. من الأسباب أيضاً، ذلك الكبت الذي يؤدي إلى الانفجار أحياناً، عند بعض الشباب، بسبب ضغوط البطالة، وما تسببه من رذائل مجتمعية، إضافة إلى سطحية الوعي، وانتشار الثقافة الأنانية، وما إلى ذلك من ظواهر، ينتجها انعدام ثقافة عامة، وضعف الانتماء للمجتمع.

فيما يتعلق بالحلول المقترحة لهكذا ظاهرة إشكالية، تلقي بظلالها على حياتنا اليومية، ودرجة الأمان التي يستشعرها المجتمع، فبعضهم يرى أن الحل لمشكلة التحرش يكمن في الانفتاح الجنسي، مستشهداً بتجربة دول الغرب. ولكن، في هذا التوجه ما يتعارض مع الأسس الدينية والثقافية التي يقوم عليها مجتمعنا، أيضاً فإنه لا يشكل حلاً ناجعاً، فإذا ما نظرنا إلى الولايات المتحدة، مثلاً، والتي تعد من البلدان المنفتحة جنسياً، نرى أن حالات الاغتصاب فيها تصل إلى نحو ستين ألف حالة اغتصاب شهرياً. بينما يرى آخرون أن الحل يكون بإيجاد قانون صارم، وتطبيقه، بحيث توجد عقوبات معمقة لمرتكبي التحرش وما يتعلق به من ممارسات. أيضاً، هناك من يرى الحل في القبضة الأمنية طرحاً يسهل تناوله، كلما ظهرت مشكلة ما. هذا على الرغم من أن آخر حادثة تحرش اشتهرت كانت قد وقعت في ميدان التحرير، تحت مرأى ومسمع قوات الشرطة الغفيرة التي كانت تحيط بالميدان.

إذن، هي مشكلة معقدة ومركبة، يسهم فيها سوء الأخلاق، والاستعمال السيء للإعلام، والكبت عند الشباب. لذلك، فإن طرق حلها ستكون بدرجة التعقيد والتراكب نفسها، من إصلاح للمنظومة الإعلامية لتصبح وسيلة تنوير وبناء، ونشر الخطاب الديني المعتدل الذي لا يُخل بالمبادئ، ويلقى قبولاً لدى الشباب.
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
إسلام فتحي (مصر)
إسلام فتحي (مصر)