Skip to main content
فوز مادورو بولاية ثانية يعمق مأساة الاقتصاد الفنزويلي
العربي الجديد ــ بيروت

تستعد فنزويلا للانتخابات الرئاسية المقررة اليوم الأحد، وهي الثانية بعد وفاة الرئيس السابق هيوغو شافيز في العام 2013، وسط توقعات بفوز الرئيس الحالي نيكولاس مادورو بولاية جديدة، في ظل مقاطعة المعارضة هذه الانتخابات.

وشهد عهد مادورو الكثير من الانهيارات الاقتصادية المتواصلة، وهو ما يتوقع أن يستمر خلال الولاية الثانية في حال فاز بها، إثر اعتراض المجتمع الدولي على إجراء الانتخابات، والعقوبات التي من المتوقع أن تفرضها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

واشتدت الأزمة الاقتصادية الفنزويلية منذ 2014 بعد انخفاض أسعار النفط إلى مستويات قياسية، خصوصا أن هذا البلد يعتمد بنحو 96% من إيراداته على إيرادات النفط، ما أوصل البلاد إلى أزمة اقتصادية خانقة رفعت مستويات التضخم بشكل مهول، ودفعت العملة المحلية إلى الانهيار، إضافة إلى إحداثها نقصا شديدا في المنتجات الاستهلاكية.

العقوبات

 
تواجه فنزويلا عقوبات اقتصادية من الولايات المتحدة منذ عام 2013، بدأت في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، وتم تشديدها في عهد الرئيس دونالد ترامب في بداية عام 2017، كما اعتمدت الولايات المتحدة لأول مرة العقوبات المالية ضد الحكومة الفنزويلية.

وتملك أميركا ورقة ضغط كبيرة على الاقتصاد الفنزويلي، إذ تشتري نحو ثلث النفط الفنزويلي، ما يعني أن أي عقوبات إضافية ستشد الخناق على الاقتصاد المتعثر أصلا.

وتهدد الولايات المتحدة بفرض مزيد من العقوبات، وهو ما تجلى اليوم في فرضها عقوبات على الرجل الثاني في كراكاس ديوسدادو كابيو بسبب اتهامات بالفساد. كما أنها تهدد بوقف التعاملات المالية والتجارية مع البلد، في مسعى إلى فرض مزيد من الضغط على الحكومة.

وفرض البيت الأبيض في أغسطس/ آب 2017، عقوبات مالية من ضمنها حظر شراء سندات الخزينة التي تصدرها الحكومة الفنزويلية، أو شركة النفط الوطنية، ولوح بإمكانية التدخل العسكري في فنزويلا.

الديون الخارجية

 
ترزح فنزويلا تحت أكثر من 150 مليار دولار من الديون، في وقت إن احتياطها من العملة الأجنبية شارف على النفاد.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت وكالتا "فيتش" و"ستاندارد أند بورز" للتصنيف الائتماني، خفض تصنيف فنزويلا إلى حالة تخلف جزئي عن سداد ديونها بعد فشلها في تسديد دفعات مستحقة عن سنداتها السيادية.

ويعني خفض التصنيف عدم تلقي حاملي السندات دفعات فوائد مستحقة على السندات السيادية التي تستحق في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 و13 أكتوبر 2024.

وتراجع احتياطي فنزويلا من النقد الأجنبي إلى 9.7 مليارات دولار، بينما كان يتعين عليها دفع ما بين 1.47 و1.7 مليار دولار نهاية العام الماضي، إضافة إلى نحو 8 مليارات دولار خلال العام الجاري.

التضخم

 
في يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن البرلمان الفنزويلي، الذي تسيطر عليه المعارضة، أن معدل التضخم في فنزويلا زاد في العام الماضي 2017 عن 2600%، في حين تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 15%.


وقال رافاييل كوزمان عضو لجنة الشؤون المالية في البرلمان، إن "معدل التضخم لشهر ديسمبر/كانون الأول بلغ 85% ليصل بذلك إجمالي التضخم في 2017 إلى 2616%".

وكان نظام الرئيس نيكولاس مادورو حاول التصدي لارتفاع الأسعار الجنوني في 2017، بزيادة الحد الأدنى للأجور مرة تلو الأخرى، بمعدل مرة كل شهرين كان آخرها في 31 ديسمبر/كانون الأول.

وبعد الزيادة الأخيرة أصبح الحد الأدنى للأجور، بما في ذلك الراتب والقسائم الغذائية، يساوي 797.5 ألف بوليفار أي ما قيمته 238 دولاراً، بحسب السعر الرسمي، و6 دولارات فقط بحسب سعر العملة الأميركية في السوق السوداء.

وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فإن معدل التضخم في فنزويلا سيصل في 2018 إلى 2350%.

وكان هذا البلد النفطي من أثرى بلدان المنطقة في ما مضى، وينتج 70% مما يستهلك. وقال رئيس نقابة فيدياغرو الزراعية أكيليس وبكينز في حديث سابق إلى "فرانس برس"، إن هذه النسبة بقيت بمستوى 30% عام 2017، بفضل مخزون متبق من الأسمدة والحبوب، مضيفا "ليس لدينا أي شيء للعام 2018".



العملة

 
في مارس/ آذار الماضي، أمر مادورو بتغيير الوحدة النقدية للعملة المحلية المتداعية "البوليفار" من خلال حذف ثلاثة أصفار من قيمتها. وقال مادورو إن الإجراء سيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الرابع من يونيو/ حزيران، وإنه لن يكون له أي أثر على قيمة البوليفار.

ويظهر الإجراء انهيار البوليفار الذي هبط 99.99% مقابل الدولار في السوق السوداء، منذ مجيء مادورو إلى السلطة في إبريل/ نيسان عام 2013.

الفقر

 
فنزويلا المطلة على جبال الأنديز وغابات الأمازون وشواطئ الكاريبي من بين الدول التي تمتلك أكبر مخزون من النفط في العالم، فضلا عن كميات كبيرة من الفحم والحديد والذهب.

وعلى الرغم من الخيرات والثروات التي تزخر بها البلاد، فإن أغلب الفنزويليين يعيشون في فقر مدقع، ويقطن الكثيرون منهم في بيوت من صفيح يمتد بعضها ليصل إلى التلال المجاورة للعاصمة كاراكاس. 

ويتقاضى حوالى 13 مليون فنزويلي الحد الأدنى للأجور من أصل قوة عاملة تصل إلى نحو 19.5 مليون شخص، وفق أرقام الحكومة. ويمكن بمثل هذا الأجر شراء 30 بيضة وكيلو لحم وكيلو سكر وكيلو بصل.

النفط

انخفض إنتاج النفط في فنزويلا 13% العام الماضي، إلى أدنى مستوى سنوي في 28 عاما، ليصل إلى 2.072 مليون برميل يوميا في 2017 مقارنة بـ2.373 مليون برميل يوميا في 2016 مسجلا هبوطا يبلغ حوالي 300 ألف برميل يوميا. وفي 2018، واصل معدل الإنتاج الانخفاض ليسجل 1.5 مليون برميل يوميا.

والحال، أن من البديهي أن يأخذ الاقتصاد الفنزويلي جرعة من الهواء مع ارتفاع أسعار النفط، ولكن زيادة إيرادات النفط مرتبطة بحيثيتين أساسيتين، وهما تخفيف العقوبات الأميركية على هذا البلد خصوصا في المجال النفطي وهو ما يرجح عكسه في حال فاز مادورو، إضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية الفنزويلية في مجال النفط لرفع قدرتها الإنتاجية.