فيلم "وردة": كاميرا ثابتة وقاتلة

فيلم "وردة": كاميرا ثابتة وقاتلة

05 اغسطس 2015
لقطة من الفيلم
+ الخط -

بعد أن حقّق فيلم الرعب المصري "وردة" (2014)، إخراج هادي الباجوري وتأليف محمد حفظي، إقبالاً جماهيرياً عند عرضه في الصالات السينمائية المصرية، حظي مؤخراً بعرض رسمي ضمن فعاليات الدورة التاسعة عشرة لـ"مهرجان بوتشون السينمائي الدولي" الكوري.

يختار كاتب السيناريو بطل حكايته مخرجاً للأفلام الوثائقية؛ وليد شاب مصري يعيش في هولندا، سيعود إلى قريته مع صديقته آمنة بغية تصوير كل ما يحدث في بيت عائلته، بعد معرفته بأن أموراً عجيبة تحصل بعد أن سكن الجن أخته وردة، ونعرف أنه سبق وسكن الجن أخته فاتن وماتت قبل سنوات.

يتوزّع الفيلم على خمسة أقسام/ أيام متتالية، تُنقل أحداثها، بالتناوب، بواسطة كاميرا صغيرة خاصة بالبطل، إضافة إلى ما تنقله كاميرات المراقبة. يجلس وليد أمام كاميراه في نهاية كل يوم ويروي ما حدث خلاله.

لا يجد وليد أي تفسير منطقي لتوالي الأحداث الغريبة في المنزل (أصوات أعيرة نارية من دون سبب، قرع على الباب، أرنب أبيض مقتول.. إلخ). في اليوم الثالث، تغادر آمنة إلى أوروبا، ويبدأ وليد بالانصياع تدريجياً لرغبة الأم في إحضار الشيخ بدلاً من أخذ أخته إلى طبيب في العاصمة.

بعدها، يأتي الشيخ وتبدأ طقوس إخراج الجن من جسد وردة، لكنه لا ينجح بذلك. في اليوم الخامس، تقتل وردة أمها، كما يموت وليد بعدها. ونقرأ في نهاية الفيلم بأنه تم العثور على جثة الأم وابنها بعد أيام، وأن النيابة قد تحفّظت على الكاميرات التي عثر عليها، ووردة أودعت في مستشفى للأمراض العقلية.

وفي علاقة الخيار الفني مع حكاية الفيلم، نجد أن جميع مشاهد الفيلم مصوّرة من قبل الممثلين؛ لأن وليد عاد إلى قريته ليصنع فيلماً تسجيلياً سيضعه على مدوّنته. وفي الوقت نفسه، يمثّل وليد الشاب الريفي "المتنوّر" الذي ذهب إلى أوروبا لدراسة السينما رغم رفض والده الفلاح لذلك.

عودته تمثّل دعوة منه إلى أن يؤمن الجميع بـ "العقل والعلم"، وضرورة الابتعاد عن هذه الخرافات. وللغرض نفسه، يصطحب معه كاميرات حديثة وجهاز "آبل"، وصديقة جميلة تعيش في أوروبا يدخن معها الحشيش ويشربان الفودكا على سطح المنزل الريفي.

يمثّل وليد نموذجاً لفئة من المهاجرين في أوروبا؛ فئة ترى بيئاتها متخلفة وروحانية وعاطفية، بينما يمثل "الغرب" بالنسبة لها العقل والعلم فقط. بالمعنى السابق، يبقى الشرق شرقاً والغرب غرباً، وتظل الفئة السابقة تردّد في نتاجاتها "الثقافية": "أهلنا متخلفون، ولكن انظروا كم هم ظرفاء".

النماذج السابقة تمتاز بتقلبها بين الأوهام في رأسها، وهو ما يطحنها عند أبسط المواقف؛ كما حدث مع وليد في الفيلم: يضع قدمه في الغرفة المعتمة فيطير بسبب الجن ويصطدم بالكاميرا المثبتة على الجدار، فيموت.

دلالات

المساهمون