Skip to main content
في انتظار مأدبة مأتم الاتفاق النووي

فرح الزمان شوقي
يترقب الجميع في إيران مصير الاتفاق النووي(فرانس برس)

يقترب موعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قراره المتعلق بالبقاء في الاتفاق النووي أو الانسحاب منه، وستؤدي الحالة الثانية لانهياره بالكامل.

صحيح أن إيران معنية بالحفاظ على الاتفاق الذي يحقق لها مكتسبات سياسية واقتصادية على حد سواء، لكن يوجد فيها صقورٌ لا ينظرون من هذه الزاوية ويراقبون التطورات الحاصلة عن كثب، ويترقبون انهيار الاتفاق، وهو ما سيصب لصالحهم في الداخل بالدرجة الأولى.

اعترض الطيف المتشدد من التيار المحافظ على الاتفاق منذ الإعلان عنه في يوليو/ تموز عام 2015، بل وأبدى هؤلاء تحفظاً واضحاً على المفاوضات مع الغرب عموماً، وعلى التفاوض الثنائي مع المسؤولين الأميركيين بشكل خاص. المتشددون، يعلمون أن المفاوضات النووية والاتفاق الذي نتج عنها جاءا بضوء أخضر من المرشد الأعلى علي خامنئي وأنه هو من وافق على الحوار، لكن خامنئي هو نفسه من قال في اليوم الأول من عمر الاتفاق إنه لا يتوقع خيراً من الولايات المتحدة. ويستند المحافظون لهذه المقولة، ويتوقون الآن لموت الاتفاق، ليحضروا المأتم الذي سيعود عليهم بالفائدة السياسية.

زوال الاتفاق يعني أن تياري الاعتدال والإصلاح لن يكونا في موقف يحسدان عليه داخلياً، كون المحافظين سيستفيدون كثيراً من الأمر من بوابة احتمال تراجع شعبية روحاني ومن معه، فهذا الأخير ومنذ أن خاض سباقه الرئاسي الأول ركز على أن الشارع الإيراني لا تعنيه إلا المطالب الاقتصادية والمعيشية، التي تتلخص في إلغاء العقوبات ورفع الحظر، وهو ما حصده إثر الاتفاق النووي، لكن ذلك لم يطبق بالشكل الأمثل خلال السنوات القصيرة من عمر الاتفاق، لا لعدم اتصال إيران بالنظام المالي الدولي أو لتكرار التهديدات الأميركية التي أخافت الآخرين وحسب، وإنما لاستمرار فرض عقوبات جديدة على إيران استهدفت قطاعات غير نووية، وهو ما يعني أن نبوءة المحافظين قد تحققت والتي قالت إن أميركا والغرب لا يريدان لإيران أن تعيش في سلام، وستتجاوز مطالبهما النووي.

انهيار الاتفاق سيحقق فائدة ثانية ستكون لصالح المحافظين بشكل خاص وللنظام في إيران برمته بشكل عام، فعودة العقوبات النووية تعني أن الشارع الايراني سيتوحد على اختلاف مطالبه وأطيافه، حتى أولئك الذين يؤيدون الانفتاح على الغرب سيرفضون الإملاءات الأجنبية بعد أن التزمت إيران من طرفها بتعهداتها وخانها الآخرون، وهو ما تتحكم به الطبيعة والعقلية الإيرانية التي شكلتها قرون طويلة من تجارب مريرة مع "الغرباء".